23 ديسمبر، 2024 12:54 ص

الثالث من آب … تأريخ أسود

الثالث من آب … تأريخ أسود

قبل عشر سنوات خلت كانت شنكال في الثالث من شهر آب المشؤوم على موعد مع القدر غير محتسبين لما سيحل بهم لإنهماكهم بمصالحهم اليومية وعلى حين غرة تعرضت لهجمة بربرية صفراء تخللتها موجة إعلامية مشبوهة لبث الإشاعات المغرضة من خلال الطابور الخامس بتوجيه من الخلايا النائمة وبالتعاون مع الذين إرتضوا لأنفسهم أن يكونوا حواضن للمجرمين حتى ساد الهرج والمرج في سويعات قليلة ودب الذعر في النفوس والقلوب الى الحناجر أقرب حيث غدت القدرات العقلية محدودة لا تتعدى لملمة ما خف من متطلبات سفرة غير معدة لها سلفا” لطريق مجهول تاركين وراءهم أموالهم وممتلكاتهم وما لذ وطاب من حطام الدنيا الذي جمعوه في سنوات شقائهم وكد أيديهم وبعرق جبينهم وغصت الشوارع والأزقة بالسيارات والمواطنين في مشهد مهيب يتسابق فيه الشيوخ والأطفال والنساء لتوديع الأهل والأقارب بعد أن توشحت المدينة بالسواد كسواد نية الظلاميين الحاقدين لتتحول الى مدينة أشباح وهاجس الخوف والجزع يعلو محياهم قاصدين مكان آمن هرباً من بطش المجرمين الذين تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء ليحتموا في سفوح وكهوف وأودية الجبل الشامخ حيث لا طعام يغنيهم من الجوع ولا ماء يروي ظمأهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وعويل النساء وبكاء الأطفال يشق عنان السماء ويتلاطم صدى نحيبهم الوديان فلا منقذ ولا ناصر لهم بعد دخول عصابات داعش الإجرامية وعاثت في الأرض الفساد وأثخنت الجراحات وبالغت في القتل الجماعي من نحر وقتل وتعذيب وسبي وإغتصاب بأبشع الطرق الوحشية وبيعت النسوة في سوق النخاسة كالعبيد في دول الجوار وتم تفخيخ وتفجير المزارات والكنائس والجوامع في سابقة خطيرة هزت ضمير الأنسانية جمعاء والتي لم تشهدها شنكال في تأريخها الحافل بالفرمانات والغزوات لتسجل وصمة عار في جبين خوارج العصر .
يقيناَ لازالت شنكال تبكي لتذرف بدل الدموع دماً على فراق أهلها الطيبين بجميع مكوناتها بعد أن تعرضت الى أقذر عملية إبادة (الجينوسايد) لترتقي الى مستوى الجرائم ضد الأنسانية لا سيما بعد العثور على عدد من المقابر الجماعية التي ضمت رفات المئات من المغدورين من نضرائنا في الخلق وإخوتنا في الإنسانية من أبناء الشمس من الديانة الإيزيدية خاصة .
ناهيك عما تشهده المدينة حالياَ وضعاً غير محسود عليه لتعدد الولاءات فيها مما شكلت عائقاً أمام عودة النازحين وسبباً في تأخر إعادة إعمار بنيتها التحتية بعد أن كانت مثلاً وأنموذجاَ رائعاً للتعايش السلمي في صورة مصغرة للعراق بمكوناته كافة على مر الأجيال .
أما آن الأوان لأهل شنكال الأصلاء أن يعودوا الى مدينتهم وقراهم ويكونوا يداً وصفاَ واحداَ كالبنيان المرصوص أمام عاديات الزمن ويتركوا للتأريخ ما سيكتبه ليكون شاهداً على جرائم الإرهابيين ولابد من محاسبة من تلطخت اياديهم القذرة بدماء أهلنا وإحالتهم للقضاء ليقول كلمة الفصل فيهم وينسوا الماضي بمرارته ويتقبلوا الواقع كما هو وبما يحدوهم الأمل لمستقبل مشرق واعد لتعود الحياة الى سابق عهدها وتشرق الشمس من جديد بعد غياب طويل على ربوع مدينتنا الحبيبة .