8 أبريل، 2024 10:29 م
Search
Close this search box.

التواجد الأمريكي في العراق : بين الرحيل الغامض والتعزيز الهادئ !

Facebook
Twitter
LinkedIn

في خضم التحركات العسكرية الاخيرة على الاراضي السورية والعراقية , واللقاءات السابقة مع قادة عسكريين ومسؤولين عراقيين , التي وثقتها عبر الشاشات التلفزيونية لقطات فوتوغرافية أسرت المشاهد بالغموض الذي احاط بتلك اللقطات التي اظهرت المسؤولين كما يبدو في وضع مساومة او اتفاق , او تنبؤ عن ظهور قوى الارهاب ثانية لتنسيق الجهود في مواجهتها ,
ولكن إذا كان التنبؤ بظهور تهديد داعش ثانية , فذلك اكثر اقناعا للمسؤولين العراقيين لانتزاع الموافقة الشفاهية منهم وبرحابة صدر لتعزيز قوات إضافية بشكل هادئ , وخاصة في قاعدة عين الأسد ,
بعيدا عن التفاهمات السابقة ونسيان القرار النيابي الذي الزم الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المقدمة من امريكا الى التحالف الدولي لمحاربة داعش , فضلا عن القيام بشكوى لدى مجلس الأمن ضد انتهاكات القوات العسكرية الأمريكية للسيادة العراقية .
هكذا انتشرت قوات امريكية منذ ايام ومازالت في الاراضي العراقية في مقابل انتشارها في سورية , ولكن من دون ان ترتكز على اساس محدد ومعقول يقنع المواطن بمصداقية الجانب الامريكي من الناحية المنطقية التي جربها خائبا معها وكانت فاضحة ومخجلة وقد شاهد على الشاشات العراقية عمل الطائرات الامريكية إن لم تكن طائرات صنيعتها الصهيونية وهي تلقي بالمساعدات اللوجستية الى قوات داعش الإرهابية .
من المسائل المهمة التي ينبغي البحث فيها في الوقت الحاضر هي مسألة معرفة اعلى سقف للأهداف المتوقعة والكامنة وراء تعزيز القوات العسكرية في العراق وسورية وخاصة في تبلور فكرة موافقة امريكا على تجهيز اوكرانيا بطائرات اف 16 وهي بمثابة القنبلة الزمنية , التي ستنفجر عندما يراد لها ان تنفجر بعد ان يزداد نبض الحرب ,
وخاصة عندما تقود الرئيس بوتين , إن لم ترغمه , الى الانزلاق باستخدام الصواريخ النووية التكتيكية ومن ثم الى الصواريخ البعيدة المدى , عندئذ تكون قد انفجرت لتبدأ مرحلة جديدة من قواعد الاشتباك التي حتما ستزخر بالأسلحة العبثية الأخرى من ناحية , لتضع امريكا , من ناحية اخرى , في معرض اظهار رغبتها بالمشاركة في الحرب بحجة حماية مصالحها والحفاظ على السلم العالمي والإيفاء بتعهداتها مع دول النيتو ,
وهذا يعني ان الحرب التي اصطنعتها امريكا ستنتمي الى نمط الإبادة والهجوم المسعور من كلا الطرفين المتحاربين , لذلك تكون سورية وإيران وكل الفصائل المسلحة التابعة لها في محل اهداف معادية لأسباب معروفة منها ; أولا , تقارب إيران وروسيا وانضمامهما الى دول بريكس مع الصين الرامية الى تأسيس عالم جديد بأقطاب متعددة ,
ثانيا , الانفراد بسورية وتفعيل داعش ثانية مع الفصائل الإرهابية الأخرى التي حاربت النظام السوري وتصحيح تنظيماتها بشكل يختلف عما كان في السابق , ثالثا , معالجة البرنامج النووي الإيراني بما يخدم أمن الصهيونية او تخريبه .
ولكن من المهم التنبيه الى ان الولايات المتحدة الأمريكية الآن تعيش في قمة تدهورها الاقتصادي بالنظر الى الديون التي تحملت اعباءها بسبب الحرب الأوكرانية , فضلا عن النقص بالقادة الكبار في مفاصل الجيش المهمة التي تقترن مهامهم بالصلاحيات الخاصة بالتمويل المالي الذي يقترن بدوره بعملية الترشيح للقادة المخولين بالصرف ,
وهؤلاء القادة تتم الموافقة عليهم من قبل الكونغرس بالتصويت ليتم الاستعداد والتأهب العسكري للحرب , عندئذ , لا سامح الله , سيتحول العراق الى ساحة قتال ثانية وفقا لهذه الرؤية المفترضة , كونها تعبّر عن سقف الأهداف والسيناريوهات المتوقعة من عجرفة امريكا وممارساتها السابقة ,
ولكن الذي يؤخر حدوث هذه الأهداف المتوقعة بالوقت الحاضر هو مدى تأثير طائرات ف – 16 بالدرجة الأولى على سير العمليات العسكرية بشكل عام وتأثيرها على العمق داخل الأراضي الروسية بشكل خاص , وتأثير اجتماعات القمة الثلاثية بين امريكا واليابان وكوريا الجنوبية على دول المحيط الهادي والتضييق على نفوذ الصين , فضلا عن تأخير ترشيح الكونغرس للقادة كما اسلفنا .
من انجازات الحرب , في حال رضوخ روسيا الى المفاوضات , بعد ان تكون مع اوربا لا يصلحان لشيء جراء الحرب , هو تخليها عن سورية في مقابل البقاء على اوكرانيا على الحياد , وبذلك سيتم اخراج جميع الفصائل المسلحة بما فيها مقاتلي حزب الله اللبناني واسقاط الرئيس الأسد , وهي نهاية طبيعية لاحتراق الفحم الى رماد , ومتوقعة اذا جرت الامور بمشاهد الحرب المتتابعة وبما تخلفه من واقع جديد في كل يوم ,
كما خلّفت مشاهد الحرب العالمية الثانية ومن قبلها الحرب العظمى من واقعين صنعا معا المنظومة الدولية الحالية في حالة من التوتر في العلاقات من ناحية , وشعور الشعوب كافة بالخيبة من رضوخهم لغطرسة امريكا التي تناهض حق تقرير مصيرهم للعيش بحرية والتمتع بالسيادة الوطنية داخل بلدانهم ,
فضلا عن نشوء عالم تافه وغير منظم وغير اخلاقي , نصّبته تابعا لها , يتهافت فيه العملاء والخونة تحت عنوان رئيس دولة وأمير وسلطان وحاكم ومستشار وهم في حقيقتهم عملاء وخونة , بعضهم من المستعربة الذين لا يجيدون سوى فن الرقص بالعصي والسيوف المزيفة أمام رؤساء البيت الأبيض من اجل عرض خدماتهم للبقاء في مناصبهم ,
اما الشعوب فليس لها سوى القوالب السياسية المستخدمة في السابق من افتعال المنازعات الدينية والحدودية والعرقية وغرس المجتمعات المثلية وقوانين الجندرية وإشاعة الإلحاد للسيطرة عليها , وطرح الافكار المنحطة من خلال التطبيقات من فيس بوك وواتس آب وانستغرام وغيرها التي ينجم عنها عالم الجريمة واللصوصية وتعاطي المخدرات وتجارة الأعضاء البشرية .
