23 ديسمبر، 2024 6:01 ص

التيار الصدري نتاج ثورة الشهيد الصدر الإصلاحية

التيار الصدري نتاج ثورة الشهيد الصدر الإصلاحية

ثورة الولي الطاهر محمد صادق الصدر أكثر الثورات التي تعرضت للمظلومية داخل الوسط الشيعي.. وذلك لأنها كانت تحمل مضامين عالبة لم يستطيع ان يستوعبها رجال الفقه ولا رجال السياسة في المؤسسة الدينية ….
واخر ما وصل اليه الوسط الشيعي في التعامل معها كونها ثورة سياسية لا أكثر.. وهو اجحاف كبير بحق هذه الثورة وجهل كبير في دوافعها ومضامينها العالية …
ان ثورة الشهيد الصدر ثورة دينية وليست سياسية.. وهي بالتالي تهدف الى انشاء مفاهيم وعلاقات واخلاقيات دينية صحيحة…..
فهي ثورة داخلية داخل المجتمع الشيعي.. ثورة تهدف الى انشاء تشيع جديد داخل التشيع العام التقليدي..
وهي ثورة جاءت لتجدد المشاعر الدينية القديمة التي تأسس عليها التشيع قبل ألف ومئات السنين…
لذا فأن التجديد في التشيع الذي أراده الولي اهداف ومميزات ومهام كبيرة المهمة الأولى لخط الصدر ان يكون معارضا للتشيع العام.. بكل ما أصيب به هذا التشيع من سطوة الاسترخاء والمحسوبيات والمصالح والشكليات وتسلل كوادر كبيرة الى صفوفه من الذين يتخذون الدين للكسب المعاشي وتساهلات خطيرة في الأمور العقائدية والروحية ….لذا جاء السيد الشهيد بمنطق الحدية المبدئية لينشئ بها تيار ملتزم بالقيم لا يجلس على طاولة مفاوضات ولا تحاصره الحسابات ولا يضطر للمساومات ولا يتخذ الدين غطاء لمصالحه الدنيوية وللكسب المادي وللجاه الاجتماعي وانما رساليا بمعنى الكلمة.. انه تيار يمارس التشيع داخل الشيعة مثلما كان أصحاب الائمة المعصومين داخل الامة في العصر الأول للإسلام …تيار يكون رافضيا بمعنى الكلمة لكل اشكال المساومات على حساب المبدأ..
هذه هي الميزة الأولى والهدف الذي كان يسعى اليه السيد الشهيد عندما استوعب في روحه الطاهرة.. ان الشيعة في زمن العولمة قد حاصرتهم العقلانية وان استلام جزء منهم السلطة قد أدى الى تسلل منطق الحسابات الدنيوية و الانشغال بالإنجازات المادية..
لذا كان لابد من فئة تأخذ على عاتقها دور الحماية للأبعاد الروحية في التشيع والحماية للكفاح الديني الحق من محاولات الالتفاف والتمييع..ومن هنا أرى ان تكليف اتباع الصدر هو المحافظة على موقع المعارضة داخل الكيان الشيعي العام وعدم التساوم او التهاون تحت شعارات المصلحة العامة..
فالمصلحة الحقيقية هي ان يبقى هناك تشيع نقي داخل التشيع العام يمنعه من الاستمرار في التنازلات الى ما لانهاية وهذا هو دور الثوار التابعون لنهج الصدر الولي …..الميزة الثانية.. بعد الثورة الإيرانية وصفتها الشيعية.. كان هناك طروحات ربط التشيع العام للتشيع بالثورة وشخوصها وقياداتها …وهذا يعني ان أي ضعف بهذا النموذج الشيعي سوف ينعكس على التشيع العام بأكمله.. ويهدد ذلك المصير الديني لاتباع ال محمد كما انه يعني ان الأطروحة الإيرانية سوف تصبح أطروحة مطلقة بمعنى تأخذ بعد العصمة وكأنها الاطروحة الكاملة وهذا يؤدي الى انحراف كبير في الفكر الشيعي..
وفي هذه الأجواء الصعبة لم تكن هناك جهة يلوذ بها أصحاب القيم التوحيدية والمبدئية العالية..
لان حوزة النجف يسيطر عليها تيار اللامبالاة او الشعور بالمسؤولية.. لذلك كان على السيد الشهيد ان يقوم بمهمة كبرى وهي مهمة مزدوجة..شطرها الأول فك الارتباط العاطفي بالنموذج الإيراني …..
وشطرها الثاني تأسيس تيار يحمل أطروحة دينية ذات مستوى اعلى
هذا كان عملا بالغ الخطورة لأنه يفسر تفسيرا خاطئا  فيؤدي  الى  عداء  بين العراقيين والإيرانيين وهذا غير صحيح ابدا ..فان ولد  تيار لا يستمد قوته من وجود  دولة دينية في ايران  فهذا  ثورة للتشيع وليس ضعف ..ولذلك تكفل الولي الصدر  ببناء تيار  يستمد قوته من الله سبحانه وتعالى  وليس من أي  جهة على الأرض.. وهذا انجاز كبير وهائل بالمستوى المعنوي والاخروي وحتى الدنيوي..وهذا هو المطلوب فعلا من الذين حملوا امانة ثورة الصدر وهو ان يبثوا روح القوة بالله دون وسيط الأسباب المادية.. ولا يكونوا كالأخرين الذين يشعرون بالقوة لان هناك دولة شيعية دينية..
فالتيار الصدري يمنح الشعور بالقوة للشيعة دون ان يوسط القوى المادية والسلطوية بل يوسط الله سبحانه في منح الشعور بالقوة..واذا ارادت الدولة الإيرانية ان تستعيد حرارة ايمانها فلتستند الى منطق الشهيد الصدر في عملها وروحتيها. وبالتالي لتستمد من الله وليس من أسلحتها بإمكانيتها المادية …
وهذه الأيام تكشف يوما بعد اخر وطنية وصدق وإخلاص هذا التيار الكبير المجاهد للدين والمذهب وللعراق.. رغم كل محاولات التشتيت والتشظي التي تحاول القوى الكبرى بمؤامراتها تطبيقها بحقه ….