23 ديسمبر، 2024 12:31 ص

التوحّش الداعشي والتوجّش الطائفي..!!

التوحّش الداعشي والتوجّش الطائفي..!!

في إستراتيجياته العشر،يقول المفكر نعوم تشومسكي في إستراتيجية (ألإلهاء)،حافظوا على إنتباه الرأي العام،بعيداً عن المشاكل الحقيقية،وإلهوهُ بمسائل تافهة لا أهمية لها))وهذا مايجري الآن في العراق، منذ الغزو الامريكي والى الان،جميع الحكومات المتعاقبة تمارس عملية (إلهاء) الشعب العراقي، (بمسائل تافهة)، بعيداً عن القضايا الجوهرية الملحة التي يحتاجها ، كي يخرج من حفرة الغزو البغيض وتداعياته، الى فضاء الحرية والرفاهية والاستقرار،فما ان يخرج من حفرة أسِنة، حتى يقع بحفرة أعمق منها أكثر وساخة وقسوة وبشاعة، وهكذا كانت الحفرة التي وقع فيها ،هي أقذر الحفر، ونقصد بها (حفرة داعش القذرة) ،التي إحتل فيها محافظات المدن الغربية،بعد أن وجد البيئة التي تحتضنه وتسهل له عملية السيطرة على المدن وهكذا كان، لا بسبب افكاره المتشددة المتطرفة جداً، وإنما لشدة الظلم، الذي كانت تتعرض له هذه المدن ،من تهميش وإقصاء وتنّكيّل وتعامل فظ غليظ وطائفي ،من قبل الحكومة المركزية وجيشها وشرطتها قبل عام 2014،وهكذا تخلّصت المدن ،من ظلم وقسوة وطائفية حكومة المالكي وجيشه وشرطته،(كما أكد هذا الكلام الفريق الركن عبد الغني الاسدي في حوار مع فضائية دجلة)، لتقع فريسة سهلة لأبشع وأقذر تنظيم إسلامي متطرف حد التوحش،وسامَ أبناء المدن الغربية، سوء العذاب، فقتل أبناءها، وهجر أهلها بالملايين،من كل الاطياف والقوميات والاديان ، ونكّل فيهم أبشع تنكيل،إنتهت فترة سيطرة داعش وطرد من مدنها،بدماء طاهرة زكية لأبناء العراق جيشاً وشرطة وحشد شعبي وعشائري، وعادت المدن الى حضن العراق، وإنتهت ألفترة الاقسى في تاريخ هذه المدن وحواضرها،وتنفس اهلها الحرية والامن والاستقرار وعاد نازحو اهلها وعمرّت مدنهم ،ولكن لم تتوقف المؤامرات  التي تحاك ضد العراق،من الدول الغربية والاقليمية ،التي لها أجندة وأطماع ومشاريع إستراتيجية واضحة في العراق، وهذه المؤامرات والتدخلات ،تأخذ أشكالاً متعددة ،في جوانب اقتصادية وعسكرية وأمنية وسياسية وإجتماعية،وهنا ما يهمنا مايواجهه الشعب العراقي، من بروز ظاهرة وانتشار السلاح الطائفي ، بعد فشل المشروع الداعشي الارهابي،فظهور تصريحات طائفية وتوجهات طائفية تكرس عملية تصادم طائفي، يدخل البلاد في حرب اهلية طائفية، أصبحت ملامحه تتجسد في شوارع العراق، على شكل تظاهرات وصور وشعارات وقرارات وتصريحات وتهديدات لمساجد الطرف الآخر واجتياحها، وتصعيد اجتماعي طائفي تقوده جهات واحزاب ولاؤها خارجي، تهدف الى إشعال حرب (سنية – شيعية)،وهي ظاهرة أخطر من ظاهرة تنظيم داعش الارهابي،لآن داعش يمثل طرفاً متشدداً ومتطرفاً وحشياً، لايفرق بين (هذا وذاك)،كل من ليس معي فهو ضدي، ولكن التأجيج والتحشيد الطائفي الذي نرى ناره مستعرة وبقوة هذه الايام ، هي الاخطر،على وحدة ومستقبل الشعب العراقي،وإذا إندلعت هذه الحرب القذرة لاسامح الله، سوف لن تتوقف عند حد معين، وستحرق الجميع،فالتوحش الطائفي هو أشد وأخطر من التوحش الداعشي بكثير، لآنه يستهدف بنية الشعب وتماسكه ووحدته والأواصر التاريخية المشتركة لجميع أقلياته وقوماته ومذاهبه المتآخية منذ الآف السنين،وهذا مشروع تخريبي تعمل عليه جهات خارجية منذ سنين ولم تنجح،بفضل وعي وتماسك العراقيين، وسيفشل هذا المشروع ويهزم، كما فشل وهزم مشروع داعش الاجرامي، الذي حاول البعض إلصاقه( بالمكون السني) زوراً وبهتاناً ومازال يصرّ على توصيف المدن الغربية بالداعشية، متوهما أنه ينال منها خاسئاً،إذن التوحش الطائفي ،هو المصطلح المرادف للتوحش الداعشي، وأشد خطراً منه، حيث يلتقي الطرفان في هدف واحد، هو تمزيق وحدة العراق، وإشعال حرب بين جميع المكونات والطوائف، لأجندة أجنبية خارجية ومحلية،وهي ممارسة ستراتيجية إلهاء الشعب العراقي، عن ممارسة دوره الاجتماعي والسياسي في الحفاظ على وحدة العراق ،أرضاً وشعباً وتاريخاً حضارياً، فظهور مثل هذا المشاريع هدفها أيضا إبقاء العراق في حالة احتراب إثني وقومي وطائفي بغيض، وابقاؤه ضعيفا منهكا لاطول فترة تاريخية، حتى تتحقق اهدافهم المشبوهة ،التي تغذيها الماكنة الاعلامية الطائفية ، وينفذها جهلة السياسة والدين ،نعم العراق يعيش مرحلة من أخطر مراحله مابعد الإحتلال الأمريكي، وهي مرحلة التأجيج الطائفي، وإستخدام سلاح الطائفية لإشعال حربٍ أهلية ،سواء كان مروجوها وهتاّفوها ،بقصد او بدون قصد، فالنتيجة واحدة هي إشعال حرب طائفية، يلعنها جميع العراقيين ،ولكن لا أحد ينكر حدوثها في أية لحظة ،بسبب إصرار مشعلوها  على إدخال العراق ،بنفق طائفي لانهاية له،بلى فالعراق يشهد بقوة تصعيداً في الخطاب الطائفي، ليس على صعيد الرسمي فحسب،وإنما على الصعيد الشعبي والعشائري وهو الأخطر،نعم التوحش الطائفي ،هو أخطر وأقسى من التوحش الداعشي، الذي إنتهى الى الأبد في عموم العراق، مالم تؤججه وتعيده إضطراراً مكروهاً جهات عراقية واقليمية لغاية في نفس يعقوب، الحرب الطائفية التي يسعى لها البعض بدفع ودعم جهات خارجية معروفة تنفيذا لمشروعها واستراتيجيتها طويلة الامد ، حفظ الله العراق وشعبه من الفاو الى زاخو، كريماً آمناً ومستقراً، وخذل وخسيء ،كل من يريد نشر الفوضى وإشعال حرب طائفية في العراق…!!