قد يبدو من العنوان أن المقال يتعرض للمسيح وعقيدة الثالوث المقدس لديهم ، ولكن حقيقة الأمر ليس كذلك ، فالموضوع لا يخص المسيحيين وهم أبعد الناس عنه رغم أن المسيح هم جزء من سكان العراق ، ولكن المقصود بالثالوث المقدس في العراق هو من يتحكم بمقدرات العراق من الدول الأخرى نتيجة لتدخلها بشؤونه ، وهي ثلاث دول ظهر تنازعها وتنافسها في الساحة العراقية بوضوح ، وأما قدسيتها فلأن لكل منها من يؤيده ويدعو له ويدافع عنه من أبناء الشعب العراقي ، وأعتقد أنه ليس من الصعوبة على القارئ أن يحددها وهي كل من أميركا وإيران والسعودية ، وإذ تتنافس هذه الدول على أرض العراق لتحقيق أهدافها على حساب بعضها البعض فإنها في فترات من الزمن أو في مواقف معينة يبدو للمتابع وكأنها على اتفاق ولا يوجد بينها أي اختلاف ،
وهذا الاختلاف الظاهر إنما هو لذر الرماد في العيون أو من أجل اكتساب حصة من الكعكة العراقية أكثر من الآخر ، والغريب في أمر هذه الدول ليس اختلافها أو اتفاقها فهذا تابع لمصالحها ، ولكن الغريب انقسام الشعب العراقي بين مؤيد لهذه الدولة أو تلك رغم أن الشعب يعرف جيداً إنها جميعاً لا تهتم إلا لمصالحها القومية ولا تقيم وزناً لمصلحة الشعب العراقي ، والأغرب أن الأمر لم يقتصر على التأييد ، بل وصل إلى التقاتل بين أبناء الشعب من أجل الحفاظ على مصالح هذه الدول ، فإذا ما كان الصراع هو المتسيد بين هذه الدول فإن الحطب والوسائل والجنود هم أبناء العراق ، وإذا اتفقت هذه الدول فإن الحطب والوقود هم أبناء العراق أيضاً ، فلا اختلافهم ينفعنا ويصب في خدمة شعبنا ولا توافقهم أيضاً يخدمنا .ولكن كيف استطاعت هذه الدول أن تكسب ولاء الكثير من أبناء الشعب العراقي لصالحها حتى يبدو للناظر إن الشعب العراقي لا ولاء له لوطنه وإن كل أبناء العراق هم عبارة عن خونة للوطن ؟ ويبدو أن هذه الدول عرفت من أين تؤكل الكتف فهي تعرف أنه من غير الممكن أن تجعل من الشعب أو غالبيته تابعاً لها ؟ ولهذا فكرت وفكرت “
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ” حتى توصلت للسيطرة على الرموز سواء كانت سياسية أو دينية ومن خلالهم يتم السيطرة على الشعب المسكين الذي يتصور أنه ضد مشاريع هذه الدول ولا يعلم أنه ينفذ مخططاتها عن طريق الرموز السياسية والدينية ، وإذا كان شاعر العراق الكبير بدر شاكر السياب يتساءل في قصيدته غريب على الشاطئ ويتعجب كيف يخون الخائن بلاده فيقول :إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنونأيخون إنسان بلاده ؟إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟فإننا نجد المفكر المرجع العراقي السيد الصرخي يتساءل أيضاً ( أميركا والسعودية وإيران وغيرها تبرر تَدخّلها في العراق بأنها تفعل ذلك من أجل مصالحها وأمنها القومي وتنفيذاً لمشاريعها الخاصة أو العامة ، ولكن بماذا يبرر السياسيون الخونة خيانتهم للعراق وشعبِه وعملِهم من أجل تنفيذ مصالح ومشاريع الدول الأخرى ؟ ) ولأن مصائب الشعوب تأتي من هؤلاء الخونة فقد قال أحد السياسيين ( إذا أردت تحرير وطن ضع في مسدسك عشر رصاصات ، تسعة للخونة وواحدة للعدو ، فلولا خونة الداخل ما تجرأ عليك عدو الخارج ) ولكي لا نذهب مع هذا السياسي إلى الدعوة إلى القتل ، فنحن نقول ( إذا أردت تحرير الوطن فاطرد خونة الداخل وسوف يخرج العدو الخارجي ) .