كتب احد الأصدقاء قبل ايام بوستا جميلا على موقع التواصل ” فيس بوك ” خلاصته ” خرجنا من القرية الظالم اهلها وما تزال لعناتها تطاردنا ” وارى انه يقصد بالدرجة الأساس جواز السفر العراقي الأسوأ عالميا والشهادات الجامعية العراقية التي ترفض الدول معادلتها كأنموذج عن تلك اللعنة التي تطارد اهلها في كل مكان اضطروا للسفر او الهجرة او النزوح او اللجوء اليه، فضلا عن التحقق المبالغ به في وثائق العراقيين ومستمسكاتهم وجوازاتهم في جميع المطارات والموانئ والمرافئ والمحطات .. انا شخصيا واجهت هذه اللعنة في احدى دول الجوار حين ابتليت بـ – شمطاء – من اصول تتارية ابت ان توافقني او تفارقني ..شمطاء من تلك البلاد كرهتني بلا سبب بمجرد ان علمت بأنني عراقي وبدوري كرهتها ايضا لعلمها بذلك وربما لأنها شمطاء قد شاب وليدها وللناس فيما – يكرهون – مذاهب !!انه ثمن باهظ لصمت طويل على ظلم اطول لاتمحى اثاره بسهولة بين عشية وضحاها .فكتبت له معلقا ” عليك ان تتبع الخطوات التالية للخروج من القرى الظالم اهلها ” وتبدأ قولا وعملا بـ” واجعل لنا من لدنك وليا وجعل لنا لدنك نصيرا ” لأن الخروج من هكذا قرى لايعني نهاية المطاف ، موسى وقومه ابتلوا بتيه استمر 40 عاما في صحراء سيناء بعد خروجهم من قرية فرعون الظالمة ،ورفضهم دخول قرية الجبارين في القدس كبديل عنها ” وقالوا قولتهم الشهيرة ” فاذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ” فمنهم من آمن ومنهم من كفر …اصحاب الكهف ابتلوا بسبات استمر 309 اعوام…هجرة المسلمين الى الحبشة وعودتهم بعد ذلك حين بلغهم أن أهل مكة قد أسلموا” حتى إذا دنوا من مكة بلغهم ان الخبر غير صحيح ، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة مستخفيًا أو في جوار رجل من قريش!! .ومن التيه ان تعيش طويلا رغم انفك في بلاد الغربة وان كنت معززا هنالك ومكرما …ومن التيه ان ان تموت وتدفن في ارض الغربة وفي مقابرها ..ومن التيه ان تموت امك ويمرض ابوك وليس بأمكانك تشييعهما او عيادتهما …. من التيه ان يسجن رفاقك ، يفصل زملاؤك ،يفتقر احبابك ، يفترق خلانك وليس بامكانك الوقوف معهم او مع اهليهم على اقل تقدير .. كما ان من السبات ان تختزل العراق ، كل العراق بأغنية لسعدون جابر” ياطيور الطايره ردي الهلي ” او بأكلة تشتاق لها غير موجودة في وطنك الجديد – افيش شمحلا الشيخ محشي ، ايبااااه على الحامض شلغم ، اويلي على خبر التنور ، اويلاخ على طرشي الموصل ، والدروس والواجبات ؟!” وطنك ليس اغنية وبلدك ليس – وجبة طعام – تذكرها اوقات الفراع او عند الحاجة ، واعلم بأن سباتك لايعني نومك رغدا وبلادك تحترق بأهلها بعد تفتيت السلطة اولا والدولة ثانيا والنسيج الأجتماعي ثالثا وصولا الى تفتيت الكتل المتآلفة كما وصفها ، حسن العلوي ، في لقاء متلفز ..تيهك لايعني اعفاءك من واجباتك في الدعوة والأصلاح لتغيير واقع القرية الظالم اهلها ولو من بعيد ولو من وراء البحار ..الا اذا كنت سعيدا بهذا الظلم ومشتركا فيه ومتلذذا به ومتمنيا بقاءه لطالما انت خارج اتونه ..اغاتي.