23 ديسمبر، 2024 3:24 م

التنمية البشرية وتسكين الفقر والدولة الهشة في العراق بعد 2003

التنمية البشرية وتسكين الفقر والدولة الهشة في العراق بعد 2003

بحث مقدم
الى مؤتمر التنمية والبيئة والأجيال المستقبلية
المركز العلمي العراقي /تشرين الاول 2012

تمهيد : 
بعد عام 2003 تحول  العراق من حكم شمولي دكتاتوري الى نظام  ديمقراطي برلماني ، زرعته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها” الديمقراطية الطارئة ” وبعد مرور 10 سنوات على العمل بالنظام الجديد ” العراق الجديد ” ،يحق السؤال ” هل ما تحقق من انجازات في التنمية البشرية ومكافحة وتسكين الفقر “محور التنمية ” يرقى للمعايير  الإنسانية والدولية “الامم المتحدة ” ، وهل ان تجربة العراق في هذا المجال سجلت تميزا عالميا ، كما الحال في دول مثل ماليزيا واندونيسيا والمكسيك والبرازيل وحتى الصين وكوريا ، وهل ما توفر  للحكومات العراقية المتعاقبة من إمكانيات مالية ضخمة بلغت 700 مليار دولار ،وظفت بالاتجاهات الرشيدة للتنمية ،وفق البرامج المعتمدة دوليا ” أهداف الألفية  الإنمائية للأمم  ، آم أن تلك الموارد الضخمة ، تعرضت للتبديد” جدوى المشاريع ” والاستلاب”نخرها الفساد الإداري والمالي ” ، أسئلة  ، يحاول هذا البحث الإجابة عليه …!.

1.تقييم اداء الحكومات العراقية في التنمية البشرية ومكافحة الفقر لغاية 2011
1.1- مدخل لمفهوم التنمية البشرية
ليس من أولويات هذا البحث ، التعريف بمفهوم التنمية البشرية ،ولا التطرق لتطوره التاريخي ، وبالتالي ولأغراض عملية وعلميه ، سيتم تعريفه وفق مواثيق الدولية المعتمدة ” منظمات الامم المتحدة ” ولضرورة ايضا لابد من الإشارة الى  العهد الدولي  للتنمية البشرية ، واعتباره حقا من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف ،  ولابد في هذا الاتجاه ولإغراض التقييم ، من الإحاطة بتقرير التنمية البشرية السنوي الذي تصدره الامم المتحدة ، وترتيب دول العالم فيه وفق دليل  اصطلح على تسميته بدليل التنمية البشرية ، وهو حصيلة ثلاثة مؤشرات ، الصحة والتعليم والدخل ، واعتبر من تاريخ اعتماده   في 1990 ،القياس المعتمد للدلالة على نوعية الحياة”الرفاه ” لكل بلدان العالم ، وهو عاكس مقبول    لانجازات حكومات تلك الدول لمواطنيها  في مجال التنمية. وللفائدة يمكننا النظر للتنمية البشرية بحدين وفق تطورها التاريخي  :
1.1.1 ـ منظور الحاجات الاساسية /بيان مؤتمر Cocoyoc   بالمكسيك 74
” ان اهتمامنا الأول هو إعادة تعريف الهدف الكلي للتنمية ، وهذا ينبغي أن لايكون تطوير الأشياء ولكن تطوير الإنسان ، العنصر البشري له حاجات أساسية غذاء ، مأوى ، لباس ، صحة ، تعليم ، وان اي عملية نمو لاتقود الى إشباعها ، الأسوأ تقود الى تعطيلها ، هي تشويه لمفهوم وفكرة التنمية “.(1)
2.1.1 ـ منظور الحرية :
يؤكد “Sen  Amartya.في كتابه التنمية حرية ، أن التنمية يمكن النظر إليها باعتبارها عملية توسع في الحريات الحقيقة التي يتمتع بها الناس، فالتنمية في حقيقتها هي إزالة مصادر افتقاد الحرية كالفقر، والاستبداد، وشح الفرص الاقتصادية، والحرمان الاجتماعي، والغلو والتطرف، وإهمال المرافق العامة.
ويلاحظ أن نقص الحريات مقترن مباشرة بالفقر الاقتصادي الذي يسلب الناس حقهم في الحرية والحصول على حاجاتهم الأساسية، وفي أحيان أخرى يكون افتقاد الحريات مقترنا بضعف المرافق العامة والرعاية الاجتماعية، مثل برامج مكافحة الأوبئة، أو الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية.
بعدها اتفقت جميع الأدبيات التنموية العالمية ، على ان التنمية البشرية تتمركز حول البشر ، وان التنمية تكون بالبشر لتنمية البشر ومن أجل البشر ، وإنها بمفهومها العريض ، توسيع لخيارات البشر . (2)
2.1 ـ التنمية البشرية وحقوق الانسان
اعلان الحق في التنمية
اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة ((التنمية عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم، النشطة والحرة والهادفة في التنمية وفى التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها))
المادة 1
 الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما.
المادة 2
 الإنسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية وينبغي أن يكون المشارك النشط في الحق في التنمية المادة والمستفيد منه.
المادة 3
 تتحمل الدولة المسؤولية الرئيسية عن تهيئة الأوضاع الوطنية والدولية المواتية لإعمال الحق في التنمية.
,لان مواثيق حقوق الإنسان السابقة تعاملت مع الحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية
“بيان 1948 وبيان “1966، فان هذا الإعلان شكل طفرة متطورة باعتباره يتعامل مع الإنسان كمجموعة لا كفرد كما في السابقات ، وبات ينظر إليه على انه يمثل الجيل الثالث لحقوق الإنسان . (3)
3.1 دليل التنمية البشري   Human Development Index  
 وجدت أصول دليل التنمية البشرية( HDI) في تقارير التنمية البشرية السنوي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP . والتي أطلقها الاقتصادي الباكستاني محبوب الحق في عام 1990، وكان الهدف  لتحويل التركيز على  التنمية من اقتصاديات حساب الدخل الوطني للسياسات محورها الناس ولإنتاج، الى تقارير التنمية البشرية، جلب محبوب الحق معه مجموعة من الاقتصاديين التنمية المعروفين  بول Streeten، ستيوارت فرانسيس، Ranis غوستاف، كيث غريفن، أناند سودهير وMeghnad ديساي. والحائز على جائزة نوبل أمارتيا سين على القدرات وfunctionings في تعريفه للتنمية والفقر الأساسي.
لتوفير الإطار المفاهيمي كان محبوب الحق ،على يقين من أن هناك حاجة إلى إجراء بسيط مركب للتنمية البشرية من أجل إقناع الرأي العام، والأكاديميين، وصناع السياسات لتمكينهم من تقييم التنمية ليس فقط بسبب التقدم الاقتصادي ولكن أيضا تحسينات في رفاه الإنسان. سين عارض في البداية هذه الفكرة، لكنه ذهب لمساعدة تطوير مؤشر الحق. كان قلق صن أنه من الصعب التقاط التعقيد الكامل للقدرات البشرية في فهرس واحد ولكن الحق أقنعه أنه ليس هناك سوى عدد واحد سيحول انتباه صناع السياسة الاقتصادية من التركيز على رفاه الإنسان .(4)
اعتمد هذا الدليل ،على مؤشرات ثلاثة ، مقياس مقارن لمتوسط العمر المتوقع ، ومحو الأمية والتعليم ومستويات المعيشة بالنسبة للبلدان في جميع أنحاء العالم. هو وسيلة لقياس مستوى الرفاه ، والرعاية الاجتماعية وخاصة الأطفال. يستخدم الدليل للتمييز بين ما إذا كان البلد هو بلد متقدم ، أو نامي أو من البلدان الأقل نموا ، وكذلك لقياس أثر السياسات الاقتصادية على نوعية الحياة.
قبل عام 2003 ، كان العراق تحت الوصاية الدولية والحصار الاقتصادي ، وحينها لم يدرج في التقارير السنوية التي تصدرها الامم المتحدة حول التنمية البشرية ، وبعد عام 2003 ولغاية عام 2010 ، غيب العراق عن هذا التقرير ، بسبب عدم  توفر البيانات المطلوبة ، وفي بداية عام 2011 صرح وزير التخطيط والتعاون الانمائي ، بان احد أهداف  وزارته ، السعي لتسجيل العراق في تقرير السنوي للتنمية البشرية الذي تصدره الامم المتحدة ، وحدث هذا فعلا ، لكن حصل العراق على المرتبة 132 ومؤشره 0.573 مقابل مؤشر عربي مقبول 0.641  ومؤشر دولي 0.682   ،  وبالتالي يصنف وضع العراق في خانة الدول المتخلفة.Under developed Countries  (5)
، وكما هو موضح في الجداول التالية : 

