تناقلت وسائل الاعلام قبل عدة ايام التهديد الروسي للسعودية وقطر على خلفية الهجوم الإرهابي الذي وقع في ” فولغوغراد ” ، الذي تبين في محصلته النهائية بان التحقيقات الروسية أثبتت أن منفذه تدرب في السعودية وقطر وباموالهما ، خلال فترة ” جهاده في سوريا “.
جاء هذا التهديد على لسان الرئيس الروسي ” فلاديمير بوتين ” الذي وعد شعبه بتغيير خريطة الشرق الأوسط قائلا : ” لن أمهل الجناة وقتا طويلا، وردّنا سيغير خارطة الشرق الأوسط عن قريب، وهذا وعد مني لأبناء روسيا العظمى ” .
ووفقاً لموقع “توب نيوز” فإن التهديد الروسي جاء سريعا تلبية لغضب شعبي عارم بعد الكشف عن أن الإرهابي الذي نسف نفسه كان ” يجاهد في سوريا ” مع مجموعة مسلحة مدعومة رسميا من قبل السعودية وقطر.
وحسب مراقبون الذين تعددت سيناريوهاتهم حول شكل الضربة الروسية المتوقعة وكيفيتها ، فمنهم من قال باحتمالية شن غارات على مواقع سعودية وقطرية ، ومنهم من قال بان الروس سيلقون بثقلهم العسكري في الحرب الدائرة في سوريا، وآخرون ذهبوا لأبعد من ذلك متحدثين عن قيام الروس بتنفيذ عمليات ” كوماندوز” تستهدف خطف واعتقال بعضاً من القيادات الدينية والعسكرية ، التي تدعم وتمول الإرهاب في قطر والسعودية، وصولا إلى الكويت.
وجاء هذا التوتر والتصعيد في العلاقات الروسية – السعودية القطرية على خلفية مواقفهم منذ اندلاع الازمة السورية التي تعتبر واحدة من احدى تداعيات ما يحصل في المنطقة من ( زوابع رعدية ) سميت ( ربيعاً عربياً ) .. وبعد ان استنفدت كل الاطراف جهودها الدبلوماسية في التوصل لحل سياسي توافقي يحفظ للجميع مصالحهم وتوجهاتهم ، فشلت المحاولات السعودية والقطرية لاستمالة الموقف الروسي الى جانبها ، وآخرها زيارة الامير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية في شهر كانون اول من عام 2013 الى موسكو ومحادثاته الفاشلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقد اشار الخبير الروسي في الشؤون الدولية ” سيرغي بليخانوف ” في معرض اجابته عن سؤال خلال احدى لقاءاته المتلفزة : ” أعتقد أنه يجب قراءة هذه الزيارة في سياق البحث عن تقارب ما بين موقفي روسيا والسعودية، نظرا للعملية السياسية الشرق أوسطية التي اكتسبت ديناميكية بالغة في الآونة الأخيرة، حيث الاهتمام ينصب ليس فقط على الربيع العربي، بل وبشكل أكثر على تداعياته ” .
مضيفاً : ” تحدث تغيرات سريعة جدا على الخارطة السياسية للمنطقة، وتأتي شخصيات جديدة، وأعتقد أنه دار الحديث في لقاء ( بوتين – بندر) حول هذه الأشياء ذاتها. وبالطبع كانت سورية من اهم مواضيع النقاش، وإيران أيضا” .
ثم استطرد قائلا : “باعتقادي دار النقاش كذلك حول مصر وليبيا، اي تم النقاش حول النقاط الأكثر حساسية في المنطقة والتي لا تزال بعيدة جدا عن الهدوء والاستقرار، بينما تهتم المملكة، وليس أقل من روسيا، بتراجع هذه العملية الثورية بشكل ما” .
فما هي المؤشرات والمعطيات المتكونة لدينا من ذلك كله ..؟
انها تعطينا دليلا قاطعا لايقبل الشك بان للسعودية وقطر دوراً رئيساً وفاعلاً وداعماً لمجمل هذه الاحداث المنتشرة في المنطقة وتداعياتها من فوضى وقتل وتخريب مظللة الشعوب بشعارات التغيير ، والربيع ، والخلاص من الديكتاتوريات، واحلال الحكومات الديمقراطية المنتخبة بديلا عنها .. ؟!
فاذا كان ذلك بالامس ليس واضحا وربما كنا نتكلم عنه بخجل ، فذلك بفعل عدم امتلاكنا الرؤيا والادلة والحجج الدامغة ، او نتيجة للتظليل الاعلامي الممنهج الذي يذر الرماد في العيون ويثير جعجعة الفوضى للتغطية على حقيقة ما يجري ، فاليوم يبرز ذلك واضحا جليا لايقبل اي شك او جدال ( فليس بعد العين اين ) .. اذ انساقت السعودية وقطر وراء احلامهما المريضة وحضهما العاثر متجاوزين بذلك حدودهما وقدرتهما، لتمد ذراعها في محاولة منها لتطال من امن روسيا وترهبها ، واهمة بانها تستطيع تلقينها درسا قاسياً كفيلاً بان يجعل الروس يغضّوا من أبصارهم و يكفّوا ايديهم عن ما يجري ، ليكون الخلق تحت رحمة أذرعة أخطبوط الارهاب بكافة مسمياته واشكاله ، وليستبيحوا دماء المسلمين وينتهكون أعراضهم ويحرقون أرضهم وماعليها ، تحت راية سوداء لاتملك من شعار الشهادتين الا الشكل الذي يغتالون من خلاله الاسلام وبيضته ، مشوهين عبر ثقافة القتل والترهيب جوهره الداعي للحق والحرية والسلام ، وحفظ دماء الانسان وكرامته ، وضمان أمنه ومعيشته .
واذا كانت ( السعودية وقطر ) قد عمدت الى تشكيل هذه المجموعات الارهابية الدموية المسلحة تحت ذريعة مواجهة ( الأفعى السوداء ) التي يكمن رأسها في ايران وجسمها في العراق والشام وذيلها في البحرين لتبرير تخوفها من مد شيعي مزعوم ، فهل هذا يعطيها مبرراً لاحداث كل هذه الفوضى والتدمير ام انها مجرد ذرائع تعتاش من وراءها العوائل المتحكمة بمقدرات شعوب دول الخليج العربي ، باعتمادها على اقتصاد الازمات ..؟
ان السياسة الرعناء التي تنتهجها حكومات دول الخليج العربي وعلى رأسها قطر والسعودية التي صبحت مهووسة بالمحافظة على كراسيها قد افقدها توازنها وقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة والحكيمة ، واندفعت متمادية في استخدام امكاناتها الاقتصادية الهائلة مفتعلة الحروب والازمات، مثيرة النعرات واشاعة ثقافة قطع الرؤوس والتفجيرات والمفخخات ، والمزيد من تكميم الافواه وكبت الحريات ، بدلاً من التفاتها للتنمية والبناء ومحاولة امتصاص الحراك الشعبي الذي يغلي من تحتها ، فباتت اقرب قاب قوسين او ادنى من هاوية السقوط في هذا الوقت بالذات .
فهل تعلم السعودية ان العالم قد ضاق ذرعا بها وبفكرها المفرط في شدته ، وسيخرج فرحاً بسقوط دولة آل سعود ، وان المسلمين في هذا العالم نفد صبرهم وسيسجدون شكرا لله لخلاصهم من هذا الكابوس الجاثم على صدورهم ، السارق لمقدساتهم ، المهيمن على كعبتهم ..
فهل سنشهد تطبيقا فعليا على الارض للضربة الروسية المرتقبة ، وماهو مقدار مصداقية الرئيس ” فلاديمير بوتين ” في تحقيق تهديده ووعيده ..؟ وما الذي ستحدثه هذه الضربة من تغييرات ..؟
ونحن نعلم ان القدرات العسكرية الروسية وما تمتلكه من ترسانة حربية هائلة كفيلة باعادة قطر والسعودية الى زمن قريش وان عدة صواريخ من منظومتي ” توبول أو بولافا ” كفيلة باعادتهم لامتطاء جمالهم في ” رحلتي الشتاء والصيف ” هذا اذا بقيت لديهم جمال..!
ونحن نعلم ايضا ان اية ضربة مهما كانت محدوديتها فانها ستحدث فوضى داخلية عارمة ، لها أول وليس لها آخر ، ستفجر ذلك الغليان الشعبي المتعاظم والناقم عليها الذي طال انتظاره وفرغ صبره وبقيت جذوة حماسته مشتعله ، وأمله في احداث التغيير قائماً ، ولفرصته المؤاتية متحيّناً ، لينقّض ممزقا حبال أسره وعبوديته ، ليكون سقوطهم حتمياً متتابعاً عقب اي ضربة ، ليشمل كل الانظمة الحاكمة في عموم دول الخليج العربي .