الجزء الاول
يزدحم ارشيف المحاكم العراقيه والعربيه بالعديد من الاحكام القضائيه التي تحكم بالسجن مع ايقاف التنفيذ مؤقتآ وهذه الظاهره القانونيه كحاله أستثنائيه برزت امتداداتها الفكريه والزمنيه مع بدايات القرن الثامن عشر ضمن حركة حقوقيه ودعوات لاصلاح سلك القضاء.. وكان من ابرز قادة هذا التوجه القانوني هو الفقيه والمستشار ( مارك انسل)من فرنسا وكذلك الفقيه الايطالي (فيليبو جوماتيك)
واخرين حيث نشروا منظومه من الافكار الحقوقيه التجديديه والتي تدعو الى ادخال عملية توازن وتناسب مابين الجريمة والعقوبه والى اساليب واحكام قضائيه اكثر حداثه تعمل على تكريس نزعة حقوق الانسان وانقاذ الاشخاص من تداعيات وبراثن مستنقع الجريمه الجنائيه والجريمه المنظمه وهذا النظام في القانون الجنائي المقارن بدأ ينتشر سريعآ في العديد من البلدان العربيه ومنها العراق ومصر والجزائر وليبيا وغيرها والذي سنتحدث عن بعضآ من وسائله وادواته القانونيه لاحقآ.
وهنا من الضروري الاشاره ان نظام الحكم بالسجن مع ايقاف التنفيذ هو احد اهم الأساليب القانونيه الجنائيه (لتفريد العقوبه) من اجل اعادة أصلاح وتأهيل الاشخاص ممن هم ليسوا على درجه عاليه من الخطوره الجنائيه ومن الذين ليس لهم سجل جنائي سابق او هم من اصحاب السوابق القضائيه..؟
عمومآ ان الحكم القضائي بالسجن مع ايقاف التنفيذ مؤقتآ يكون قائمآ في جرائم الجنح والجنايات فقط ولا يشمل باي حال من الاحوال المخالفات.
ويجمع الفقه والقضاء الجنائي المعاصر ان مسألة ايقاف تنفيذ العقوبه مؤقتآ ماهو الا شكل من اشكال تعليق تنفيذ العقوبه على شرط موقف لها وذلك كأجراء تجريبي واختبار مدى التزام المحكوم باحكام سيادة حكم القانون خلال فترة الايقاف هذه..؟
كما ان فترة ايقاف الحكم القضائي او التي يمكن تسميتها فترة مجازآ بالاختبار تختلف باختلاف التشريعات العربيه مثلا العراق ومصر حددها المشرع الجنائي بثلاث سنوات لايقاف تنفيذ الحكم القضائي والمشرع الجنائي الجزائري والليبي حددها بخمس سنوات لايقاف تنفيذ الحكم القضائي..
كما ان الغالب في التشريعات الجنائيه العربيه ومن ضمنها قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة1969أكد على ان احكام ايقاف تنفيذ الحكم القضائي مؤقتآ تكون في منازعات الحق العام وليس خصومات الحق الخاص..؟
وهنا من الجدير بالاشاره ان القاضي الجنائي يمتلك السلطه التقديريه الواسعه في مسألة ايقاف تنفيذ الحكم القضائي مؤقتآ عندما يكون قرار الحكم هو أقل من سنه فما دون. خاصة وان القاضي في هذه الحاله ينظر لمنظومه من المعايير القانونيه في تعليقه لتنفيذ العقوبه مؤقتآ وأهمها اخلاق المحكوم عليه وعمره وليس لديه سوابق قضائيه اضافة ينظر القاضي ايضآ لدوافع وظروف ارتكابه الجريمه وغيرها.كما ان هذا الايقاف يعني بالضروره القانونيه تعليق تنفيذ العقوبه وليس هو تنزيه او شكل من اشكال البراءه (المقنعه) التي يفسرها البعض احيانآ..؟ولذلك من الناحيه القانونيه يبقى المحكوم مع ايقاف تنفيذ العقوبه هو من ضمن قائمة (اصحاب السوابق القضائيه) مؤقتآ الى ان يثبت العكس خلال فترة التجربه او الاختبار. ولذلك يمنع عليه الحصول على صحيفة حسن السلوك الجنائي او تزويده بشهادة حسن السلوك المدني ويبقى اسمه مدونآ في سجل البحث الجنائي ويكون فقط متاحآ له الحصول على هذه المستندات والوثائق القانونيه او القضائيه بعد نجاحه في تجاوز فترة الايقاف المؤقت للمدة المحدده قانونآ بثلاث سنوات كما في العراق ومصر وخمس سنوات كما هو الحال في الجزائر وليبيا..كما ذكرنا سابقآ
الجزء الثاني قريبآ.. انشاء الله