ان التلوث الاجتماعي لايقل خطرا عن التلوث البيئي ، وهو نتاج كثير
من الامراض والافات الاجتماعية مثل انتشار الجرائم والادمان اضافة الى السلوكيات السيئة كالكذب والنفاق وخيانة الامانة . ويبدو ان الكذب هو اساس كثير من هذه الامراض والعلل الاجتماعية . ولذلك فهو يشكل خطرا كبيرا على المجتمع . . ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر وواتساب وغيرها يدرك حجم الكذب والتلفيق فيها حتى يضن المرء ان الكذب قد اصبح وباء” تفشى بين الناس ٠
والاكثر من هذا نجد الكذب الفاضح من بعض الساسة والمرشحين للانتخابات من الذين يدعون مؤهلات وصفات لاتتوفر فيهم او قيامهم بتزوير الشهادات او توزيع سندات عقارية مزورة ، والوعود المزيفة بالاعمار وتوفير الخدمات الاساسية ٠
ونتيجة لذلك فان الفساد السياسي والاداري عندنا قام على اساس الكذب
والتضليل . . الكذب في كل شئ ، من المشاريع الوهمية التي انجزت او التي سوف تنجز الى الخدمات المقدمة للمواطنين ، والاخلاقيات والصفات التي يدعيها بعض المسؤولين . واذا نحن صفر اليدين من كل هذا ، حتى المشاريع والمعامل التي كانت قائمة قد تم سرقتها او بيعها بوسائل الغش والخداع ٠
واذا ما عدنا الى مفهوم الكذب يبدو لنا انه سلوك يتعلمه الفرد وتحدده البيئة والمحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه . والانسان الطبيعي لايميل الى الكذب . . بل يستهجنه . . ولكننا نشهد مع الاسف حالات من الكذب والغش والخداع لتحقيق مآرب غير مشروعة على حساب من يستحقها فعلا . وفي الوقت الذي يستنكر بعض الناس الاكاذيب نراهم يقعون بها بسبب او من دون سبب . حتى ان بعض الافراد قد اصابهم ادمان الكذب فاصبح جزءا” من شخصيتهم ٠
ان الكذب محرم في كل الاديان السماوية . وقد حرمت المسيحية
واليهودية الكذب واعتبرته من اعمال الشيطان حتى ورد في الوصايا العشرة . وفي الاسلام وردت ايات قرآنية واحاديث كثيرة تحرم الكذب منها (ان الله لايهدي من هو مسرف كذاب ) و ( فمن اظلم ممن كذب على الله ) و (يحلفون على الكذب وهم يعلمون ) و( لهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون) ) وكثير غيرها . . وجاء في السنة النبوية ( ومازال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) و ( اياكم والكذب اجتنبوه واحذروا الوقوع فيه ، فانه مع الفجور ) وهناك احاديث كثيرة غيرها ٠
لقد اصبح الكذب من الممارسات الاجتماعية اليومية مع الاسف ، فالاب
يكذب على اهله واولاده ، حتى تعلموا الكذب منه . . والمعلم يكذب امام الادارة لتبرير بعض تصرفاته ، فيتعلمه التلاميذ ويمارسونه ، والبائع يكذب على المشتري لترويج بضاعته . . وانتشر الكذب في المجتمع حتى غطى على كثير من النشاطات الاجتماعية والرسمية . واخذ الوزير يكذب امام مجلس النواب وعلى رؤوس الاشهاد ثم يكذب على المواطنين لتجميل صورته . وبعض النواب يكذبون في مجلسهم وامام ناخبيهم بلا استحياء . اما الفضائيات فحدث ولاحرج حتى اصبح الخبر الصحيح نادرا ، ويتوجب الاستقصاء عنه في كثير من الاحيان لمعرفة مدى صدقه . واخذ الناس يشيعون الاكاذيب عن جهل وحسن نية في اغلب الاحيان ، وقلة منهم بسوء النية ٠
اننا اذا اردنا الفلاح فعلينا تجنب الكذب وقول الزور . لان حبل الكذب
قصير . فقد كان غوبلز وزير الدعاية الالماني في زمن هتلر يردد دائما ، اكذب
ثم اكذب حتى يصدقك الناس . . ولما صدقه الناس ذهب بهم الى التهلكة ٠
يقول الكاتب البريطاني جورج اورويل . . في زمن الخداع يكون قول الحقيقة
عملاً ثورياً ٠
وازاء ذلك فان الواجب يقتضي منا ومن كل الشرفاء والغيارى العمل على التثقيف بتجنب الكذب تحت اي ذريعة او سبب كان ، والحث على تشريع القوانين التي تعاقب الكذب بكل اشكاله سواء المجتمعي الاهلي او السياسي الرسمي . وكذلك الفضائيات التي تنشر الاكاذيب على مدار الساعة . واعتبار الكذب من الجرائم المخلة بالشرف . اضافة الى تعليم الاولاد في البيت . والتلاميذ في المدرسة على الكلمة الصادقة والسلوك السوي . واعداد انظمة تأديبية لمعاقبة الموظفين الذين يتوسلون بوسائل كاذبة في اعمالهم اليومية ، او لتحقيق اهداف غير مشروعة ٠
كما ندعو الى حث الناخبين بعدم انتخاب اي مرشح كاذب ، وان لا يعطون
ثقتهم لاي سياسي او حزب يكذب عليهم لان الكذب آفة اذا ماستفحلت فعاقبتها التهلكة . وانظر ماذا حل بالعراق واهله نتيجة الكذب والفساد والخراب المبني عليه
ادهم ابراهيم