20 ديسمبر، 2024 5:16 م

الثانية عشرة بتوقيت بغداد – عام يمر

الثانية عشرة بتوقيت بغداد – عام يمر

في مثل هذا اليوم وصلتني رسالة مشؤمة من احد الأصدقاء ، دس فيها وداع اخير بعد ان سقطت مدينته “الموصل” بيد داعش كان وداعا مؤلمًا جدا !. تخيل نفسك وانت تقرا من يواجه الموت وتقف عاجز عن فعل شيء له  تماما !.
  تسجل ذاكرتي من ذلك الحين احداث كثيرة و تقلبات ثقافية مختلفة و أقنعه لاناس ادعوا العلمانية و الانتماء الوطني يغطون بها بشاعة انتمائهم الطائفي الذي بان بعد ذوابان القناع بفعل حمى الاضطراب السياسي  .
 مشكلة العراق ليست دينية بذات الدين و الاختلاف الفكري الفقهي بين مذهبين بل القضية هي قضية زخم سياسي أطلقه حزب الدعوة من جانب و هيئة علماء المسلمين و حليفها الحزب الاسلامي حتى تمخض ما اوصلنا له من صراع هويه و انتماء، بالاضافة الى صراع إقليمي يدخل به الأنف الفارسي و الكف الامريكية و اقدام روسيا و شماغات عرب الخليج ، هذا الصراع -اقصد به الصراع العراقي /العراقي وليس الصراع الإقليمي الذي استغل الصراع العراقي/العراقي لتصفيته حساباته –  ليس صراعا بين الحق و الباطل و ليس بين الظلمة و المظلومين باي شكل ولا بين الحقيقة و الوهم  ، فالطرفان يمتلكان قائمة طويلة من الحجج و الاّراء و القناعات السياسية  المقدسة بفعل العنوان الديني و التي سيحددها  مكان ولادتك في بيئه معينة  . و الاخيرة ستكون المعيار الأساسي  لتبني قائمة من الاّراء و التحالفات و العداوات الموروثة    !.
لا حيادية في الموضوع و لا منطق و لا خيار أمامك سوى الاندراج تحت ذلك الانتماء و ثقافة الهوية التي تصنع رأيك الذي يشكله الوعي الجمعي لطائفتك وقومك !. قد يكون استهدافك تحت عنوان معين هو سبب قولبتك في خندق من ستكون ضعيفا بدونهم !.
قبل فتره سألني احد الأصدقاء عن الطريقة التي أتمكن بها من التجرد  السقوط في  شبكة عنكبوت تلك الانتمائات ؟.
لازلت أظن منذ وقت طويل ان على الانسان الذي يجد نفسه هدفا لأسباب طائفية و يضطر للدفاع عن نفسة ويرغب بالبقاء بعيدا عن تركه هذا الصراع ان  يفكر بطريقة مخالفة للمقابل ، فكان جوابي باني لن أكون أحمقا مثل خصمي فاسمح لنفسي الحكم عليه بنفس طريقته بالحكم عليّ انا كإنسان ، فان كان هو يقاتلني كشيعي فلن أشاركه تلك الحماقة لادافع عن نفسي ضده لكونه “سني” بل دفاعي سيكون لانه معتدي ، فمشكلتي معه هي الاعتداء و ليس الانتماء !  . سيبقى أمثال هؤلاء عندي كضحايا للبيئة و الثقافة التي تقود سلوكياتهم وقراراتهم اليومية قبل ان يكونوا مجرمين اصابهم جنون التوحش و نسيان المدنية و القانون الذي يحفظ حقوق الجميع كمواطنين متساوين بالحقوق  !.
 تلك الأحداث -احداث العام- كانت قد سببت نهاية   لصداقتي بالعديد من الأصدقاء بسبب ما أطلقته من آراء رفضوا استيعابها ، لا اقصد هنا ادعاء الاعلمية و كوني على حق ، بل قصد الاستيعاب و التقبل بالاختلاف الذي رفضوه !. لفتره طويلة حذرنا من فساد المؤسسة الأمنية ، حذرنا من الاستمرار بالانغلاق السياسي تجاه ساحات الاعتصام التي كان من الممكن تذويب شرورها بالدبلوماسية السياسية بدل العنتريات ، انتهى الامر بوضع اسوء وخسرنا ثلث العراق ! ولازلنا نخسر المزيد من الأرواح و الأموال بسبب حماقة الابتعاد عن الدبلوماسية  . 
سيل المثقفين أطلقوا شتائمهم على كل من لم يجامل مزاجهم العاطفي ، ومن ثم تطور الامر الى التخوين ، ثم الى التشهير ، حتى بات فضاء التنوع الثقافي في الشارع الثقافي العراقي ، فضائا بلون واحد ، يسيطر عليه فكر واحد لا يقبل أصحابه بغير ارائهم ومن خالفها فقد حلت عليه اللعنات و الطعنات بكل شكل ممكن .
عام على سقوط الموصل لم نعرف من سبب التقصير في مجريات أحداثها !
عام على شهداء سبايكر و جريمة قتلهم الغامضة !.
وبمناسبة هذه الذكرى مددت أمريكا فتره توقعاتها لإنهاء الحرب مع داعش الى خمسة سنوات ! .
فما هو مصيرنا يا ترى و ما القادم بعد كل هذا ؟.
هل سينتهى زماننا المشؤم؟.  ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات