وقف شاعر بين يدي حاكم بلدته، فقال له: إنك أحسن من القمر، وأشد من الأسد، وأقطع من السيف، فسرَّ الحاكم من قوله، فأمر له بعشرة الآف درهم، ثم همس الحاجب في أُذن الوالي قائلاً: كان الشاعر ليرضى منك بعشر دراهم، فلمَ أعطيته عشرة الآف درهم، فأجابه الحاكم: لقد سرنا بكلام، وسررناه بكلام، رغم أننا نعرف أن قوله فينا كذب، أيعقل أن أكون قمراً وأسداً وسيفاً؟ لذا يكفي أننا إشترينا كلامه، بعشرة الآف درهم، كاد ينزع جلده من شدة الفرح بها.فرح الشاعر بالعشرة ألآف درهم، أما ما أطلقه شعراء الحزب الحاكم، مثل قائد الضرورة، ومختار العصر، حين نزعوا جلودهم الوطنية، وإرتدوا جلابيب السلطة، والمكاسب الحزبية والشخصية، والعجيب أن حكومة التكنو قراط المزمع تشكيلها هذه الأيام، توحي بأن رئيس الوزراء حيدر العبادي، سيكون أسد الغابة في معرفة الصحابة، عند محاولة إختياره لشخوص تكنوقراطية، لخدمة الشعب العراقي المبتلى، ولكن بشرط أن يكونوا كشاعرنا، ليضمنوا حقهم في الحكومة القادمة!عندما يحكم البلد حاكم، لديه إسم واحد ومائة وجه، ولعقد من الزمن امتلأ فساداً، وإشتهر بالهدر والترهل، في كل مفاصل الدولة، وتحت موازنات إنفجارية، كانت لتنقل العراق الى مصاف الدول المتقدمة، لكن الحزب المظلوم، الذي إنقلب ظالماً، بعد أن أمسى الحزب الحاكم والأوحد، أفرغ جيوب الأرض وأعطاها لرفاقه زلفى، لأن الحزب مسرور جداً بالعملية السياسية الهزيلة، التي حصل فيها السياسيون على جوائز كبيرة، لا تقاس بما حصل عليه الشاعر الفقير، أمام حاكم بلدته.بعد كل هذا الفشل، والترهل في حكومة المالكي، لثمان سنوات مضت، والتي أوصلتنا الى ما أوصلتنا إليه، تجد أن السيد العبادي، يختار نوري المالكي وعلي الأديب، في لجنة تقييم عمل الوزراء الحاليين، والمفارقة في إختيار رئيس الحكومة الحالي للجنة، تكمن أما بجهل، أو أنها حيلة مدروسة، رغم أنه على علم بأن إختيارهم، لا يقنع الشركاء السياسيين أو الشعب، ولكن ما هو المغزى من كل هذا يا عبادي؟! الشعب الذي توقف عن المدح والتمجيد، بعد أن ذاق الأمرين على أيدي ساسة، هم ليسوا سوى مجموعة سراق، ولأنهم لم يستلموا أية حوافز، أو هبات، أو عطايا، من الدراهم كانت، أو الدنانير، أو أوراق خضراء، بل على العكس تجد أن الحكام، بدؤوا يسرقون قوت المواطن اليومي، فحكومة التقشف العبادية، نالت مستحقاتها من السرقات، ولم تكتفِ فاتجهوا الى إستقطاع رواتب الفقراء، من المتقاعدين والموظفين، فهل سيختار رئيس الوزراء أسداً غيره، ليقتنع الشعب بأن التغيير الجديد سيبدأ بشخصه أولاً، ثم يختار معه قمراً وسيفاً.ختاماً: علينا أن نراجع أنفسنا جيداً، قبل الإنجرار وراء عواطفنا، التي تلاعبوا بها بكل الطرق الملتوية، ودفعنا ثمنها غالياً، لذا لزم الأمر أن نكون موحدين، صادقين، محبين للعراق دون غيره.