23 ديسمبر، 2024 12:19 ص

التوتر العراقي – التركي وفرص الحل

التوتر العراقي – التركي وفرص الحل

ان الحملة الاعلامية التي يقودها العراق للضغط على تركيا لسحب قواتها من شمال العراق انما تقف ورائها ارادة خارجية ومصالح اقليمية تدفع بهذا الاتجاه اكثر من ان تكون ارادة وطنية لأن وجود القوات التركية في هذه المناطق يعود الى بداية التسعينيات من القرن الماضي ومتفق عليه من جميع الاطراف لأنه كان يشكل مضلة حماية للأكراد وللمعارضة ابان الحكم السابق والتي اطلق عليها التحالف الغربي بمشروع (توفير الراحة)، وهو ما سهل من تواجد هذه القوات على الارض العراقية، وكانت تتألف من بضعة الاف من الجنود مع طائرات الهليكوبتر، ولم تثار هذه القضية بشكل جدي الا مع اقتراب معركة تحرير الموصل وتصاعد الصراع الايراني – التركي على توسيع مناطق نفوذهما داخل هذا البلد المستباح واصرار تركيا على عدم السماح لقوات الحشد الشعبي القريبة من ايران من المشاركة في معركة تحرير الموصل والذي تعتبره تركيا مثل وجود هذه القوات هو تهديد حقيقي لأمنها القومي.
ويجد صانع القرار في العراق صعوبة في الضغط على تركيا كون خيارته محدودة والسبب يعود انه لا توجد حدود تسيطر عليها حكومة بغداد يمكن ان يدعم من خلالها حزب العمال الكردستاني (الفصيل المسلح المعارض للحكومة التركية) لشن عمليات داخل تركيا كون ان الحدود يسيطر عليها الحزب الوطني الكردستاني الذي يرأسه مسعود البرزاني الحليف القوي لتركيا والممر الآمن له الى العالم الخارجي فلا يمكن له التفريط بهذه العلاقة اذا علمنا ان استثمارات تركيا في الاقليم زادت عن ال85% من مجمل الاستثمارات هناك، ان ورقة المياه كلها بيد تركيا وتستطيع ان تضغط بها في اي وقت تشاء، اما عن انبوب النفط العراقي فلم يعد يعني الكثير لتركيا كونها انشئت انبوبا مزدوجا لنقل النفط الخام والغاز السائل من الاقليم وبأسعار مغرية جدا.
كان من الممكن لصانع القرار لو فكر في مصلحة بلاده ان يمنح تركيا استثمارات واسعة داخل العراق وان يكون سوقا لا يمكنها الاستغناء عنه والتي من خلالها يستطيع زيادة الضغط عليها في وقت الأزمات، الا ان الدور الاقليمي استطاع من الحد من النفوذ الاقتصادي التركي في وسط وجنوب العراق واجبر الكثير من الشركات التركية على انهاء تعاقداتها. ولذلك لم يجد صانع القرار غير اللجوء الى مجلس الأمن للضغط على تركيا من خلال حليفها القوي والاستراتيجي وهي الولايات المتحدة الامريكية للضغط عليها وسحب قواتها الان هذا الطريق محفوف بالمخاطر بسبب العلاقات التركية – الامريكية وخاصة مع توتر العلاقة مع روسيا
وما تمثله تركيا من دور مهم على مر التاريخ في الصراع الامريكي – السوفيتي في حينها بالإضافة الى الطلبات المتكررة من قبل الولايات المتحدة الامريكية للحكومة العراقية بإيجاد علاقات متوازنة مع الاطراف الاقليمية دون الاندفاع وراء طرف على حساب الاطراف الاخرى.
لهذا نجد ان صانع القرار التركي يتكلم بقوة وتعالي والاصرار على عدم سحب قواته وان القيادة العراقية تغرد خارج السرب كونها لا تملك اي تأثير على القرار التركي على الاقل في الوقت الحاضر.
 [email protected]