ختاما , اعتادت امريكا الى خلق سيناريوهات استفزازية لتقود الأنظمة السياسية المعادية لها الى الهاوية المعدّة لها مستخدمة في ذلك سلاح العقوبات الاقتصادية من اجل اسقاطها في مقابل السيطرة على ثرواتها واخضاعها لسياساتها وتأييد مغامراتها التي تنوي بها على المدى البعيد للسيطرة على حكم العالم للتصرف به بما تشاء ,
وليس بعيدا او مستغربا من ان الولايات المتحدة ومن خلال رؤية التوقعات السابقة انها تعد الى عالم الأغنياء أو ما يسمى بمشروع المليار الذهبي الذي تتبناه سيدتها الماسونية – الصهيونية وتحاول تحقيقه بالتدابير السياسية التي تصنع النزاعات ومن ثم الحروب ,
وهذا العالم ليس العالم الذي دعا اليه شيللر بالنضال والكفاح من اجل تحقيقه , ولا عالم توماس مان المؤمن بقدرات الإنسان على البناء والتطور , بل هو عالم هتلر الذي ينبض في داخله الظلام والرعب فنقله الى الغرب الذي تعلموا منه مبادئ الفاشية البربرية والنازية العنصرية والقمع والبقاء للأقوى , بينما هرب منه توماس مان الى شعوب اوربا ليعلمها ان الإنسانية هي نقيض كل تلك التسميات ,
ولكن الإنسانية لدى قادة امريكا والغرب تعني الكذب والمساومة وصناعة النزاعات والحروب والعملاء والخونة في سبيل تحقيق اهداف الماسونية – العنصرية , وما علاقة امريكا بدول العالم إلا وفق قواعد لا اخلاقية لا تنسجم مع الأديان السماوية ولا مع طبيعة الإنسان الفطرية ,
وما الحروب ضد افغانستان والعراق وسورية والتحرشات بإيران بحجج ليست ذات قيمة على المستوى الحقيقي الذي يثبت ان إيران لا تتفق شرعيا مع السلاح النووي الذي تتذرع به امريكا , إلا نماذج من تآمر ولعبة سياسية تتناقض مع الاخلاق القصد منها جرّ الامور الى واقع الحرب الذي تبتغيه لفرض سيطرتها على عالم يتناقض مع الإنسانية ,
وما حرب روسيا مع اوكرانيا إلا سيناريو صناعي امريكي – اوربي للهيمنة على روسيا على حساب الشعب الأوكراني , ومن المؤسف ان ترضخ حكومات لديها قواعد شعبية عظيمة كالعراق الى اكاذيب هذه العاهرة التي تطلق على نفسها امريكا ,
وتنخدع بوفودها وقادتها المكتنزين وهم في حلل تظهر القوة والجبروت والهيمنة على العالم , بينما هم ليسوا اكثر من ممثلين منحطين يتقنون ادوار صنع العملاء واللصوص ,
مستغلين الجهل السياسي وفقدان عين النقد لدى البعض من الحكام والقبول بنسيان التجارب الماضية بدلا من اقتلاع جذورها لكي لاتنمو ثانية , فضلا عن سوء التحليل الدقيق لتحركاتهم وضعف الارادة الوطنية بالمقارنة مع دول ضعيفة قياسا مع امريكا إلا انها وقفت شوكة بعينها رغم الحصار الطويل والعزلة الدولية وعلى رأسها كوبا وفينزويلا وإيران ,
وما التعزيزات العسكرية في العراق إلا تعزيزات جاءت بالكذب والحيلة تحت ذريعة التنسيق مع الحكومة لكيفية محاربة النشاط المتزايد لداعش , ويا لهذا الترف الذي يعكس تدهور النظرة الى امريكا وتجاهل الماضي , إذ كيف يتم التنسيق مع مجرم حرب ومحتال وسارق الأرض الفلسطينية وقاهر الشعوب المحبة للسلام وسابق في صناعة داعش نفسها وداعما لها بالمال والسلاح ؟!
وماهي استطرادات الحكومة التي بررت ذلك اثناء اللقاءات مع هؤلاء الممثلين خاصة ان الوطن والشعب من حيث الوجود كان على طاولة المفاوضات ؟!
الجواب : هذا هو الغموض بعينه بين وضع تلك الاعتبارات نصب العين وبانفعال اخلاقي يسمو على المصالح الشخصية , وبين وجوب رحيل القوات الأمريكية المؤيد بقرار البرلمان واستساغة التعزيزات الهادئة والخالية من الاعتراضات لتصنع الشعوب من ذلك رؤية التوقعات السالفة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب