23 ديسمبر، 2024 11:23 ص

التكنوقراط الطائفي ومدى شجاعة المرجعية الدينية !!!

التكنوقراط الطائفي ومدى شجاعة المرجعية الدينية !!!

تزداد الاوضاع سوء في العراق على خلفية النظام الطائفي السياسي والاثني ضيق الأفق والذي زرع الفتنة والفرقة بين مكونات المجتمع العراقي, الاجتماعية والاثنية والثقافية, وأسس للأحتقانات الطائفية والمذهبية والاثنية, وشكل حاضنة للارهاب والقتل والدمار في أبرز مظاهر ذلك والمتمثلة بداعش والقاعدة والمليشيات المنتشرة في ارجاء العراق كله, سنية أم شيعية, أم مجاميع إجرامية مسلحة وشللية منحرفة, كما ان النظام كان ولا يزال عنوان وبوابة لأضخم عمليات في الفساد الاداري والمالي والاخلاقي, والتي لم يشهد لها تاريخ العراق السياسي كله ومنذ نشأة دولته الفتية عام 1921 !!!.
وقد كلف هذا النظام الطائفي السياسي والمحصصاتي المتعصب إرتهان العراق ومستقبله لعقود قادمة عبر تبديد ثرواته المالية والطبيعية والتي بلغت في أبسط تقديراتها الرقمية 800 مليار دولار, يقابلها التوجه الشامل لسياسات التقشف الشامل عبر سياسة شد الاحزمة على البطون وفرض الضرائب العالية في بلد لا توجد فيه في المقابل ادنى الخدمات في الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية العامة. وقام النظام الطائفي بمكوناته المختلفة في زرع وتشجيع الاستقطاب والتحالف الاقليمي على اساس الهوية الطائفية, مما افقد البلد هويته الوطنية واستقلاله, واستقراره الخارجي والداخلي !!!.
اليوم يبحث النظام المتهالك عن حلول هي الاخرى عرجاء من خلال شعارات براقة ومقبولة مزاجيا, وعنوانها الرئيسي هو البحث عن ” حكومة تكنوقراط ” والهدف المعلن منها هو البحث عن كفاءات مهنية متخصصة في مختلف المحالات لتسهيل امر قيادة الحكومة بوزاراتها المختلفة في محاولات لإنقاذ ما تبقى إنقاذه ” إن وجد ” ولتخليص الدولة والمجتمع من الفساد والخراب والدمار والافلاس الشامل, ومحاولات الابتعاد او الانحياز الطائفي السياسي والاثني عن إشغال المناصب الحكومية العليا !!!.
ولكن الاسلام السياسي الطائفي والاثني كعادته لم يتورع في التشبث بالشرعية الدستورية, حيث بدأ مستميتا في البحث عن مفاهيم عبثية لا ترسم ملامح مستقبل قريب, قوامها من جديد هو التوافق السياسي الطائفي السيئ السمعة والصيت في إيحاد حكومة تكنوقراط طائفية, شكلها الظاهري تكنوقراط ومضمونها الداخلي هو طائفي سياسي, وسيترك البلاد مجددا وعلى مصرعيها للصراعات الدموية ولحروب الاستنزاف والتي لا تقف ابدا وبواجهات محتلفة !!!.
كانت ولا تزال ضغوطات الحراك الاجتماعي المدني لها التأثير الكبير في الضغوطات على السلطة التنفيذية والتشريعية في ايجاد مخرج للأزمة البلاد المستعصية والذي دفع الحكومة لبحث عن متغيرات للحل وإلتماس فرص أخرى لانقاذ البلاد, ولكننا نعلم ان الحراك الاجتماعي والذي شاركت فيه المرجعية الدينية في استنهاض مؤمنيها هو ليست فصيلا حراكيا واحد أو حركة ذات ثقل جماهيري كافية للتغير, بل هو خليط غير متجانس يعكس تجاذبات قوى سياسية وطائفية مختلفة, ولها مصالحها المختلفة في عملية الصراع الاجتماعي الدائر !!!.
لقد كان أبرز ملمح للحراك الاجتماعي الان هو دخول التيار الصدري متصدرا الاحداث ومهددا وواعدا بالعمل على إجتثاث الحكومة واجتياح مركز الحكم في المنطقة الخضراء في عمل قادم قد لا تحمد عقباه في ظل إشتداد هجمة الارهاب وحضور داعش على اطراف بغداد, الى جانب المتناقضات الكثيرة التي يحملها هذا التيار الطائفي الاسلاموي والذي يدين بولاية الفقيه وله تطلعاته المذهبية, ولكنه ركب موجة ” حكومة تكنوقراط ” ودخل مفاوضات مع الحكومة والكيانات السياسية الاخرى, وكأنه بات المنقذ للبلاد والعباد, ونسى إنه طرف في الفساد والطائفية وإهدار المال العام. أما السواد الاعظم من قاعدة هذا التيار فرغم كادحيتها ومسحتها الثورية, ولكنها لا تحمل في طياتها عملا جذريا يؤدي الى تغير الموازين صوب حراك يساري رافض لما هو سائد !!!.
اليوم وفي زخم خطورة الاحداث وبقاء الاوضاع كما هي وأسوء منذ عام 2003 يقع على عاتق المرجعية الدينية مسؤولية تاريخية كبرى وشجاعة مرتقبة في رفع الحصانة عن شرعية العملية السياسية بعد تجربة فاشلة لمدة 13 عاما ساهمت المرجعية نفسها بإضفاء الشرعية على النظام السياسي وكان لها الدور الكبير في التأسيس للنظام الطائفي السياسي. لقد آن الآوان للمرجعية الدينية والمؤسسة الدينية بصورة عامة أن تشهد شهادة حق ببطلان هذا النظام السياسي وأدواته في البقاء, من دستور ونظام انتخابي واحزابه الاسلاموية الفاسدة والمفسدة !!!.
إن المرجعية التي طلبت من الشعب في التصويت على الدستور انذاك, عليها اليوم أن تقول كلمة بهذا الدستور الغبن وقد عفى عليه الزمن. وسوف يذكر التاريخ المرجعية الدينية بأحرف من نور عندما تسهم الآن بإنقاذ شعبنا من محنته الطائفية الاسلاموية والاثنية, عبر إعادة بناء العملية السياسية بكل آلياتها ومفاصلها الاساسية, ولاسيما ان مزاج شعبنا جاهز الآن قبل أي وقت مضى, ويجب الاستجابة لارادة العراقيين في التغير نحو الافضل, وما زال الدين لله والوطن للجميع !!!.