من خلال معطيات المشهد عموما على ما يجري في الساحة العالمية على كل المجالات، نرى حس متزايد لشعوب المعمورة و متابعة الأحدات و التفاعل معها إجابيا أو سلبيا. هذا النمط الذي حركه الإعلام التواصلي الذي أصبح غير مقدور لأي كان التحكم فيه وأصبح يُظِهر سلبيات و إيجابيات الأفراد و المؤسسات و حتى الدول و يُنبَأُ و يشعربكل صغيرة و كبيرة و أقتحم كل مكان فلم يسيطر عليه الإعلام المبرمج الذي كان يخفي بعض الحقائق و المخططات لحاجة في نفس يعقوب.
فكل متتبع للأحداث و المعطيات الدولية يرى أن ميزان القوة الأحادي تزعزع و اختل بفعل فاعل يريد أن يحل محله، فشحنة التكبر في هذا الموقف جعلت هذه القوة يأتي تنازلها تدريجيا و بمخرجات ممزوجة بالإنتصار الصوري أمام الحلفاء الذين بدئوا يندثرون شيئا فشيئا و يريدون التخلص في أسرع وقت و بكل ثمن من أجل الإبتعاد على حليف هرم و ذاق وبال أمره. لكن الأمر ليس بسهل و يتطلب مدة و جهود و تضحية بالنفس و النفيس. هي سنة في دوام الحال من المحال، لكن مدة التجبر و الهيمنة تجعل للإنسان غريزة الربوبية ولا تنزع إلا بآخر دواء و هو “ الكي”.
فالمشهد الحالي في تسلط الكيان الصهيوني في غزة و ما يدور في أكنافها يذكرنا بنتائج نهاية الحرب العالمية الثانية حتى و لو اختلفت المعطيات لكن المغزى يبقى عموما و البشرية تعيش على إيقاع نمط بين التأييد للمنتصر و الصمت على المنهزم صوريا لأنه إذا حدث الزوال لأي كان في أي مكان لا ينجو أي كان في أي مكان. و من هذا التصور الذي يؤكده المستوى الحالي من العقلنة التي طمسها السعي في جلب المادة و إبتكارها بدون منازع في الساحة و تفقير المخالفين. تزايد البشرية و متطلباتها فرض نوع من سلوك و معاملة المجتمعات بوصف إنسان هذه الأرض بين من هم يعيشون في رفاهية (الحديقة الأوربية) و الباقي كأنهم عبيد لهم هذا ناتج من جهل هؤلاء الذي سمح لأولئك بالتملك، يقول عالم “الجهل الحقيقي ليس غياب العلم، بل رفض اكتسابه” و يقول مالك بن نبي ” إن الأجنبي لا يستطيع أن يلحق ببيتنا ضرر إلا اذا وجد فيه مَنْ يحابيه و يتآمر معه”
من بين التحديات وما يعتبر غلطا وقع فيه الغرب هو تعميم الأنترنت على المعمورة ظنا منه أنه يمكن التحكم في الاقتصاد العالمي بواسطة الشركات المتحكمة في المعاملات التجارية الربويةعلى أوسع نطاق و الترويج للسياحة الجنسية خاصة في الدول ذات الطابع الإسلامي و السيطرة على عقول المجتمعات الضعيفة. و لم ينتبه من جهة أخرى أنه أشعل ثورة في عقول و ضمائر الإنسانية خاصة في ذوي الحقوق المهضومة و تفطين هذه المجتمعات على المطالبة بحريتها و استقلالها و المطالبة بالعدل و المساواة في العيش الكريم و استرجاع أو تعويض ما أخذ ظلما و استهتارا.
من المعروف ان تخطيط البشر مهما كان فهو مبتور و محدود المدة ما دام يخرج عن نطاق السنة الطبيعة و هذا ما أدى الى تحول الحضارة من مجتمع الى آخر و جعل العد العكسي يبدء بمجرد وصولها الى نهاية تقدمها و انغماسها في الشهاوات و إنشاء الطبقية الإجتماعية و من هنا نسأل. ألم يكن المشهد العالمي الحالي يفرض على تحولها اتجاه الشرق مرة أخرى؟