العجم في اللغة والأدب
يلاحظ أن كلمة الأعاجم، وأن أريد بها غير العرب لكن غالبا ما تستخدم في الإشارة إلى الفرس وهذا ما يتبين في قول علي بن أبي طالب لعمر الفاروق عندما قرر فتح بلاد فارس “إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك، وطمعهم فيك. فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره. وأما ما ذكرت من عددهم، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة”. (نهج البلاغة/203).
ذكر التوحيدي” الأمم عند العلماء أربع: الروم، والعرب، وفارس، والهند، وثلاث من هؤلاء عجم، وصعب أن يقال: العرب وحدها أفضل من هؤلاء الثلاثة، مع جوامع ما لها، وتفاريق ما عندها”. (الإمتاع والمؤانسة1/70). وقال ايضا” كتب سعد بن أبي وقّاص إلى رستم صاحب الأعاجم: إسلامكم أحبّ إلينا من غنائمكم، وقتالكم أحبّ إلينا من صلحكم. فبعث إليه رستم: أنتم كالذّباب إذنظر إلى العسل. (الإمتاع والمؤانسة1/70). وكتب العتّابي إلى المأمون: إن للعرب البديهة، وللعجم الرّويّة، فخذ من العرب آدابها ومباني كلامها، وخذ من العجم مكايدها ونتائج فكرها، تجتمع لك فصاحة العرب ورجاحة العجم”. (البصائر والذخائر7/78).
كما ذكر الشيخ البحراني الفرق بين العجمي والاعجمي ” العجمي هو المنسوب الى العجم وان كان فصيحا، والاعجمي هو الذي لا يفصح وإن كان عربيا، الا ترى أن سيبويه كان عجميا، وكان لسانه لسان اللغة”. (بهجة الخاطر ونزهة الناظر/182). وقال ابن قتيبة” في كتب العجم أن بعض ملوك فارس قال: صونوا أسراركم فإنه لا سرّ لكم إلا في ثلاثة مواضع: مكيدة تحاول، أو منزلة تزاول، أو سريرة مدخولة تكتم، ولا حاجة بأحد منكم في ظهور شيء منها عنه ظنّ “. (عيون الأخبار1/99). قال الشاعر:
تنزو بها العجم في دكن مسعفة … نزو الجنادب في أعناقها الصوف
كما قال المظفر الحاتمي” العجم: الفرس. والدكن: الزقاق”. (حلية المحاضرة/123). قال ابن عبد ربه” كانت العرب تسمي العجميّ إذا أسلم: المسلماني؛ ومنه يقال: مسالمة السواد، والهجين عندهم: الذي أبوه عربي وأمه أعجمية؛ والمذرّع: الذي أمه عربية وأبوه أعجمي وقال الفرزدق:
إذا باهليّ أنجبت حنظليّة … له ولدا منها؛ فذاك المذرّع
والعجمي: النصراني ونحوه وإن كان فصيحا. والأعجمي: الأخرس اللسان وإن كان مسلما.
ومنه قيل: زياد الأعجم؛ وكان في لسانه لكنة. والفرس تسمى الهجين: دوشن؛ والعبد: واش ونجاش. ومن تزوّج أمة: نفاش، وهو الذي يكون العهد دونه، وسمي أيضا: بوركان“. (العقد الفريد7/141).
وقال ابن سعيد المغربي” كتب عن مروان آخر خلفاء بنى أمية إلى فرق العرب حين فاض العجم من خراسان بشعار السواد قائمين بالدولة العباسية: أما بعد: فقد بلغكم قولا شائعا ثم فعلا فاضحا ما كان من ائتلاف كلمة هؤلاء المارقة بعد الشّتات. وظهور باطلهم بعد الغموض، وانسياح ضلالتهم في الأرض بعد الانكماش، وها هم قد تركوا خراسان رأس الدنيا ودار العجم وراءهم، وأقبلوا وراء رقعتكم ليجالدوكم عليها، ويزحزحوكم عنها بجيشي التمويه والسيف، فاتقوا الله في حمايتكم عن دينكم، واحذروا العار في أخذ دنياكم من أيديكم. وكونوا عند الوفاء لمن اعتدّ بكم، ولا تمكنوا ناصية الدولة العربية من يد الفئة العجميّة، واثبتوا ريثما تنجلي هذه الغمرة، وتصحو هذه السكرة، فسينضب السيل وتمحى آية الليل”. (المقتطف من أزاهر الطرف/81).
الشعوبية إذن وفق أبسط التعاريف هي كراهية العرب عموما وكل ما يتعلق بهم، هي كراهية الجنس العربي، واللغة العربية، والتراث والأدب، وكل المعارف والعلوم بما فيها الإسلامية، والشعوبية تتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة تماما. والادعاء ان المسلمين حرقوا مكتبة الإسكندرية واحدة من افتراءات الشعوبيين وبعض المستشرقين المعادين للعرب والإسلام، كما سيتضح من خلال المبحث.
يمكن تقسيم الفكر الشعوبي الى قسمين هما.
1. الفكر الشعوبي العربي. حيث توجد الكثير من الحركات الشعوبية التي ترتدي الجلباب العربي وأحيانا الإسلامي وهي تناصب العرب عموما الكراهية والحقد، وتستثمر كل الوسائل الممكنة للطعن بالعرب. ومن هؤلاء الشعوبيين عدد كبير من الكتاب العرب والمسلمين سواء كانوا داخل الوطن العربي أو خارجه، وهؤلاء أشد خطرا من غيرهم بسبب إتقانهم اللعة العربية، ومعرفة تفاصل حياة العرب من ثقافة واجتماع وأدب وعادات وتقاليد، لذا فأن صيدهم في الماء العكر يأتيهم بصيد أوفر من غيرهم. والبعض منهم كتاب مأجورين يتسلمون ثمن كتاباتهم من أذرع الأخطبوط الطويلة والممتدة داخل وخارج الوطن العربي. ومنهم من انسلخ من عروبته لأسباب ذاتية أو اقتصادية واجتماعية بسبب قضاء شطر كبير من حياته في الغرب، أو بسبب الظلم الاجتماعي الذي تعرض له في بلده العربي، او بسبب الحاجة والعوز، او الحصول على حياة افضل، وأسباب أخرى.
2. الفكر الشعوبي الأجنبي. وهو يتمثل بشكل واضح في حركات وأنشطة الاستشراق الأوربي، علاوة على الأفكار الأتاتوركيهوالخمينية التي حاولت طمس الثقافة العربية بكل أشكالها وموروثها الفكري، بل اقتلعت تركيا وإيران الفكر العروبي وتراثه من جذوره. وصارت الأسماء العربية والتسميات العامة واللباس العربي جريمة في هاتين الدولتين الإسلاميتين. مما لا شك فيه أن الأنظمة العربية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن هذه الانتكاسات الخطيرة. فقد أهملت العرب الموجودين في إيران وتركيا وبقية الدول، وتنصلت من مسؤوليتها اتجاههم، وهذا ما نجده حاليا في أوضاع العرب المأساوية في إيران الساسانية (عربستان) وتركيا العثمانية، رغم ان العرب لهم الفضل الأول في نشر الإسلام فيهما.
الحقيقة المرة ان الفارسي والتركي يشتركان في خاصية كراهية العرب، بل هي السمة التي تجمعهما رغم العداء بينهما.
الشعوبية قديما
ليست الشعوبية وليدة العصر الحالي، بل هي قديمة وسبقت الإسلام وهذا ما يتجلى بوضوح في نظرة الملوك الفرس الى العرب، واشتدت الهجمة شراسة مع فجر الإسلام، ومن خلال إجابة كسرى الفرس على رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما دعاه الى الإسلام، وكذلك في رسالة يزدجر الثالث الى عمر بن الخطاب بعد معركة القادسية والتي توضح نظرتهم الدونية الى العرب، كتب يزدجر (يزدجرد) الثالث الى: عمر بن الخطاب خليفة المسلمين10997 باسم (هورا مزدان) خالق الحياة و الحكمة ” أنت في رسالتك كتبت أنك تريد إرشادنا الى ربك (الله أكبر) بدون أن تعرف حقيقة مَن نكون نحن وما نعبد. العجيب في الموضوع أنك جالس على كرسي خلافة العرب في حين أنّ مستوى فهمك (تفكيرك) هو مستوى فهم أي عربي من العوام. إنّ مستوى فهمك (تفكيرك) بالنسبة لنا هو مثل مستوى فهم رؤساء القبائل العربية المُشفَق عليهم. يا عُمر! أنت تدعوني الى عبادة إله الواحدالأحد من دون أن تعرف أن الفرس منذ آلاف السنين يعبدون إله الواحد الأحد ويسجدون لِربّهم في اليوم خمس مرات. العُرف والفن جزء من حياة الفرس منذ سنوات عديدة. عندما كنا نحن من صُنّاع العادات الفضيلة وحُسن الضيافة وحاملي راية (التفكير الحسن، القول الحسن، الفعل الحسن)، كنتم أنتم تأكلونالسحلية والحشرات لأنه لم يكن لكم ما تأكلون غيرها، وكنتم تدفنون بناتكم البريئات. إن العرب لا يحترمون الإنسان، أنتم تذبحون مخلوقات الرب، بل حتّى أنكم تذبحون الأسرى وتعتدون على النساء وتدفنون بناتكم أحياءً وأنتم قطّاع طرق القوافل، تقتلون وتغنمون وتغتصبون أموال الناس. إن قلبكم من حجر. إننانرفض كل هذه التصرفات الجنونية. كيف لكم أن تجدوا لنا إلهاً وأنتم تقومون بكل هذه الجرائم. أنت تقول لي بأن لا أسجد للنار! نحن نرى حب الخالق ونور الشمس في وهج النار. ان النور والنار تجعلاننا أن نرى شعاع الحقيقة والحق وأن نمنح قلوبنا الى الخالق لينوّرها ويساعدنا في أن نكون لطفاء مع بعضنا ونستنير كي يدوم الحب في قلوبنا الى الأبد. إنّ ربنا هو (هورا مزدان) الذي أنتم الآن عرفتموه وسميتموه (الله أكبر)، ولكن نحن لسنا مثلكم. نحن نطوّر الحب بين البشر. نحن ننشر ونطوّر المحبة على الارض. منذ آلاف السنين ونحن نقوم بتطوير ثقافتنا وعاداتنا وفي نفس الوقت نحترم عادات وثقافات غيرنا، ولكنكم أنتم باسم (الله) تُدمّرون وتنهبون على الأرض، تقتلوننا وتقتلون غيرنا وتأتون بالفقر والجوع، وباسم الإله تخلقون الرعب والفقر. هل أنّ هذا الإله يأمركم بالقتل؟
وهل يأمركم بالتخريب والنهب؟
هل أنتم تبعية الإله (الله)، تقومون باسمه بكل هذه التصرفاتالمشينة؟ أو باسمه هربتم من الصحراء القاحلة وعن طريق غزواتكم ورؤوس سيوفكم تعطون دروساً لِمحبة الله؟ نحن منذ آلاف السنين لنا ثقافتنا. قل لنا ما الذي سوف تُعلّموننا إياه عن طريق غزواتكم واعتداءاتكم وقتلكم باسم (الله أكبر)؟ ما الذي علّمتموه للمسلمين كي هم بِدورهم يعلّموا غيرهم؟ ما الذي تعلّمتموه أنتم كي تأتوا الآن وتعلّمون به غيركم عن طريق الإكراه؟ مع الأسف كل الأسف… جيشنا الآن قد ُهزم أمام جيشكم. الآن يجب على الناس (مواطنينا) أن يسجدوا لهذا الإله الذي جاء إلينا من خلال سيوف العرب. أقترح عليك ان تجمع جيشك وترجعوا الى صحرائك، المكان الذي كنتم تعيشون فيه، المكان الذي لا توجد فيه ثقافة غير الخوف من النار (نار جهنم)، المكان الذي تحكمهالقبائل ويأكلون (قمقمك) ـ هو نوع من الحشرات التي تعيش في الصحراءـ . أنا لا أقبل أن يعيش جيشك في بلادنا الخيّرة. الناس العرب الذين أتيتَ بهم لغرض القتل والنهب، لا تقبل منهم ان يقوموا بهذه الاعمال باسم (الله). أُتركْ تصرفاتكم الإجرامية لأن الناس هنا يقبلون الاعتذار ويحسنون الضيافة. إنهم يزرعون بذور الصداقة أينما يذهبون. أنا أطلب منك ان تبقوا في الصحارى ولاتقتربوا من المدن الحضارية لأنّ معتقداتك رهيبة وهمجية. (ترجمها هاوڕێ كمال من الكردية الى العربية).
ولأن معظم العرب من المسلمين، لذا تغلغلت الشعوبية الى الإسلامية، باعتبار أن تدمير الإسلام يعني تدمير العرب بالنتيجة. ونشط التحرك الشعوبي بعد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) واشتد خلال الفتح الإسلامي لفارس وبقية الأمصار، وبدأت حملة تشويه الأحاديث النبوية وتلتها الإساءة الى الذات الإلهية والطعن في القرآن الكريم وأحكام الإسلام والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وأمهات المؤمنين وشملت بقية الصحابة الكرام الذين رضى الله عليهم، قال تعالى في سورة الفتح/ 18 (( لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا))، الله رضى على الصحابة والفرس والشيعة يكفرونهم باعتبارهم ارتدوا عن الإسلام، يا للعجب!
امتدت الهجمة الى خلفاء بني أمية. وكان للفرس السبق والشدة في التوجه الشعوبي من خلال الحركات الهدامة التي أضعفت أمة العرب والإسلام، فمعظم الحركات الشعوبية ذات أصول فارسية مباشرة أو غير مباشرة واستمرت هذه الهجمة الشرسة لحد الوقت الحاضر، بل يمكن الجزم بأن هناك جبهة شعوبية داخلية وأخرى خارجية ولا تقل أحدهما خطرا عن الأخرى.
والشعوبية يمكن أن تلاحظها في الكتب القديمة بوضوح من خلال التفريق والتمييز المشين بين الصحابة الأجلاء، فالكثير من المؤرخين القدامى بالغوا في كيل المدائح لعلي بن أبي طالب وذريته وترحموا عليهم دون أن يكيلوا مدحا أو مجرد رضوان على بقية الصحابة، سيما الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل. والغريب ان الكثير منهم محسوب على أهل السنة! ربما تكون هذه اللعبة القذرة من صنع الناسخ وليس المؤلف كما اوضحنا، ولكن من الصعب التوصل الى الحقيقة لأن هناك نسخ أحادية أو ثنائية من بعض المخطوطات مما يُصعب المهمة على الباحث. وهذه بعض الشواهد.
إبن قتيبة
قال ابن قتيبة” قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في عبد الله بن عباس: إنه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق”.( عيون الأخبار1/91). و” كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتمثّل بهذين البيتين:
ولا تفش سرّك إلّا إليك… فإنّ لكلّ نصيح نصيحا
فإني رأيت غواة الرجال … لا يتركون أديما صحيحا
( عيون الأخبار1/97). لاحظ كيف يترضى على علي بن ابي طالب، ولا يترضى على ابن عمه! بل لا يترضى أيضا على عمر الفاروق!
كما ذكر ايضا” قال عمر بن الخطاب: الرأي الفرد كالخيط السّحيل، والرأيان كالخيطين المبرمين، والثلاثة مرار لا يكاد ينتقض”.(عيون الأخبار1/86). وقال ايضا ” حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال: لما أتي عمر بتاج كسرى وسواريه جعل يقلّبه بعود في يده ويقول: والله إن الذي أدّى إلينا هذا لأمين، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أنت أمين الله يؤدّون إليك ما أدّيت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت.
حدّثني أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعي قال: لما أتي علي (ع) بالمال أقعد بين يديه الوزّان والنقّاد فكوّم كومة من ذهب وكومة من فضة وقال: يا حمراء ويا بيضاء احمري وابيضّي وغرّي غيري “.( عيون الأخبار1/115). وقال أيضا” وجدت في كتاب لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ: إني أشركتك في أمانتي ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدوّ قد حرب قلبت لابن عمك ظهر المجنّ بفراقه مع المفارقين وخذلانهم مع الخاذلين واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمّة اختطاف الذئب الأزلّ دامية المعزى وفي الكتاب: ضحّ رويدا فكأن قد بلغت المدى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغترّ بالحسرة ويتمنّى المضيعّ التوبة والظالم الرجعة”. (عيون الأخبار1/121). في حين عندما يرد عمر بن الخطاب لاحظ كيف يذكره! قال” حضر باب عمر بن الخطاب جماعة منهم سهيل بن عمرو وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس فخرج الآذن فقال: أين صهيب؟ أين عمّار؟ أين سلمان؟ فتمعّرت وجوه القوم. فقال واحد منهم: لم تتمعّر وجوهكم؟ دعوا ودعينا فأسرعوا وأبطأنا، ولئن حسدتموهم على باب عمر لما أعدّ الله لهم في الجنة أكثر”.( عيون الأخبار1/157). لكن ربما هذا الأمر من فعل الناسخ، وليس الكاتب والله اعلم.
إبن الدجاجي
قال ابن الدجاجي ” قال عبد الله بن عمر: اتقوا من تبغضه قلوبكم. وقال يحيى بن خالد البرمكي رحمه الله: إذا كرهتم الرجل من غير سوء أتاه إليكم فاحذروه، وإذا أحببتم الرجل من غير سوء أتاه إليكم فاحذروه وإذا أحببتم الرجل من غير سبق منه إليكم فارتجوه”. وذكر” قال سعد بن أبي وقاص لابنه: يا بني إذا طلبت الغني فاطلبه بالقناعة، فإن لم يكن لك قناعة فليس يغنيك مال”.(سقط الملح/2).
لاحظ ترحمه على البرمكي، وليس على الصحابيين سعد بن ابي وقاص وعبد الله!
الشمشاطي
ذكر الشمشاطي” قال عُمَر بن الخَطّاب لعَمْرِو بن مَعْدِ يكَرِبَ: أَخْبرْني عن السِّلاح، قال: سَلْ عما شِئْتَ منه، قال: الرُّمْح، قال: أَخوك وربّما خَانَك، قال: النَّبْل، قال: مَنَايَا تُخطِئُ وتصِيب، قال: التُّرْسُ، قال: ذاك المِجَنُّ، وعليه تَدُورُ الدَّوائر، قال: الدِّرْع، قال: مُشْغِلَةٌ للراجِل، مُتعِبَةٌ للفارِس، وإِنَّهَا لَحِصْنٌ حَصِينٌ، قال: السَّيْف، قال: ثَمَّ قَارَعَتْك أُمُّك عن الثُّكْل، يا أَميرَ المؤمنين، قال عُمر:بل أُمُّك، قال: الحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لك”. لاحظ لا أمير المؤمنين ولا خليفة ولا (رض). في حين عندما تكلم عن علي قال” قال أَمير المؤمنين عليٌّ (ع): السَّيْف أَنْمَى عَدَداً، وأَكْرم وَلداً. وذَكَرَ أَعرابيٌّ قَوْماً تَحَارَبُوا فقال: أَقْبَلَت الفُحُول، تَمْشي مَشْىَ الوُعول، فلمّا تَصَافَحُوا بالسُّيُوف فغَرَت المَنَايَا أَفواهَها. وذكَر آخَرُ قَوماً أَغارُوا على قومٍ فقال: جَعَلوا المُرَّان أَرْشِيَةً فاسْتَقَوا بها أَرْوَاحَهم”. (الأنوار ومحاسن الأشعار1/1). وذكر” كتب عمر بن الخطّاب إلى عمرو بن العاص: إنّي أريد أن أغزي جيشاً من المسلمين البحر، فأخبرني عنه. فكتب إليه: إنّ البحر خلق عظيم، يركبه خلقضعيف، دود على عود إن يمسكوا يفرقوا، وإن يصرعوا يغرقوا. فقال عمر: لا أحمل فيه مسلماً كارهاً أبداً”. (الأنوار ومحاسن الأشعار/76)
الشريف الادريسي
قال الشريف الادريسي” سمي بجبل طارق لأن طارق بن عبد الله بن ونموا الزناتي لما جاز بمن معه من البرابر وتحصنوا بهذا الجبل أحس في نفسه أن العرب لا تثق به فأراد أن يزيح ذلك عنه فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها فتبرأ بذلك عما اتهم به”. ( نزهة المشتاق2 /540). في حين ذكر الحميري” طارق بن زياد، قيل هو فارسي وقيل هو من الصدف وقيل ليس بمولى وقيل هو بربري من نفزة، فعقد له وبعثه موسى بن نصير في سبعة آلاف من البربر والموالي ليس فيهم عربي إلا القليل، فهيأ له يليان المراكب وحل بجبل طارق يوم سبت في شعبان من سنة اثنتين وتسعين وهو من شهور العجم شهر أغشت، وقيل في رجب من السنة، في اثني عشر ألفاً غير ستة عشر رجلاً لم يكن فيهم من العرب إلا قليل وأصاب طارق عجوزاً من أهل الجزيرة قالت: إنه كان لي زوج عالم بالحدثان وكان يحدث عن أمير يدخل بلدنا هذا ويصفه ضخم الهامة، وأنت كذلك، ومنها أن بكتفه الأيسر شامة عليها شعر فإن كانت بك هذه الشامة فأنت هو، فكشف طارق ثوبه فإذا بالشامة على كتفه كما ذكرت العجوز، فاستبشر بذلك هو ومن معه. وذكر عن طارق أنه كان نائماً في المركب فرأى في منامه النبي (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الأربعة يمشون على الماء حتى مروا به فبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد، وفي حكاية أنه لما ركب البحر غلبته عينه فرأى النبي (صلى الله عليه وسلم) وحوله المهاجرون والأنصار قد تقلدوا السيوف وتنكبوا القسي فيقول له النبي (صلى الله عليه وسلم): يا طارق تقدم لشأنك”، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلوا الأندلس قدامه، فهب من نومه مستبشراً وبشر أصحابه ولم يشك في الظفر، فنزل بالجبل شاناً الغارات فيالبسائط ولذريق يومئذ غائب في غزاة له واتصل به الخبر فعظم عليه أمره وفهم الخبر الذي منه أتي مع يليان، وأقبل مبادراً في جموعه حتى احتل بقرطبة أياماً والجنود تتوافى عليه، وكان لحينه ولى ششبوت بن الملك غيطشة ميمنته وأخاه ميسرته وهما موتوران قد سلبهما ملك أبيهما، فبعثا إلى طارق يسألانه الأمان إذا مالا إليه عند اللقاء بمن معهما وعلى أن يسلم إليهما ضياع والدهما غيطشة إن ظفر، فأجابهما طارق إلى ذلك، وعاقدهما عليه فلما التقى الجمعان انحاز هذان الغلامان إلى طارق فكان ذلك سبب الفتح، وكان الطاغية لذريق في ستمائة ألف فارس”. ( الروض المعطار1/35).
وقال الادريسي” شرب أهل المدينة من نهر صغير يأتي إليها من جهة المشرق جلبه عمر بن الخطاب وجاء به إليها من عين كبيرة إلى شمال المدينة وأجراه بالخندق المحتفر بها ومقدار مدينة يثرب على قدر نصف مكة ومياه نخيلهم وزروعهم من الآبار يسقيها العبيد وبقيع الغرقد خارج باب البقيع في شرقي المدينة”. ( نزهة المشتاق /143). وقال أيضا ” يتصل بأرض عمان من جهة الغرب ومع الشمال أرض اليمامة وهي بلاد الزرقاء اليمامة وكانت هذه الزرقاء اليمامة في عهد الجاهلية ولها أخبار مشهورة مذكورة في الكتب وتولى قتلها وسببها وأخذ أموالها وال من قبل عمر بن الخطاب”. ( نزهة المشتاق /159). كما قال ” إن مدينة سبيطلة كانت مدينة جرجيس ملك الروم الأفارقة وكانت من أحسن البلادمنظرا وأكبرها قطرا وأكثرها مياها وأعدلها هواء وأطيبها ثرى وكانت بها بساتين وجنات وافتتحها المسلمون في صدر الإسلام وقتلوا بها ملكها العظيم المسمى جرجيس”. ( نزهة المشتاق /283). لاحظ يعظم الملك جرجيس ولا يترحم على عمر! وانظر الى رأيه في العرب ” إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الثالث من الأرضين أكثرها خلاء وعامرها قليل وأهلها عرب مفسدة في الأرض مغيرة على من جاورها، في وسط الرمل وماؤها ماء زعاق لا يسيغه شارب”. ( نزهة المشتاق1/348). كذلك قول آخر عن عرب الأهواز” الأهواز: مدينة نزهة جدا ليس في خوزستان مدينة أكثر نزاهة منها. ذات نعم وفيرة وشكل حسن. أهلها صفر الوجوه. ويقال إن من أقام بالأهواز وجد في عقله نقصا”. ( حدود العالم/149).