في بلادنا و حتى العالم؛ حَلّ صدى (آلتلقين) بَدَلَ حقّ (اليقين), و (العاطفة بدل الأعتدال) و(الأرضيّة بدل الكونيّة) و (الجزئيّة بدل الموضوعيّة) و (العرضيّة بدل الجّوهريّة) و (الظاهريّة بدل الباطنيّة) .. لدرجة أنّك حين تُناقش شخصاً أو جماعة في موضوع كونيّ حسّاس و مصيريّ, تُحاول فيه طرح النواة و الجّوهر و الأصل و الحقيقة بدل الظواهر والسطحيات و الشطحيات في هذا الوجود .. للأنطلاق نحو فضاء الكون كلّه من خلال الأنطباق مع المعشوق لتقرير الأفضل والأشمل والأكمل لواقعنا المأساوي؛ تراهم يُحاولون بشقّ الأنفس سحبك للأسفل لِجَرّك للحضيض, و كأنّ هذا الوجود لأ أساس ولا حقيقة له سوى ما تلقّاهُ و تيقّنهُ من والديه و مربيه و مرجعهُ و الجامعات التي دخلها .. حتى قفل على ذلك و لم يعد أمامه غير ما يراه .. أو بآلأحرى هو نفسه لا يُريد أن يعرف شيئا آخر بديلاً عن ذلك, وكما برهنّا سابقاً في قصّة(أفلاطون وأصحاب الكهف), وهكذا ما زال الحال قائماً ولم يتغيير بل ساء أكثر وإن كان قد مرّ آلاف الأعوام!
كمثال على ذلك؛ أعطى أستاذ في أمريكا لطلابه مسألة رياضيّة “غاية في التعقيد” هكذا عبّر عنها, قائلاً لهم: [إن هذه المسألة صعبة مُحيّرة وعرة حاولوا الجواب عليها], وصادفَ أنْ وصل طالب من طلاب الصّف متأخراً لقاعة الإمتحان, فنجح في حلّ المسألة ببساطة و سلالة, لأنهُ لم يخضع لكيمياء الألفاظ وسلطة الكلمات (صعبة محيرة وعرة).
ما أكثر ما في ثقافتنا وحياتنا وسياستنا واقتصادنا وديننا و طقوسنا من ضلالات و أوهام تمّ توظيبها في كلمات لها مفعول سلبيّ سحرّي بسبب آلتلقين وزرع الخوف من جهنم الله ألتي شَلّتْ العقل عن التفكير والإرادة عن العمل والعاطفة عن الاعتدال والمنهج عن الأبداع.
ألمطلوب من العقل ألعراقي ألمُكبّل والعربيّ آلمرتهن قبل أيّ شيئ؛ ألتحرّر من هذه السّلطة المستبدة وهيمنة “اللغة ألأستبدادية” و”آلألقاب المقدسة”, والاحتكام بدلها إلى الحقّ وحدهُ, حتى يكون الحقّ بُغية الإنسان وطلبته ومنيتهُ .. وقول الأمام الرضا(ع) خير مصداق وهو الحكم الفصل؛ [إعرف الحقّ تعرف أهله .. و بآلحقّ يُعرف الرّجال ولا يُعرف الحقّ بالرّجال], لنتجاوز التزوير بدل الحقيقة و التلقين بدل اليقين, لأن آلأمر لا يتوقف على ما ذكرنا فقط؛ بل يستمرّ التلقين من غير يقين حتى بعد آلموت قبل إنزاله للقبر!
حكمة كونيّة: [يتحقق ألرقيّ الكونيّ حين يكون لديك الكثير لتقوله؛ لكنكَ تختار الصّمت أمام الحمقى].