البعض منا عندما يسمع بكلمة التيه، وربما أول ما يتبادر إلى ذهنه، أن يتيه طفل صغير عن بيت والديه في بعض سكك المدينة، أو يتيه رجل في صحراء، ونحو ذلك لكن قل ما يتفطن الشخص إلى أن الأمم قد تتيه والشعوب قد تتيه والدول قد تتيه !!!
اذا قلنا بعد هذا كله بأن الأمم والشعوب قد تتيه، فإن الذهن ينصف إلى تيه بني إسرائيل، وكيف إن الله عز وجل جعلهم يتيهون في الأرض أربعين سنة، حتى هلك ذلك الجيل وخرج من أصلابهم جيل تم على يديه فتح بيت المقدس، أقول بأن الذهن قد ينصرف إلى هذا النوع من تيه الأمم والدول، وهو التيه الحسي، لكن هناك نوع آخر من التيه، وهو الذي تعيشه أمتنا هذه الأيام، ألا وهو التيه المعنوي، تيه في الأفكار، وتيه في التصورات، وتيه في المشاعر، وتيه في السلوك، وتيه في الأخلاق، وتيه في تعلم العلوم النافعة، وتيه في إصلاح أوضاع المجتمعات، وأنواع أخرى من التيه تعيشه أمتنا، فما تكاد تلتف يمنة ويسرة إلا وتجد التيه والضياع، تيه في مجالات الاقتصاد، وتيه في مجال الاجتماعيات، وتيه في مجال الإدارة، وتيه في مجال السياسة والاعلام ، وتيه في النظم ومجالات أخرى لا عد لها ولا حصر ؟
هذا كله والله أعلم قدر الله لإخراج أجيال صلبة قوية، نشأت وتربت في المعارك والحروب والازمات فتكون أصلب عودا وأكثر عتادا وأطول نفسا وأكثر وعيا بحقيقة المعركة التي تدور في الأرض بين دين الله وأعداء الله فيتربون كما تربت بنو إسرائيل في ذلك التيه !!!