Iraq’s HDI indicators for 2011 relative to selected countries and groups
 HDI value HDI rank Life Expected Mean years GNI per
   expectancy years of of schooling capita
   at birth schooling  (PPP US$)
العراق  0.573 132 69.0 9.8 5.6 3,177
المغرب  0.582 130 72.2 10.3 4.4 4,196
سوريا 0.632 119 75.9 11.3 5.7 4,243
الدول العربية  0.641 — 70.5 10.2 5.9 8,554
متوسط المؤشر  0.630 — 69.7 11.2 6.3 5,276

وهنا لابد من الذكر بان الميزانية السنوية للعراق تفوق بإضعاف ميزانية الدولتين المقارنتين ،مصر ، والمغرب .
لإغراض تاريخية نذكر أن السيد دي ميلو ، ممثل الأمم المتحدة في العراق عام 2003 ، كان قد سعى جادا لوضع بوصلة إستراتيجية لتنمية البشرية ، وشكل حينها فريق عمل اشترك فية خبراء التنمية البشرية من كافة المنظمات العالمية وخبراء عراقيين ، وأنجز دراسة أطلق عليها ” التقديرات الأساسية لإعادة أعمار العراق ” ، بلغت التقديرات لعام 2004 حسب دي ميلو  ،  9 مليار دولار وللأعوام اللاحقة 59 دولا ، شملت هذه الدراسة 14 قطاعا في الدولة العراقية ، ومن ضمن هذه التقديرات 20 مليون دولار لإغراض إعادة البنى التحتية لقطاع النفط وتسليح الجيش ، ,حسب المعلومات المتوفرة من خلال الإعلام وتصريحات الحكوميين ، بان المبالغ التي صرفت اعتبارا من 2004 ولغاية 2012 بلغت 700 مليار دولار ، لكنها فشلت فشلا ذريعا في الوصول للأهداف التي رسمها دي ميلو .(7)
1.2ـ مؤشر الفقر
في آخر تصريح للامين العام للامم المتحدة ، بان كي مون  في الأشهر الأولى من عام 2012  بان نسبة الفقر في العراق بلغت 23% ” بحساب  خط فقر وطني 2 دولار للفرد ، في شهر نيسان 2012 اعلنت وزارة التخطيط على لسان وزيرها بان نسبة الفقر في محافظة المثنى بلغت 40% وفي محافظات ذي قار وبابل وصلاح الدين بلغت  اكثر من 30% ، ولم يتم الإيضاح عن المقياس المعتمد للوصول الى هذه النسبة ، مع ان العراق يفتقد المعلومات والإحصاءات المطلوبة لمثل هذه الحسابات  باعتبار عدم تنفيذ مسح شامل للسكان والمعطل منذ سنوات لأسباب يقال عنها “سياسية” ، لابد من الذكر  بان المعدل العالمي لنسب الفقر في البلدان الفقيرة جدا ،يبلغ 27% ، أي ان الفرق بين معدل الفقر”لكل فرد” في العراق والدول الاشد فقرا في العالم 4% فقط ، بل وتجاوز ذلك على مستوى المحافظات حسب ماذكر .(8)
بعد 2003 لم تستطع اي من الحكومات التي وصلت الى السلطة ، ان تتناول الفقر كظاهرة ذات إبعاد  اجتماعية اقتصادية سياسية تاريخية ، وان تستوعب  تلك الحكومات ، حقوق  الإنسان كما وردت  في  مواثيق الأمم المتحدة والتي تنص  على أن التنمية ومكافحة الفقر حقا من حقوق الإنسان غير قابلة  للتصرف ، فاتجه مسار القوى السياسية الى التصارع  ألحاد والمزمن على السلطة  لجني المكاسب الشخصية والفئوية ،وحلت الاثنية والطائفية والعرقية تحت صيغة “المكونات ” ، وتقهقرت الوطنية ومحركها المجتمع المدني  بأجنداته الليبرالية  والإصلاحية  ،والحصيلة ، حكومات محاصة “توافق وشراكة” كما يقال عنها ، أوصلت لسدة الحكم سياسيين ومتخذي قرار ، غير أكفاء  و فاسدين ،افتقدوا التفافة الإنسانية والوطنية ،بخلفيات  متخلفة تنظر الى الفقراء ” كمساكين “ووصفاتهم لعلاج الفقر  من باب الإحسان والثواب  والدليل صرف الإعانات الشهرية كرعاية اجتماعية بمبالغ لا تتجاوز (50) دولار .
ان تعريف الفقر وفهمه ينعكس على القياسات المعتمدة ،فاذا كان التعريف على أساس الدخل ” المفهوم السائد في العراق ” ، يعني وضع حلول اقتصادية فقط وهو مفهوم ساد النصف الثاني من القرن الماضي وثبت بطلانه ، أما المفهوم الحديث للفقر بإبعاده الإنسانية والذي يجمع بين فقر الدخل والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والاحتياجات الأساسية ،ومستوى التعرض والتهميش ،بهذا المفهوم ارتبطت مكافحة الفقر بأجندة  الخطط التنموية  ارتباطا محوريا. (9)
بالتالي لم تكن كل المحاولات لمكافحة الفقر في العراق الا محاولات  فاشلة وبائسة ،تم تبنيها تحت اعتبارين:
1- محاولات الكسب السياسي والاستخدام الإعلامي ” التصريحات في الفضائيات”.
2- الضغط المستمر للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني .
أن أي اتجاهات  لتسكين الفقر ومكافحته ،تبتدئ بأطر مؤسسية ، تتبنى عملية التنمية والتخطيط التنموي ويقاس مدى نجاح الخطط التنموية بما تستند عليه هذه الخطط وما يتوفر لها من بيانات ومعلومات ومؤشرات  ، حيث لا يمكن للمخططين وراسمي السياسات التنموية تجاهل مثل هذه المتغيرات الهامة المتعلقة بالسكان خاصة وأن الأهداف الأساسية المتوخاة من التخطيط موجهه للسكان ورفاهيتهم وتقدمهم الاقتصادي والاجتماعي ،وهذه البيانات والمعلومات ، ستكشف حجم الفقر وشدته وتوطنه ، وتمثل حجر الزواية في وضع السياسات التنموية والاقتصادية  المستقبلية الكفيلة بتطويقه والحد منه الى مستويات ضئيلة لا تشكل حاجزا يعيق المسار التنموي للبلاد.
ووفق هذه السياقات فان الخطوات الاولى ، تتضمن تبني مقياس لخط الفقر الوطني ، بما يشمله من تعداد للفقراء “الفرد او الرأس ” ، وفجوة الفقر المعبر عنها بعمق ابتعاد الفقراء عن الخط الوطني ، وشدة هذا الابتعاد ،ثم أسلوب توزيع الناتج الوطني وفق أسلوب المساواة ومعدل ” معامل جيني ” ، ووضع تعريف للفقر وفق توصيف  العبقري التنموي “لأمارتيا سن” ، حول ارتباط الفقر بتعطيل القابليات والقدرات الإنسانية ، وان هدف التنمية البشرية المحوري هو تفعيل هذه القابليات .(10)
ولان الجهات والتي انيطت بها دراسة الفقر في العراق  لم تكن بالمستوى العلمي والتقني لتحمل هذه المسئولية فقد تم اجترار ، خط الفقر  العالمي 1 دولار /فرد /يوم، وأدخلت بعض  التعديلات الجزئية عليه ” من باب رفع العتب ” فخرجوا علينا بحصيلة لخط فقر سقفه 2 دولار للفرد/ اليوم ،ومع ذلك فان ما توصلت اليه لجنة وزارة التخطيط المعنية بهذه الدراسة  العليلة “2009” نوقش في البرلمان ، وجنى الإشادة والتهليل ، وبعد إقرارها من البرلمان ،جمدت ، لأسباب وصفت بالمالية ، اذ أن ما قدرته هذه الدراسة من موارد مالية للتنفيذ لم يتجاوز 5 مليار دولار ،وقيل ان هذه التخصصيات حولت إلى أبواب أخرى ” مؤتمرات عربية وعالمية “. (11)
كان يمكن لهذه الحكومات تلافي تعقيدات  قياسات للفقر المعتمدة عالميا والتي اشرنا اليها والاتجاه في بوصلة التنمية بتبني  إستراتجية للتنمية توائم الألفية الإنمائية للأمم المتحدة بأهدافها الثمانية والتي ومنذ عام 2000  وضعت للتطبيق على مستوى العالم لأكثر من 149 دولة ، وباتت  المعيار الرئيس  الذي يتم بموجبه  ،تقدير انجازات الحكومات المختلفة بغض النظر عن نظامها السياسي ، تصدر هذه الأهداف  مكافحة الفقر والجوع بمؤشر تخفيضهما بحدود 50% لغاية عام 2015 ،بغض النظر عن الإمكانيات المالية المتوفرة لهذه الدولة او تلك ” العراق أغناها إطلاقا ” ، واستخدمت لأجل ذلك وسائل للقياس عملية وبسيطة يمكن توظيفها على المستويات المحلية والمناطقية ،تمثلت فيما يلي :
الأهداف والغايات والمؤشرات / للألفية الإنمائية للأمم المتحدة
الهدف الأول/ القضاء على الفقر والجوع
الغاية- 1/ تخفيض نسبة السكان الذين يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم بنسبة النصف خلال السنوات من 1990 -2015
الغاية -2 /تخفيض  نسبة السكان الذين يعانون الجوع في الفترة من 1990 الى 2015
مؤشرات الرصد والتقدم المحرز
1- نسبة اسكان الذين يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم
2- نسبة الفقراء “النسبة المئوية للسكان دون خط الفقر الوطني “
3- معدل فجوة الفقر” انتشار الفقر في مداه “
4- حصة افقر خمس (1/5) من الاستهلاك الوطني
5- عدد الاطفال ناقصي الوزن دون الخامسة من العمر
6- نسبة السكان الذين لا يحصلون على الحد الأدنى من استهلاك الطاقة  الغذائية .(12)
الجدير بالذكر هنا ، ا ن المؤشرات الـ 6 اعلاه ، يمكن تجزئتها لاغراض التطبيقات العملية لقياس الفقر كما ذكر محليا ومناطقيا ، في حالة عدم وجود معلومات إحصائية تم الحصول عليها من خلال المسح السكاني العام ” الضائع في العراق “.
في هذا الاتجاه تبنى المعهد العربي للتخطيط ( الكويت ) ،حساب دليل الفقر البشري في حالة نقص البيانات والمعلومات الموثقة ، بقياس الحرمان من مستوى المعيشة اللائق بمؤشرين ، النسبة المئوية للسكان الذين ليست لديهم فرصة مستدامة للوصول الى مصدر مياه محسن ،والنسبة المئوية للأطفال دون الوزن السوي ، وادناه  وضع العراق في التقديرات احصائية للفقر وفق منظور المعهد العرب للتخطيط .  _ __
___ ____

مع إيرادات ضخمة للميزانية العامة للدولة الآتية من الريع النفطي  ،   يقابله  تراجع في  الأداء التنموي الاستراتيجي  ومايتبعه من ارتفاع نسيب ومعدلات الفقر ، مما يوفر دليلا على ان تسكين الفقر مكافحته ، في العراق ، يرتبط بالبنية السياسية والنظام  البرلماني الذي ارسي بدفع مع الولايات المتحدة  بعد عام 2003 ( ملحق1 و2).  
1 .3.الدولة الهشة والفساد 
الدولة الهشة هو مصطلح أطلقة العالم الاقتصادي والاجتماعي السويدي المرموق (جونار ميردال ) في كتابه ” تحدي الفقر العالمي ” الصادر عام 1970 , الدولة الهشة  كما يقول ميردال تصنع مجتمع يسوده عدم الانضباط الاجتماعي تدب فيه الفوضى وينتشر فيه الفساد وتنعدم فيه العدالة الاجتماعية .
يؤكد ميردال ان تفشي الفساد والتهافت نحو تحقيق مداخيل ريعي في الدول المتخلفة هو إحدى اكبر العقبات التي تحول دون تحقيقها للتقدم الاقتصادي او تنمية حقيقية فيها , وهو بهذا يحذر من ان عدم الرغبة اوعدم القدرة على إحداث التغيير والإصلاحات الاجتماعية الضرورية ستكون نتائجها وخيمة حتى وان كانت الخطط الاقتصادية صحيحة والنوايا حسنة , وهو بهذا يدعم وبقوة إحداث إصلاحات وتغييرات ان الدولة الهشة هي دولة عصرية تتوفر فيها بنى ومؤسسات تنفيذية وتشريعية ورقابية ولديها أنظمة وقوانين لتسيير العمل والرقابة ولوائح منظمة للثواب والعقاب الا انها على الأغلب لا تطبق ذلك الا في حدود دنيا وبشكل جائر .(12)
* مؤشر الدول الهشة حصل العراق على المرتبة  التاسعة في الترتيب الدولي من 177 دولة متراجعا عن الأعوام  السابقة بدرجتين وحصل على معدل 104

الدول الفاشلة وفقا ل”مؤشر الدول الفاشلة عام 2011″ لفورين بوليسي
██ حالة إنذار ██ حالة تحذير ██ معلومات غير متوفرة / منطقة غير مستقلة ██ حالة معتدلة ██ حالة مقبولة

1.   Somalia (0)
2.   Chad (0)
3.   Sudan (0)
4.   Democratic Republic of the Congo (+1)
5.   Haiti (+6)
6.   Zimbabwe (-2)
7.   Afghanistan (-1)
8.   Central African Republic (0)
9.   Iraq (-2)
10.   Cote d’Ivoire (+2)
11.   Guinea (-2)

العلاقة التبادلية بين الدولة الهشة والفساد
ان خطورة الفساد في الدول المتخلفة تكمن في انه مؤشر ذو دلالة مطلقة لمدى نجاح التنمية فيها ومدى تقدمها حضاريا.
• الفساد يؤثر بشكل سلبي على اتخاذ القرارات فيجعلها غير رشيدة (اقتصاديا ) وهو بهذا يحور التنمية عن هدفها المخطط والمرسوم .
• الفساد يؤخر ويفسد عملية اتخاذ القرار على جميع المستويات , المكاسب الشخصية التي يحققها المسئول الفاسد هي غالبا ثمن للتأخير والمماطله او المنع .
• الفساد يهدر الموارد المتاحة للتنمية (مالية وبشرية).
• الفساد يصنع بيئة مناسبة له وهو بهذا يشوه المعايير الاقتصادية و يدمر القيم الاخلاقية ليستمر وينشر سيطرته .
• الفساد يهدد الاستقرار لأنه يقلل من الولاء والاحترام للنظام السائد ..
المصالح الخاصة للفئات المجتمعية الفاسدة بتدخلها السافر في تسيير العمل ورسم السياسات والاهداف والتعيينات والانفاق المالي تؤدي الى شلل المؤسسات القائمة وفشلها , انحطاط القيم هي القشة الاخيرة التي تسبق انهيار لدولة الهشة.
ولكن لماذا التركيز على الفساد في الدول المتخلفة أو النامية وهو ظاهرة موجودة أيضا في مجتمعات الدول المتقدمة !!! (وهذا  هوالدفاع التقليدي عن الفساد )
الإجابة بسيطة وهي ان الفساد في الاولى طاغي ومتفشي وسائد ومؤسسي بينما هو في الاخرى نادر وفردي ومحارب ………وتشبيها الفرق هو ان الفساد في الاولى مرض مزمن ومتمكن يستمتع به مريض خائر القوى بمازوشية عجيبة بينما هو في الاخرى عارض محدود و مؤقت في بدن سليم يتم علاجة بسرعة.بالرجوع الى المؤشرات العالمية حول الفساد في العراق ، نجد انه احتل التصنيف قبل الأخير في السنوات ألأـ5 الأخيرة ، ويأتي بعد السودان ، وقبل الصومال ، وانه لم تكن هناك نية حقيقية لدي الحكومة الحالية للسيطرة عليه ، وقد أعلنت على لسان رئيس وزرائها في بداية عام  2010على  ان هذه السنة ستكون السنة الوطنية لمكافحة الفساد ،لكن الوقائع تشير الى استمرار المؤشرات العالية للفساد ،الى درجة حماية المفسدين  وتسهيل هروبهم من العدالة من قبل السلطات التنفيذية واستخدام ملفات الفساد كورقة ضغط قابلة للمساومة ضد الخصوم السياسيين ، الجدير بالذكر هنا ، أن أعظم درجة فساد تكون باستلام منصب عام ،دون ان تكون لم يتسلمه الكفاءة والخبرة في إدارته ، مما يؤدي لتبديد المال العام والجهد والوقت. وبالرجوع للمؤشرات الدولية حول الفساد حسب منظمة الشفافية الدولية نجد ان العراق وضع في التصنيف العالمي لعام :    
  (2011)* مؤشر مدركات الفساد   
175/183  :  RANK: الرتبة    :
1.8/10 : SCORE المعدل
*تقرير ممارسة أنشطة الأعمال ” ((الاستثمار )) في العراق 2012. “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال” المرتبة (من أصل 183 بلدا):متراجعا عن السنة السابقة بـ4  درجات
تقرير  ممارسة أنشطة الأعمال
2012 RANKالمرتبة  2011 RANKالمرتبة  التغير RANKالمرتبة
164 159   -5
للطرافة نذكر ان مجلة لانسيت الطبية الأمريكية أجرت مسحا حول الدول  الأشد كسلا في العالم لعام2012 ،احتل العراق الرتبة 12 من مجموع 122 دولة وبنسبة 58.4% .
