لو أمعنا النظر بقضايا تحدث في زماننا هذا، لوجدنا إنها تكمله، أو تتمة لما حصل قبل أكثر من أربعة عشر قرنا، بعد محاصرة المصدقين بنبوة رسولنا الأكرم في شعب أبي طالب، وحرق منازلهم وتكفيرهم، جاءوا اليوم ليكملوا ما بدأ أسلافهم فهجروا، وحرقوا، وسبوا، ولم يفرقوا بين طفل صغير وشيخ كبير، بين امرأة كبيرة وشابة في مقتبل العمر.
أناس لم تعد البيوت تسع لسكنهم، لان ذئاب الموت تحاصرهم من كل جانب، ولم يطفئ الدمع نيران ثيابهم، نعم أربعة عشر قرنا، والمسلمين يهجرون من جديد إذن إنها امتداد للهجرة النبوية.
أعداء الرحمن يهجرون أحبابه إنهم إذن أعداء لرب العزة يتصنعون بعبادته رافعين راياتهم السوداء.
إن عدم قدرة المعنيين من حماية المواطنين، وعدم وجود خطط كفيلة لاحتواء الأزمة التي تفاقمت بسرعة مذهلة، حتى أضحت مساحات واسعة من وطننا الذبيح تحت سيطرة الإرهاب، وأصبح النزوح نتيجة طبيعية لهجرة، أو تهجير الملايين من الناس عن مدنهم، وقراهم، وبيوتهم.
من المخجل حقا أن يكون المرء غريبا أو فقيرا لولا هذا النفر الضال في بلده، كيف إن أصبح مهجرا بين أهله وأحبابه؟ وهو العزيز الكريم.
قد يكون للتهجير أسباب خارجية أو داخلية، سياسية أو طائفية، قد يكون هدفها التغيير الديموغرافي للمنطقة مرتبطة بخارطة كبيرة أخرى، أو التلاعب بفسيفساء نسيج تكوين هذه المدن المتجانسة المتعايشة منذ قرون وأفرغها من بعض المكونات.
إن الإسلام بني على المحبة، والتسامح، لا على ألسيف، والقتل، والتهجير، الإسلام نمى على خلق محمد عليه أفضل السلام وأتم التبريك”” انك على خلق عظيم”” إن رسول المحبة جاء ليتمم مكارم الأخلاق؛ لا أن يعتدي على الآخرين، ويسبي نسائه، ويقتل أسراه، ولا يفرق بين شيخ كبير، وطفل رضيع “قفزهم أنهم مسئولون ” نعم أيها الساسة العراقيين! يا من ارتضيتم لأنفسكم أن تكونوا ممثلين عن شعبه مدافعين عن حقوقهم، إنكم مسئولون فتكرموا عليهم من وقتكم، أعطوهم نصيبا من وقتكم، إن عدم مبالاتكم يا وضاع المهجرين المعيشية والإنسانية لتزيدهم إلا ألما، وحسرة ويزيد من نزف جراحهم، وعليكم الجمع بين رعاية المهجرين والحق في عودتهم لديارهم معززين مكرمين.