يتصف النظام الاقتصادي بالتشابك والتعقيد في العلاقات بين المنتجين والمستهلكين وكذلك بين الوحدات الاقتصادية، ان القيام بالإنتاج يؤدي الى تولد الدخل والذي يؤدي بدوره الى خلق الانفاق مما يولد تيار دائري للنشاط الاقتصادي، ويتكون هذا التيار من اربع قطاعات هي / قطاع العائلات / قطاع الاعمال / القطاع الحكومي / القطاع الخارجي/ فقطاع العائلات هو القطاع الذي يقوم بالاستهلاك ضمن التيار وقطاع الاعمال هو من يقوم بالاستثمار اما قطاع الحكومة فهو من يقوم بالإنفاق الحكومي وفرض الضرائب عند المستوى الذي من شانه تحقيق التوازن اما القطاع الخارجي فهو القطاع الذي يقوم بالتصدير والاستيراد ( الصادرات/ الواردات) ولتحقيق التوازن للنشاط الاقتصادي يجب ان يتساوى الانفاق الكلي مع الانتاج الكلي.
ان النظام الاقتصادي لا يمكن اعتباره نظاما مغلقاً، فهناك منافذ يتسرب من خلالها جزء من الدخل ومنافذ اخرى للحقن.
ويمثل الادخار الذي يقوم به قطاع العائلات احد المنافذ التي من خلالها يتسرب جزء من الدخل مما يؤثر على مستوى الانفاق الاستهلاكي لقطاع العائلات، فلو فترضنا ان قطاع العائلات يحصل على دخل قدره (مليار دينار) ويرغب هذا القطاع بادخار (100 مليون دينار) فان الاستهلاك الذي يقوم به القطاع لن يتجاوز (900) مليون دينار وهذا يعني ان قطاع الاعمال اذا قام بإنتاج سلع وخدمات لمواجه الطلب المتوقع تعادل (مليار دينار) فأن ذلك سيترتب عليه تراكم جزء من الانتاج كمخزون غير مرغوب فيه بقيمة (100) مليون اي بما يعدل مبلغ الادخار الذي قام به قطاع العائلات.
ويتحقق التوازن عندما يكون هناك حقن في الاستثمار بما يعادل قيمة الادخار، وهناك مجالات لقوة خارجية قد تزاول تأثيرها على سوق راس المال لتحقيق التعادل بين الاستثمار والادخار وتتمثل هذه القوة الخارجية بالسياسة النقدية التي يمكن ان يستخدمها البنك المركزي لتشجيع وزيادة الأنفاق الاستثماري او تخفيضه عن طريق عرض النقود وشروط الائتمان.
كما يقوم القطاع الحكومي بفرض الضرائب على قطاع العائلات ويقوم كذلك بشراء جزء من انتاج قطاع الاعمال، وتعتبر الضرائب نوع من انواع التسرب كما يعتبر الانفاق الحكومي نوع من انواع الحقن، سيؤدي فرض الضريبة على دخول العائلات الى تخفيض كل من الاستهلاك والادخار الذي يقوم به قطاع العائلات وان انخفاض استهلاك العائلات سيترتب عليه اتجاه المبيعات والدخل الذي يحصل عليه قطاع الاعمال للانخفاض ولمواجه التسرب الناتج عن فرض الضريبة يجب ان يأخذ قطاع الاعمال على عاتقة مواجه ذلك التسرب بمصدر حقن جديد والذي يمثل المشتريات الحكومية ( الانفاق الحكومي).
ولو تصورنا ان قيمة المشتريات الحكومية من قطاع الاعمال تعادل الانخفاض في الانفاق الاستهلاكي الناجم عن فرض الضريبة فسوف تستمر حالة التوازن. ويمكن للحكومة ان تعمل على تحقيق التوازن الكلي باستخدام السياسة المالية والتي تتمثل في تغيير حجم معدلات الضرائب او حجم الانفاق الحكومي بالشكل الذي يحقق التعادل بين الانفاق الكلي والانتاج الكلي حيث تقوم الحكومة بتعويض اي عجز في الطلب الكلي عن طريق زيادة الانفاق الحكومي وتخفيض الضرائب في حالة انخفاض الطلب الكلي عند مستوى الدخل الذي يحقق التوظيف الكامل كما يمكن للحكومة ان تخفض حجم الطلب الكلي عن طريق تخفيض الانفاق الحكومي او زيادة الضرائب في حالة زيادة الطلب عن ذلك المستوى الذي يحقق التوظيف الكامل، ولقياس حجم التمويل التعويضي اللازم يجب معرفة حجم الفجوة بين المستوى الفعلي للطلب الكلي عند مستوى الدخل الذي يحقق التوظيف الكامل وبين حجم الطلب الكلي اللازم للوصول الى هذا المستوى، وعندما يفوق المستوى الفعلي للطلب الكلي المستوى اللازم لتحقيق التوظيف الكامل ستكون هناك فجوة تضخمية أما اذا نخفض المستوى الفعلي للطب عن ذلك المستوى فستكون هناك فجوة انكماشية. اما قطاع التجارة الخارجية فأن قيام قطاع العائلات باستيراد السلع والخدمات من العالم الخارجي سيترتب عليه تسرب جزء من الدخل، ولمواجهة ذلك التسرب سيظهر نوع جديد من انواع الحقن وهو الصادرات.، فالواردات تمثل نوع من انواع التسرب اما الصادرات فتمثل نوع من انواع الحقن، ويمكن للحكومة ان تزاول تأثيرها على هذا القطاع باستخدام السياسات المختلفة للتجارة الخارجية. مما سبق يتبين ان شرط التوازن قد يتحقق بالتعادل بين التسرب الكلي والحقن الكلي حيث يتضمن التسرب كلا من(الضرائب – الواردات- الادخار) اما الحقن فيتضمن كلا من( الانفاق الحكومي – الاستثمار- الصادرات).
فاذا كانت عناصر التسرب تساوي عناصر الحقن فهذا يعني تحقيق توازن اما اذا كانت عناصر التسرب اكبر من عناصر الحقن فهذا يعني وجود عجز، وفي حالة ان عناصر التسرب اصغر من الحقن فهذا يعني وجود فائض.