نقلت وكالة أنباء فارس الأيرانية عن قائد القوة المجوقلة في الحرس الثوري الأيراني أمير حجي علي زاده قوله ، أنهم سيقدمون على قتل عشرة ضباط أميركيين في العراق أو أفغانستان إذا ما قتل ضابط أيراني واحد.. وقبله حذر المرشد الأعلى الأيراني علي خامنئي من مغبة التعرض للمنشآت النووية الأيرانية لأية ضربة عسكرية جوية أو صاروخية ، وقال السيد خامنئي أن أيران سترد وبقسوة على أي عمل عسكري ضدها ، سيما وإن القوات الأميركية موجودة في العراق والخليج .. وسبقه بنحو عام تقريبا الرئيس الأيراني أحمدي نجاد حينما قال ،أن إيران مستعدة لسد الفراغ في العراق في حال خروج القوات الأميركية نهاية العام 2011 ،وقال أيضا .. أن ايران عملت ومازالت على حماية حدودها وأراضيها من خلال نقل المعارك التي تقام بالأنابه عن ايران الى داخل حدود العراق والمنطقة المحيطة.. ونقلت صحف ايرانية الأسبوع الماضي عن مسؤول عسكري ايراني كبير في الحرس الثوري ، أن بلاده ستجعل من أرض العراق مسرحا لحرب ضروس إذا ما تعرضت المنشآت النووية الأيرانية لأي عمل عسكري !!
كل هذه التصريحات وغيرها لم تقابل ولو بإعتراض أو إستهجان على أقل تقدير من جانب الحكومة العراقية !! مايعطي مؤشرا على العجز التام هذه المرة لأن تقوم الحكومة برد فعل ربما يحسب على أنه تحرك بإتجاه إبعاد شبح أي عمل عسكري عن (منجزاتها) المفترضة في العراق ،وهو ما يدلل على أمرين .. أولهما .. أن الشطر الموالي لأيران في حكومة السيد المالكي يعتقد أن خروج القوات الأميركية من العراق يعني أنهم ربما سيواجهون ردود فعل (سلبية) من قبل قوى سياسية داخل العراق ، مدعومة بتأييد عربي ، تضعف من سيطرتها على مقاليد الحكم ، وربما يؤدي الى أنفلات زمام الأمورمن بين أيديها ، ومن ثم ستكون هي (الموالية) بأمس الحاجة للعمق الأيراني الذي يساندها سياسيا وعسكريا وأمنيا وأستخباريا، وثانيهما ..أن هذه القوى التي تأخذ من ايران عمقا ستراتيجيا لها ، ستعمل على تفريس القرارا السياسي العراقي من خلال إخضاع القوى السياسية غير الموالية لأيران ، وذلك عبر شعار (من لم يكن معنا فهو ضدنا)،بمعنى أن من يريد العيش في العراق ينبغي أن لايقف بوجه التمدد الأيراني في المنطقة على حساب العراق ،وهو ما أشار اليه وزير خارجية ايران السابق منوشهر متكي في حوار صحفي مع مجلة ديرشبيغل الألمانية عقب الأعلان عن توقيع أتفاقية خروج القوات الأميركية من العراق ، وقال: (أن سياستنا تعتمد على بسط القرار السياسي من إيران الى العراق ثم سوريا فلبنان ، وهو مايخيف أميركا وإسرائيل)، ما عرّضه الى التوبيخ من جانب الرئيس أحمدي نجاد حينذاك ،وأعتبرت هذه التصريحات بأنها غير مسؤولة وفي غير محلها .
ان التمدد الأيراني أصبح معلنا ، وصار الحديث عنه بفخر من قبل بعض الأطراف السياسية العراقية الموالية ،بل أن بعضهم ذهب الى ماهو أخطر حينما يبرر لهذا التدخل والتمدد على أنه بمثابة رد فعل على الخطر الداهم والمفترض للتدخل العربي (السني) في العراق والمنطقة ، والأخطر هنا بطبيعة الحال هو إعطاء التدخل الأيراني صفة طائفية ربما تنطلي على الناس البسطاء ممن خيل لهم أن (السنة) يريدون التهامهم وسحقهم ومسحهم من خارطة العراق ، بدليل أن أحد أعضاء البرلمان العراقي عن حزب الدعوة فرع السيد نوري المالكي ، قال في زيارة له الى السويد .. أن السنة يريدون إعادة البعث الى السلطة والقضاء على المذهب الشيعي ، وأنهم يدافعون عن هذا الأمر بكل ما أوتوا من قوة ، وعندما واجهته بالقول أن السيد المالكي حاور البعثيين في سوريا على مدى عام كامل بإعتراف السوريين الذين أشاروا الى الموضوع عبر صحفهم ، وأن وزيره في الحكومة السابقة محمد عباس العريبي كان هو الممثل للسيد المالكي في تلك المباحثات ، وأنهم أتفقوا على كل شيء إلا على الأسم ،إذ طلب منهم ممثل المالكي تغيير الأسم كشرط للدخول في العملية السياسية ، إلا أنهم رفضوا ذلك وتوقفت المباحثات على أمل أن يلتقيهم المالكي في زيارته الأخيرة لسوريا ، ومن ثم لم يتوصلا لحل معين .. تلعثم السيد النائب وصارت وجنتاه تحمران تارة وتصفران تارة أخرى حتى أنه لم يجبن على مداخلتي ،وإكتفى بالقول أن لاعلم له بهذا !!
الحقيقة أن إيران تتخذ من سوريا والعراق خطوط دفاعية لها ،وسوف تعمل بكل ما تستطيع للأبقاء عليهما كأراض خصبة للتمدد الأيراني سياسيا وعسكريا وأقتصاديا وأمنيا من جهة .. وإدامة حالة اللا إستقرار في المنطقة ما يسهل جعل المنطقة تعيش في حالة توتر دائم ريثما تحصل على إعتراف دولي بقوة إيران النووية في منطقة الشرق الأوسط ، وبالتالي تقاسم الهيمنة على العالم مع القوى الدولية الأخرى كالولايات المتحدة الأميركية وأوربا ، لكن في الحقيقة أن الشعوب المغلوبة على أمرها كما هو الحال في العراق ، ستكون وبكل تأكيد هي الأكثر تضررا إذا ماتحقق هذا الهدف ، وأن عباد الله في العراق هم رماد تلك الحروب والصراعات .