6 أبريل، 2024 7:51 م
Search
Close this search box.

الثانية….حقبة سفر

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم يزل عبد الله مستغرقا في زمن العودة الى ذلك الزمن فقد مرت لحظات وأضيفت اليها اخرى حيث كان المشهد الاتي :-
البيت الكبير مزدان والشموع مضاءة في كل ركن وقد فرشت الارضيات بالسجاد الثمين فجعفر او الحاج جعفر جد عبد الله بن عبد الرحمن احد كبار التجار في مدينته (المرسن) هكذا هو اسم المدينة.
هو الان يتحدث :-
…..كنت اذ ذاك في السابعة من العمر فكما ذكرت سابقا بأني بكر ابي وابي هو الاخر بكر ابيه (جدي) كنا في ذلك اليوم ننتظر عودة جدي بعد اداء فريضة الحج المقدسة.
استذكر لحظات وداعه في المطار واحتضانه وتقبيله فجدي مزيج من الحنان والشدة والعاطفة والحزم وهو في هذا السن في عقده السادس لم يزل مفتول العضل وسيما محتفظا بالشباب والفتوة حتى ان الكثيرين يضنون انه شقيق ابي وليس والده.
خفق قلبي اذ سمعت الضوضاء والاصوات الفرحة مؤذنة بوصول جدي وركضت بين المتزاحمين وحين ترجل من السيارة التي كانت تقله اوشكت ان ارتمي في احضانه لكن جدتي جذبتني اليها ودفعت بزوجة عمي هاتفة بكلام لم افهمه وإذ ذاك رأيت زوجة عمي تستقبل جدي وتمد يدها الى حزامه الجلدي الذي يتمنطق به الحجاج عادة فتفك رباطه وكانت ترتجف خجلا ورهبة حتى انني تألمت لها حين رأيت تقاطر الدموع من عينيها الجميلتين وهنا قبلها جدي بحنان وكذلك فعلت جدتي ورفعا ايدهما الى السماء طالبين ان يرزقها بالولد الصالح .
ها…تذكرت
…. علي ان اشرح لكم الامر فزوجة عمي هذه لم ترزق بمولود لغاية هذا التاريخ وكان قد مضى على زواج اعمامي اربع سنوات اذ رزق عماي الاخران بمولدين لكل منهما كما ان والدتي انجبت تؤام من الاولاد اضافة لأخي واختي فكان مجموع الاحفاد تسعة احفاد سبعة منهما ذكور واثنتان انثيان فقد تحققت نبوءة جدتي ومقولتها القديمة بأن أكثر مواليد عائلتنا ذكور لكن الامر كان مختلفا مع زوجة عمي بهيج وتدعى(سمية )اذ لم ترزق بالولد بعد فكانت جدتي دائمة الاهتمام بها وحرصت على الذهاب الى اكثر من طبيبة وداية لمعرفة السبب فكان الجواب دائما انها بخير وذلك امر الله وقد سبب هذا الامر الما كبيرا للعائلة وحرصت جدتي على مرافقتها الى الأضرحة المقدسة للائمة الاطهار وكذلك عرضتها على الاطباء فكما ذكرت لكم كانت النتائج صحيه وسليمه ولكن ارادة الله شاءت بأن يتأخر امرها لأربع سنوات وقبل عودة جدي من الحج زارتنا الحاجة ام مروان واخبرت جدتي ان على زوجة عمي ان تكون اول المستقبلين لجدي وتبادر الى فك حزام إحرامه فقد يكون ذلك سببا لفك عقدة عدم الانجاب .وهكذا فعلت .
دعوني اذكر لكم ان زوجة عمي سميه تتميز عن الاخريات وان كن جميعا محترمات بأنها على جانب كبير من الادب اضافة الى جمال باهر فاقت جميع نساء الدار و المنطقة حتى صارت مضربا للمثل بالجمال اضافة الى ذلك عفاف واحترام للذات وللأسرة وما زاد تعلقنا بها خاصه نحن الصغار عطفها وحنانها الذي تشمل بهما الجميع فكنت اراها تهرع الى امي حين يلم بها اي خطب وكذلك فعلها مع الاخرين ولذا كانت لها مكانه مميزه عند كل من جدي وجدتي وابي واعمامي وزوجات اعمامي وايضا عماتي فكان اول سؤال أي عمة من عماتي حين زيارتهن عن اخبارها وهل هناك بشاره في الطريق ولا اخفيكم انني بذلك السن الصغير كنت اتألم حين أراها حزينة ويائسة لهذا الحرمان فكم مره رأيتها تهمس بكلمات لأمي والدموع تترقرق في عينيها ولكنها سرعان ما تبادر الى منديلها تجفف به دموعها حين تراني اقبل عليهما وتدعي ان عينيها تؤلمانها ربما لتخفي حقيقة حزنها مراعاة لمشاعر الاخرين فهي تترفع ترفع عن اثارة عواطفهم او ان تكون سببا لحزنهم حتى ولو لحين.
…………………………………………..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب