23 ديسمبر، 2024 12:36 ص

الثامن من الفوضى !

الثامن من الفوضى !

ان العاطفة الغالبة على الشعب العراقي هي التي تؤجل وتسوّف الاسئلة المهمة : ماذا انجز الزعيم من قوانين ؟ كيف تضمن الثورة عدم توالي الهزّات الاجتماعية والسياسية بعنوان ثورة وثورات مضادّة؟وما هو ناتج التحوّل السياسي وتأثيره القريب والبعيد على معيشة المواطن ؟
والأهم : هل كانت الثورة ضرورية ؟
هذه الاسئلة وسواها ستظل حبيسة المخبأ العقلي المتعاطف بحرارة مع الفعل الثوري ، وبدلاً من البحث والاجابة ، ستجد المزيد من الاسباغ الغَيْبي والبُعد الماورائي على شخصية الزعيم والثائر . ستجد ايضاً ان الاخلاقيات تتقدم على المنجزات ، وبصورة غريبة ستجد عبد الكريم قاسم ينام في بيحاما مخططة وصدام يشوي لعائلته اللحم ، والمالكي يتناول الغداء بالدشداشة ….كأدلة واثباتات على التواضع والزهد والبساطة والانسانية رغم كل الالقاب وشهادات الدكتوراه والحروب والايتام والمقابر والغازات المسيلة والاخطاء التاريخية والاعداء الافتراضيين.
ان التعاطف الجمعي مع الصورة المقدمة من قبل الاعلام والمريدين لشخصية الزعيم ، باتت هي الحالة المرضية المزمنة والتي قد يبدو الخلاص منها صعباً  بدرجة من الصعوبة التي تمنع القائد الاسطوري والتاريخي من تبليط شارع او سنّ قانون او اصلاح منظومة فاسدة.
ان هذا الخلل في الذهنية العامة ، كان ولا يزال يشكّل نفق الرُعب الذي تعبر من خلاله وسائل الانقاذ والديمومة للديكتاتورية ، فلتجنب النقد والمحاسبة يكون الهروب نحو الحرب ، وبدل الاجابة عن اسباب الفشل ستجد عبارات متهرّئة مثل : لا احد يفهم فكر الزعامة ، او (ما يخلوا يشتغل) ، او تآمر المتآمرين وخيانة المقربين ….وصولاً الى الإدانة الكاملة لشعب بأسره من اجل انقاذ صورة الزعيم !
لا ادري حقاً كم من الاجيال سنحتاج لتنظيف تلك العقلية ، كما لا ادري يقيناً كم جيل يحتاج لسحقه الزعيم كي (يعرف يشتغل) ويبلّط الشارع ويصلح الكهرباء….‏‫‬