23 ديسمبر، 2024 1:20 م

التوعية والتعمية !

التوعية والتعمية !

يبدو أن المنادين بتوعية الناخبين , كأنهم يريدون القول بأن سبب ما يحصل هو الجهل والأمية لا غير!!
وأي نظام يأتي يعزف ذات الأسطوانة على مسامع المساكين “الغلابة”!
والصين بثورتها الثقافية تخلصت من الجهل والأمية في أقل من عقد من الزمان!!
وأسطورة الجهل والأمية تعيش في أروقة أدمغتنا على مدى القرون ولا تزال.
فالشعب جاهل !!
والحاكم عالِم!!
ومعنى ذلك أن الشعب الجاهل عليه أن يتبع الحاكم العالِم أو نظام الحكم العالِم!
وعلى الناس (لأنهم جهلة) أن يتبعوا كلّ المُدّعين بالعلم والمعرفة , والذين  يتميزون بمواصفات توجب الإتّباع والخنوع والخضوع , وما أكثرهم وأجشعهم.
هذا وَهْمٌ عجيب يشترك فيه الناس كافة من حاكمهم إلى محكومهم.
فلا يوجد جهل بالمعنى المطلق لهذه الكلمة , فكل الناس تعرف وفقا لما تدركه , وتعرف شيئا وتغيب عنها أشياء.
فإطلاق كلمة جهل والحاجة إلى توعية أسلوب قديم مريض.
فالواقع يشير إلى أن الحاكم والمحكوم بحاجة إلى تطوير ومواكبة , إلى قراءة وتعلم ومعاينة للتجربة والإستفادة من الأخطاء وعدم تكرارها.
فكل إنسان يحتاج لأن يتعلم بإستمرار.
أما هذه المفاهيم , فأنها تهدف لترسيخ التبعية , وتعزيز نوازع الإمتلاك والتسلط , فالذي في السلطة يريد من الناس أن يؤمنوا بأنه هو الأفضل والأقدر والأعدل , والذي عليه أن يبقى في الحكم إلى أبد الآبدين.
وهذه تعمية وليست توعية!!
بل تسويق!!
فمن الأفضل على الذين ينادون بالتوعية الإنتخابية أن يستبدلونها بكلمة “تسويق”!
فالأحزاب والكراسي تريد تسويق نفسها , وربما هذا ما يُقصد بالتوعية الإنتخابية!!
والمشكلة في هذا التسويق أن الناس تتحول إلى بضاعة , والذين إنتخبوهم تجارا يتاجرون بمصيرهم ومصالحهم ووطنهم!!
فهل سنكف عن أساليب التعمية , ونترك الناس على حالها , فهي أدرى بمصالحها من جميع الذين يدّعون بالسياسة؟!!