قبل الخوض في الموضوع أحب أن أذكر بين يديه قول الإمام الشافعي لما سئل :
” أيما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يبتلى؟ فقال الشافعي : لا يُمكّن حتى يبتلى”
إذن سواء على مستوى الجماعات أو الأفراد لا يمكن أن يبلغ العبد التمكين أو التمكّن الا بعد أن يبتلى ببلاءات وفتن حتى يبلغ درجة النضج كي لا تؤثر فيه زوابع الحياة وزينتها وأن يرى الدنيا لا قيمة لها في قلبه وأن يعتبرها معبراً لآخرته!
والتمكين أو التمكّن هو أن يكون للمسلم القدرة والحرية في إقامة دينه من غير مضايقة ، وأهم ثمار التمكّن أن يقدر المسلم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل ما فيها من مقتضيات من غير مزاحمة ولا ممانعة كما يريده الله من عباده بعد التأييد من الله سبحانه .
لأن فقدان التمكين أو التمكّن فيه التعطيل لكثير من النصوص عملها في الواقع ، لأن هناك نصوصاً يحتاج إلى سلطان وقوة في تنزيلها للواقع والعمل بها
وقد قيل ” إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن”
ولا يأتي التمكين أو التمكن بين يوم وليلة بل يحتاج إلى إمكانيات وقدرات في العلم والعمل ، وإذا بلغ الأمة إلى مرحلة التمكن والتمكين يحتاج إلى تطبيقه التدرج في العلم والعمل خاصة في مجتمع لا يعرف أبجديات الإسلام !
وما ينبغي معرفته أن لكل واقع له وسائله في آليات التمكين والتمكْن ربما يسهل أو يصعب .
والقرآن الكريم فيها آيات كثيرة يتناول هذه السنة سواء كما ذكرنا في المقدمة على مستوى أفراد كتمكين يوسف عليه السلام لحكم مصر، أو التمكين الجماعي كتمكين رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخضاع الأمم له بعد نشر دينه وهيمنته ثم إكمال التمكين من بعده أصحابه الكرام حتى ملكوا الأرض والرقاب ، كل هذا حدث بسنن الابتلاءات والتمحيص !
إذن فليكن في نصب عين كل مسلم ، أن التمكين أو التمكن لا تأتي بأرض مفروشة بأزهار وورود ونوم على فرش وتيرة أو ترف متخم بالنعم بل طريقها طريق الجنة محفوفة بالمكاره والمشقات لا بالشهوات والشبهات !
قال الله تعالى: ” وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ • وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ “