23 ديسمبر، 2024 8:59 ص

التملّق والمسؤول … الكثير منا نماذجا ً!

التملّق والمسؤول … الكثير منا نماذجا ً!

طالما هنالك رأي أو مَن ْ يُعَرف ظاهرة التملّق ، بأنها وسيلة مُلتوية للوصول إلى الأهداف على حساب المبادئ … فإذن ! هنالك تطابق مع ما رُوِج عن الميكا فيلية ، حيث الغاية تُبرّر الوسيلة مهما كانت وصفها من قبل الآخرين ، ولهذا قيل ، بأن مَنْ يُمارس السياسة ، يمارسها في عُزلة عن الأخلاق والقيم وحتى المبادئ ، لذا نرى بأن مَنْ يتصف بمثل هذه الظاهرة ، هو الذي يتودّد إلى الغير لتحقيق المصالح حتى لو أقتضى له بالخضوع والتذلّل ، والمتملقون لا يعارضون أي شئ حتى لو كان ضده … علما ً أن مثل هذا السلوك أو التصرف له أضرار نقص الشخصية  مع ذهاب المروءة ويجب أن لا ننسى بأن أضرارها تَمُس المجتمع أيضا ً ، لِتَصِل إلى خِداعه أي المجتمع  ، ووضع الشخص غير المناسب في المكان المفروض أن يكون مناسبا ً ، وبمثل هذه الوسيلة ( التملّق ) وهي بالتأكيد نوع من أنواع النفاق والتي من خلالها يجلس على الكُرسي الذي لا يستحقه…
هذه الظاهرة ومُروّجيها كانت وكانوا موجودين منذ القِدَم ، ربما في زمن الأنبياء والرُسل والخُلفاء وحتى ( الأمراء ) لحد الآن ، ومِنْ بعدهم زادت هذه الظاهرة لِتَبرز الكثير من الشعراء الذين قَدَموا  قصائد المدح والثناء وربما التملّق لهم ، حتى باتت وسيلة من وسائل كسب الأموال من الحاكمين في ذلك الزمان ، هذا السلوك من قبل هؤلاء ، كان محل أمتعاض وعدم رضا الكثير من أقرانهم من الشعراء والأدباء والكتاب المعاصرين لهم ، وحتى الذين من بعدهم وخير مثال على ذلك ، النقد البناء والمستمر من قبل عميد الباحثين الاجتماعيين العراقيين الأستاذ علي الوردي رَحِمَه الله ، لأمثال هؤلاء الذين كانوا دائما ً في حضرة ومع رأي السلاطين مرورا ً ووصولا ً إلى المسؤولين الكِبار في هذا الزمن المستمر ، وللأسف هذه الظاهرة موجودة ربما بنسبة أكثر في ظل الحكومات الدكتاتورية وحتى الديمقراطيات الحديثة أيضا ً …
يُقال وبالتأكيد أثبت الواقع ذلك ، بأن الثورات والكثير من الحركات في العالم أجمع عامة ً وخاصة في الدول شرق الأوسطية تَبلع رجالها أي مناضليها ( إن صح التعبير ) ، خاصة ً الذين قَدَموا خدمات جليلة ، لا بل تضحيات كثيرة من أجل المبادئ التي كانوا يؤمنون بها مع الأحزاب والثورات ، ليوصلوا فعلا ً إلى الأهداف المرجوة ، لكن في النهاية ، وسرعان ما يصبحوا من المُهَمشين ، وربما بِفعل الفاعلين ليصبحوا ( المتملّقين ) هُم أصحاب القضية ، ليرتفعوا السلالم والمناصب على حساب أصحاب الحق والمبادئ ، وكأنهم هُم الأبطال لا غيرهم ، ويجب أن لا ننسى العنصر النسوي أيضا ً ، لكنهن غالبا ً يصعدن إلى المناصب العليا بفعل الجنس اللطيف ( هنا لا أقصد الكفوئات أو المهنيات ) والقليل منهن يتصفون بظاهرتنا المشار إليها في عنوان المقال . لذا نرى في العراق الجديد ، بعد رحيل النظام الدكتاتوري ، ومن كافة مكونات الشعب العراقي بعربه وكُرده ومذاهبه وأديانه ، نعم نرى أمثال هؤلاء الذين تَمَلَقوا للقيادات ، وصلوا فعلا ً إلى مصادر القرار في الأحزاب والتكتلات والتحالفات والائتلافات التي تقود العراق في هذه المرحلة الحساسة ، حيث الكثير منهم ، كانوا بالأمس القريب أصحاب الأوسمة والأنواط والنجمات على الأكتاف والبدلات ذات اللون الزيتوني من أزلام النظام البائد ، وربما من خلال البعض الكثير من هؤلاء ، تحصل الخروقات الأمنية الحاصلة في البلد ، والتي ذهبت وتذهب ضحيتها الآلاف لا بل مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي ، ويجب أن لا ننسى تجربة إقليم كوردستان في هذا المجال أيضا ً حيث سبقت العراق الجديد بعد انتفاضة آذار 1991 والانتخابات البرلمانية وتشكيل أول حكومة كوردستانية عام 1992 ، حيث صَعَد الكثير من هؤلاء على حساب أصحاب المبادئ والنضال ( أقصد الذين كانوا في خانة الخندق المُضاد للحركة التحررية الكوردستانية ، وكذلك المنتمين الجُدد اصحاب الخبرة والتجارب في الانتماء إلى هذا الحزب أو ذلك  ) ، وللأسف هذه الظاهرة مستمرة لحد الآن وتشمل جميع مكونات الشعب العراقي والكوردستاني أيضا ً …
[email protected]
www.hnermo.blogspot.com