17 نوفمبر، 2024 11:29 م
Search
Close this search box.

التوبة والإعدام من منظور المالكي وصدام

التوبة والإعدام من منظور المالكي وصدام

لنترك حقيقتنا وننسلخ عن واقعنا عن قوميتنا عن طائفتنا عن عراقنا ونتكلم بلغة العقل ونعتبر أنفسنا غرباء ونقارن بين ما كان يقوم به صدام حين يتعامل مع حزب محظور وكيف يتعامل السيد المالكي مع حزب منظور دون أن نكون مع صدام وضد المالكي أو مع المالكي ضد صدام ، ونرى كيف تكون المقارنة في نهاية المطاف لصالح أي منهما وبلغة العقل الراجح دون أي تشويه لسمعة أو تهويل أو كلاماً منمقاً يشمل احدهما أو تجاوز لا سامح الله ، حينها سنرى أي كفة ستكون اقرب للإنسانية وأي كفة ستكون اقرب للوحشية .

فصدام بالأمس القريب كان ينظر لكل حزب أو حركة أو تيار محظور بأنهم عملاء لا يستحقون الحياة ومصيرهم المشانق وساحات الإعدام والسجون المظلمة في حاكمية المخابرات أو في سراديب الأمن العامة وفي معتقلات الاستخبارات العسكرية والتي يطلق عليها ( الشعبة الخامسة ) .

النموذج الأول أي صدام حسين إذ كان مؤمن جدا بنظرية الموت لمن يفكر أن يقف ضده حتى لو كانت هذه الوقفة تدخل في حقل التفكير دون التنفيذ ليس إلا ، لا أفهم ربما يعتقد صدام أن القتل والبطش يضمن له البقاء ويضمن له تخويف بقية الناس والذين يعتبرهم مجرد قطيع لا يفهمون إلا أن يكون هو الراعي الأول لهم وهذا يعني أنه كان ينظر للعراق كأنه ملك صرف له ولأولاده من بعده ولأقربائه من بعد أولاده والشعب كلهم من ضمن هذه الأملاك حتى شرف بعض العراقيات يدخل في هذا المضمار .

نعود للنموذج الآخر أي السيد المالكي فهو يرى أن من يعتبر ضمن الحزب المحظور دون أن يكون له عمل تخريبي أو مسلح عدواني فما عليه إلا إعلان التوبة أمام الجهات المسؤولة ثم يطلق سراحه ليعود لعمله بين أهله وإخوانه .

لو قارن احدنا هذا الفرق بين النموذج الأول وبين الثاني لوجدنا أن الاختلاف كبير جداً ،  فالتوبة تعني تحرير الرقاب من الإعدام وتعني عودة هؤلاء إلى الحياة ليمارسوا حياتهم العامة مع الأخذ بنظر الاعتبار إمكانياتهم كعراقيين يستفيد البلد منهم، فالعراق من وجهة نظر السيد المالكي يحتاج إلى جهود كل أبناءه ما دام هذا الجهد يخدم الصالح العالم .

لو قلبنا المعادلة كما أسلفت وفي زمن صدام وتم إلقاء القبض على البعض بهذه التهمة ( تهمة الانضمام لحزب محظور ) لكانوا هؤلاء قرابين في أول أيام العيد دون السماح لذويهم بإقامة الفواتح وربما حتى ثمن الرصاصات التي اخترقت أجسادهم تدفعها الزوجة أو الأخ أو الأب .

لست هنا في محل الدفاع عن السيد المالكي ولكني أقارن بين الأمس واليوم لأرى كيف وأين يقع الخطأ وأين الصواب ، فالصواب لا يحتاج إلى أدلة والخطأ لا يحتاج إلى براهين فالكل يفهم أين الصواب وأين الخطأ .

لكن هناك نقطة تشدني وأحب أن اذكرها وهي سكوت العراقيون على قتل من قتل في أيام زمان عندما كان صدام يعدم بالجملة والضجة الإعلامية الآن عندما يعلن السيد المالكي قائلا

” ما عليهم إلا التوبة علنا “

هنا تسكن العبرات ونعتقد يقينا أن هذا الشعب دائما لا يفهم إلا لغة القوة ولا يفهم لغة العقل وفعلا يليق بنا قول الإمام علي ابن أبي طالب ( ع ) حين وصف أهل آخر الزمان

“تجمعهم الطبول وتفرقهم العصا “.

فحفلات الإعدام في وقت صدام تنال الرضا الإعلامي وقرار المالكي بالإعفاء عنهم ينال الضجة الإعلامية وشتان بين الحالتين .

ضجة وقبول ، ضجة لان السيد المالكي لا يعدم وأخرى لان صدام يعدم ويكفي أن أقول إننا بلا عقول إن كنا نفهم لغة العقل .

نحن العراقيون هكذا وسنبقى هكذا لا نفهم إلا لغة العصا لنكون انعم من النعومة والرقة .

أحدث المقالات