2.الاستنتاجات
الدولة الهشة دولة فاشلة :
((تصبح الدولة فاشلة إذا ظهر عليها عددٌ من الأعراض أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها هو فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. وثالثها عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. ورابعتها عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية. تندرج الخدمات البلدية والصحية والتعليمية ضمن قائمة الخدمات الأساسية والتوزيعية. كما تندرج مستلزمات إقامة وإدامة أسس التوافق على شرعية الدولة كراعية لمصالح جميع سكان البلاد وليس مصالح فئة أو فئات معدودة منهم)). (13)
مما تقدم في الفقرات السابقة ، ومن خلال  التقييم الدولي للحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 ،ومن مراقبة الوضع  الداخلي (( الخدمات الحكومية  والأمن )) ، فان هذه الحكومات فشلت فشلا ذريعا في قيادة العملية السياسية الى انجاز الأهداف التنموية  المنشودة لمواطنيها على الرغم من الميزانيات الهائلة التي توفرت لها،  ليس هذا فقط بل هناك انحدارا خلال السنتين الأخيرتين في هذه المؤشرات ، والتي تعكس جدوى النظام السياسي الحالي ، الذي يسير نحو المجهول ،ولان النظام السياسي هو الإناء الذي يحوي مكونيه ، الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ، لذلك لا يتوقع حصول تغيير في حياة العراقيين ضمن ما أطلق عليه ” بالعملية السياسية ” الحالية، والذي يحتاج حسب الخبراء الدوليين مابين 10 الى 20 عاما .
لعل خير وصف للدولة الحالية في العراق ، هو ما توصل أليه ” بيلر دومينجو من معهد التنمية الخارجية للبنك الدولي ”   
 ” ((أن الدول الهشة تتبنى في العادة أنظمة سياسية معقدة غالبا ما تكون مشحونة بعدم الثقة. وقد تتناحر مجموعات النخبة ضد الفصائل العرقية المنقسمة. ويتسم الحافز لبناء الاتفاق في الرأي بالضعف، ويحول تمزق التلاحم الاجتماعي دون تشكيل الطلب على الإدارة العامة على مستوى المجتمع. وهناك حاجة إلى إجراء تحليل سياسي سليم مقدم ا حتى يتسنى تحديد النخب السياسية ومجموعات أصحاب المصالح وبناء تحالفات تضم أصحاب مصلحة متعددين)) .(14)
3.التوصيات
اهتمت الولايات المتحدة الامريكية ، لاغراض امنها القومي ، بدعم الدول التي تصل الى مرحلة الخطر في مؤشر الدول الهشة  ووضع خارطة طريف لكل دولة على حدة من خلال شعار رفعه ( Fund for Peace) ،وخلال العقدين الماضيين ، انجز فيض من البحوث والدراسات لخبراء دوليين ومؤسسات بحثية عالمية ، وكلها خرجت بتوصيات ، بان الدولة الهشة ، دولة مهدد نظامها السياسي وفشلت في استمرار أنظمة الحكم الديمقراطية فيها  ،  وان  حكوماتها وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية معرضة للانهيار، وان خيارها الذي لابديل عنه ، هو توطيد الديمقراطية على أسس الحكم الرشيد ( Good Governance) ،  
هناك ارتباط لا ينفصم بين التنمية البشرية والحكم الرشيد ، فالتنمية البشرية لا يمكن ان تتواصل بدون الحكم الرشيد ، ولا يمكن أن يكون الحكم رشيدا ما لم يؤدي إلى استدامة التنمية البشرية.
الحكم الرشيد يستند  على الدعائم التالية :
سياسة ذات مشروعية: تشجيع تسويات سياسية شاملة وحل الصراعات
الأمن: إرساء أمن الناس وتعزيزه
العدل: معالجة المظالم وزيادة وصول الناس للعدالة
أسس اقتصادية: إحداث فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة
الإيرادات والخدمات: إدارة الإيرادات وبناء القدرات من أجل أداء مسؤول ونزيه للخدمات(15)

