5 نوفمبر، 2024 10:29 م
Search
Close this search box.

التمائم والتعويذات في الحرب

التمائم والتعويذات في الحرب

من بعيد رن صوته الجهوري في أذني ..مقبلا فاتحا ذراعية المملوءتين بالوشم
(عمي ..ها أنا حي ..ولن يقتلني الدواعش ..تحررت الموصل ..وأنا عايش )..
نهضت مسرعا باتجاهه فهذا الظريف المقاتل (جاسم حرابه ) ولابد لي من معانقته وتقبيله …فهو أشد مقاتلي الفرقة المدرعة التاسعة وخاض غمار معارك تحرير الموصل منذ ان بدأت .
في الحروب وفي ضراوة المعارك وتحت أزيز الرصاص يتلو المقاتلين آيات من الذكر الحكيم وينتخي البعض بالذات المقدسة وبالنبي الاكرم وال البيت الاطهار لدرء الاخطار والتعلق بالمقدس عندما تكون الحياة على حافة الموت .ويلجأ الكثيرون من مقاتلينا إلى الروحانيين والعرّافين للحصول على ألتمائم بمعتقدهم الفطري انها تقيهم من الإصابة برصاص المعارك الشرسة التي تدور رحاها في جبهات القتال مع فلول داعش .جاسم يربط على ذراعه المفتولة قطعة قماش خضراء اللون، تحتها تميمة عليها طلاسم سحرية صنعها له أحد العارفين.وعندما قبلني اشار بيده الى السماء بسبابته وقبل ذراعه حيث تختفي التميمة قائلا (بفضل الله وهذه).
عندما يشتد وطيس المعركة في مناطق لاتعرف متى يستهدفك قناص وتكون لغة الرصاص سيدة الموقف يتعلّق المقاتلين بخيوط الامل والرجاء ويتمسكون بتمائم بأدعية من خرز وحُجُبًا تضم كتابات غير مفهومه وطلاسم وأرقامًا حسابية أو أحرفًا مقطعه ويدّعي غالبية كتّاب هذه الطلاسم أنهم يستعينون بآيات من القرآن ليصبغوا عملهم هذا بشرعية دينيه حتى وصل الأمر عند بعضهم الى الاشتراط بالتجربة لإطلاق الرصاص على نفسه .ويذكرني هذا الشرط بما ورد في مسلة حمورابي ملك بابل أنَّ اختبار العراف تكون “بإلقائه في ألماء فإن غرق أعطيت أمواله لمن أتهمه وإن نجا عوقب من أتهمه وأعطيت أمواله للساحر .
في قديم الازمنة كانت ال طلاسم السحرية المنقوشه على سيوف ودروع الجنود والرايات المعبأة بكلمات ورموز سحرية تقاتل الى جوار الجنود ويضع القادة ثقتهم في قوتها وفعلها …ولولا الاطاله لذكرنا الكثير من الامثلة والشواهد.. وأشهرها رايةُ فارس الكبرى (زركش كاويان ) وفيها الوفق المئيني العددي والمنسوج بماء الذهب بأوضاع فلكية رصدت لهذا الوفق والتى كان الجيش الفارسي يشن حروبة تحتها والتى لم تكسر ابدا إلا في في معركة القادسية حيث كسرت براية العرب المرسمة ب(بسم الله الرحمن الرحيم ).ومانقوش طوب ابو خزامة المشهور الذي يتبرك به العراقيين والذي رسم على ظهره تسع سمكات لما لهذه الرموز من معاني كثيرة فرسم السمكات هو تفاؤل بما للسمك من خصائص معروفة لدى علماء الحيوان حيث عرف السمك بشراهته وكثرة اكله وشدة حركته ونشاطه.
ولماذا العدد تسعاً فلأن التسعة تعادل حرف الطاء في علم النجوم وهذا الحرف في علم السحرهو حرف التدمير والقتل.
واما النجوم المرسومة في حواشي المدفع فهي من قبيل المثلثات السحرية المرتبطة بحرف الطاء. فلاعجب اذا كانت هذه الرموز الغامضة تؤلف طلسما سحريا عند المؤمنين بها يحث المدفع على ابتلاع القذائف بشراهة.والأمثلة في هذا الباب لاتعد ولاتحصى.
جاسم حرابة يؤكد انه تعرض للكثير من مشاهد الموت ونجى منها بأعجوبة وقصص مثل جاسم كثيرة ومتشابهه وأن قلت أو كثرت، وهي حقائق لا ننكر وجودها في مجتمعنا، كنموذج عن حالات واقعية وملموسة وأخرى ورّثتنا إياها بحكم العادات والتقاليد وقلة الأخذ بالأسباب واللجوء إلى قوى غيبه خارقة ، ربما تكون ربانية او غير ذلك ، ولكن بذات الوقت لا ننفي أن الحرب زادت من غموض هذه الطلاسم، أذ ان قصص كجاسم لاتزال حية وماثله للعيان .

أحدث المقالات

أحدث المقالات