23 ديسمبر، 2024 8:20 ص

التماثيل المكسورة تحطيم القدوة وتسفيه الإبداع

التماثيل المكسورة تحطيم القدوة وتسفيه الإبداع

ظاهرة
ظاهرة تكاد تكون بارزة في مجتمعنا نخبتهم وعامتهم انهم يجيبون على أي سؤال باي موضوع وليس مكتفيا بالجواب وإنما يرفض الراي الآخر وان كان من مختص، والأخطر من كل هذا هو أناس تعلم أمرا جزئيا في مسالة ما وتفهمها كما تفهمها وتريد إذلال الناس بفهمها لها.
طبيب إن أردت فهو طبيب، ومهندس لا يشبهه أحد وعالم في الفيزياء موسوعة رغم انه لم يقرأ ولم يدرس أيا من هذه العلوم لكن سمع كلمة من هنا ومن هناك فظن أن هذا هو غاية العلم وما دونه عين الظلام
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: لقد صحبت مالكاً فسئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري.
أين الخلل:
الخلل في المسلمات والتعريف بالمصطلحات تبسيطا، فالمثقف تعريفه الدارج مرتبط بمعرفة شيء من كل شيء، ومن هنا ليثبت أي متكلم انه مثقفا فهو لابد أن يكون عالما بكل شيء، وهو في كل مجلس موجود، رغم انه لا علاقة له بهذا المجلس وعمومه.
التماثيل المتكسرة:
في رواية (لرجاء النقاش) بهذا العنوان، يطرح الأمر وكأنه مرض عند بعض الناس ممن لا يحب النجاح وانه يسفه الناجحين، وانه لو رأى جمالا يشوهه وان لا شيء في الحياة سوي إلا هو طبعا.
أميل إلى تعديل فكرة النقاش لأنها تطورت مع الزمن لاسميها تحطيم القدوات وتكسير التماثيل الناطقة أو القدوات وتسفيه الأبداع.
لم تعد قلة من الناس ترى بهذه العين السوداوية بل اليوم باتت مشروعا يرتقي به الأدعياء وتدفن به الطاقات وهذه من معالم الفساد في البلاد والعباد، فما حاجة الفاسد لإنسان صالح إلا انه يزعجه وحاجة اللص إلى إنسان دعي مطيع وليس لعالم، فان أبدع العالم قيل هذه أوهام وخيالات ولا تحاكي الواقع، ومتى كان إصلاح الواقع الفاسد يجري بمحاكاة الفساد!
في الحالات الفردية التي كانت في الماضي تحس فعلا أن هؤلاء يسعدون عندما يقنعون المحيطين بهم أن الأبيض اسود وان الجميلة التي تمر بقرب القبيحة فتصفها القبيحة بالفساد بعد ابتسامة صفراء هي فاسدة فعلا وان القبيحة هي العفيفة النظيفة، بل آمن أن كل الجمال عنصر فساد لان مجرد ظهوره بحرية فهو مشروع فساد، وان في القبح أمان وسكينة.
كذلك لا يوجد بيننا من يبدع بل مزايد يبحث عن الظهور والمنصب ومنافس، ذلك يأتي من ذات الانطباعات تجاه البطل الواحد والفرد الوحيد المتميز في القبيلة لذا كان التميز سببا لعداوة هؤلاء الفاشلين ونخبة الفاسدين للنخب والصالحين.
المبدع قوي بلا دروع
تشخيص النقاش للناس الجميلة والمبدعة بان قوتها في إبداعها وانها اضعف الناس في الدفاع عن نفسها، وانها لا تنتبه للناس التي تتآمر ضدها والذين هم اولئك الناس الأنانية العدمية التي تحطم كل حسن وجميل، بل هي تساعد هؤلاء على الإيقاع بهم وتخلية طريق الفساد والعدمية أمام الفاسدين المبدعين بأساليب الخيانة والضرر بهؤلاء المبدعين، وحتى لو عرف المبدعون من ضرهم فهم لن يعاتبوه أو يشعروه بعاره لانهم لا يحبون أن يروا إلا الجمال في الناس وان أخفاه قبح الطمع والجشع وفقدان المروءة وانحدار الأخلاق، ولعلنا إن اردنا وصف المبدع، فهو إنسان بسيط محب قوي ذي عزيمة وقرار لكنه بلا دروع أمام الفاسدين رغم انه يعرفهم وقلة من المبدعين يملكون القدرة على الاحتياط أمام الشر رغم رؤيته بوضوح وهو يتقدم نحوهم ليقضي عليهم فلا وقت لديهم المهم هو الهدف، فيضيع المبدع وما ابدع في واقع فاسد؛ فيا ترى هل ينفع نثر البذور.
الفساد لا ينتظر أجيالا لينتشر
جيلك يا محمد رجاء النقاش سبق جيلي بعشرين عاما، أنا من رأيت العدمية وهي تنتقل من الفرد إلى ظاهرة في مجتمع لا تراعي صداقة ولا قرابة ولا زمالة ولا تلتزم بقيم إلا أنا الشيطان، ورأينا كيف يسيل لعاب البعض “المسالم” ممن يعرف ويخفي راسه كالنعام من اجل فتات يلقيه الفاسدون، ورأينا كيف المال هدف تنزف الكرامة من أجله، والأمانة مغنم ما دمت تسلم، وكيف أمه المظلومين تبحث عن حكام لتشتكي على الحكام.
ورأينا تخفي بالدين وإساءه له بالكلام ممن يتكلم وهو لا أمانة ولا مروءة ولا سلوك لعظيم القيم التي يزعم، إن تمكن ظلم وان انحاز نقم لا تفهم منه الا ما يفهم وهو عن الحقيقة بعيد، ما بين بعد عن الواقع وفهم ما يدعيه، وبين مخلصين تائهين مجمدين لا هم متمكنين فينصحون وان نصحوا لا يُسمعون، فأغلقت الطريق إمام الدعاة وأمام من يريد الإصلاح بالحق بسبب وتلك من الادعاءات التي يزعمها الأدعياء.
ورأينا مثقفين يهدمون بدل البناء ويعيشون طفيليات تحب الشهرة بدل عمل الأتقياء المتخفين، وتحرق الشموع بدل أن تحيطها بزجاج النور، وتزعم نصرة التمدن وهي تحرق أعلام العلم والمدنية، وتفترض نفسها علمانية وليبرالية وديمقراطية وقد جعلت من هذه المزاعم دينا وليس آلية أو أيدلوجية فقط، بل تُكَفِّر (بالخيانة، والجهل، والتخلف) من خالف رأيها حتى لو كان علمانيا.
نكران بطرس للمسيح
لم يك بطرس خائنا حين أنكر المسيح ﷺ لكنه خاف والخوف يضعف الإيمان فكان درسا، أن ضعف إيمانك فانت ما زلت قادرا على استعادته وحمل الرسالة فلا تتهاوى كما فعل يهوذا حين كان عدميا ناكرا للقدوة حسودا حقودا …….. فالمسيح رسول وعنوان الجمال، لكنه لم يحتط ليهوذا وإنما علم بنفس بطرس الداعية وضعفه، والله منجي عبده كذلك ينجو كل صادق مخلص مبدع كما انجى الله المسيح، فالحياة رسالة تؤدى وعندها تكون نهاية مهام المرسلين والمصلحين.