المصادر والمراجع:
1ـ التنمية حرية ، أمارتيا صن ،الطبعة: الأولى 2004 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.                                                     2ــ إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة / برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كانون الثاني/يناير9619
3ــ اعلان الحق في التنمية / قرار الحمعية العامة للامم المتحدة 128/41 المؤرخ 4 كانون الاول م ديسمبر 1986 .
4ـ حاجات الإنسان الأساسية في الوطن العربي / برنامج الامم المتحدة للبيئة /عالم الفكر / الكويت / حزيران 1990.
5ـ مفهوم  التنمية والتخلف / محمد عدنان وديع / المعهد العربي للتخطيط – الكويت/ الإصدار 1 – يناير 2002 .
6ــ حساب فجوة الأهداف الإنمائية للألفية – د. رياض بن جليلي/المعهد العربي للتخطيط – الكويت الإصدار 65- يوليو 2007 .
7ــ مؤشرات التنمية/محمد عدنان وديع/ المعهد العربي للتخطيط – الكويت-الإصدار 2 – فبراير 2002 .
8ــ التقديرات المشتركة لاعادة اعمار العراق / الامم المتحدة البنك الدولي / اكتوبر 2003.
9ــ السياسات التنموية/ د. أحمد الكواز المعهد العربي للتخطيط -الإصدار 71- مارس 2008
10ــ الديمقراطية والتنمية في الدول العربية/ علي عبدالقادر علي/ المعهد العربي للتخطيط – الكويت /سلسلة الخبراء : (2) مايو 2008 .
11– Cordon White,  Building a democratic developmental state, social Democracy in Developing world by in Democratization,vol. 5 n.3
12– Poverty, From (2010-01-13). “Top 5 reasons why “failed state” is a failed concept”. Aidwatchers.com. Retrieved 2011-06-12.
11 –“Failed States Index 2010”. Fund for Peace. Retrieved 2010-06-29.

 14ــ لماذا لم تتحول اغلب البلدان  النامية الى بلدان متقدمة تنمويا /د. احمد الكواز / المعهد العربي للتخطيط / العدد 44، ديسمبر 2011.
15ــ متى تكون الدولة فاشلة؟ /عبدالهادي خلف / صحيفة الوقت البحرينية – يومية سياسية مستقلة
.1233 الثلاثاء العدد 14 رجب 1430 هـ – 7 يوليو 2009
16– Jean-Germain Gros , Towards a Taxonomy of Failed States in the New World Order: Decaying Somalia, Liberia, Rwanda and Haiti’, Third World Quarterly, vol. 17,no.3,1996.
 17– Human Development Report 2011/ Explanatory note on 2011 HDR composite indicesl IraqHDI values and rank changes.
الروابط

1— World Bank
United nhttp://data.worldbank.org/indicator/SI.POV.GINIs D
2— UN developing Programs in IRAQ
http://www.iq.undp.org/DynamicPages_View.aspx?q=SUQ9MiY%3D-360sIfFQgBo%3D
3– Worldmark Encyclopedia of Nations http://www.encyclopedia.com/topic/Iraq.aspx
http://l
5–Iraq Economic and Political Outlook
http://store.eiu.com/product.aspx?pubid=1220000922&pid=50000205&gid=1220000922
6–Ease of Doing Business in Iraq
http://www.doingbusiness.org/data/exploreeconomies/iraq/
7—Faild State / foreign policy
http://www.foreignpolicy.com/articles/2011/06/17/2011_failed_states_index_interactive_map_and_rankings
8—MDGs LAB
http://unstats.un.org/unsd/mdglabs/iraq/country-and-international-data
9—Globel Finance
 http://www.gfmag.com/gdp-data-country-reports/252-iraq-gdp-country-report.html#axzz1xJXMBrHU
10— Transparency International
http://www.transparency.org/country#IRQ

* خبير التنمية البشرية / المدير التنفيذي للجمعية العراقية للتنمية البشرية المستدامة