23 ديسمبر، 2024 4:22 م

التكفيريون…السنة… والشيعة

التكفيريون…السنة… والشيعة

قد يعتقد البعض ان ظاهرة التكفير برزت في فترة المد الوهابي في بلاد نجد والحجاز(اواخر القرن السابع عشر),او ان ابن تيمية هو اول من اسس فكر التكفير وتبديع المسلمين
(بدايات القرن الثالث عشر),ان هذه الظاهرة انتشرت بعد وفاة الرسول محمد ص,وتحديدا بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان رض,ومع بداية الصراع الدموي الذي ابتلي به الخليفة امير المؤمنين الامام علي ع
(في معركة الجمل, صفين, النهروان),واعتزال بعض المشتغلين بعلم الاصول(علم الكلام ,وتدريس الفقه) عن مواجهة نظام التوريث الدموي الاموي ,ومن ثم العباسي,والتقاعس عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في واقعة كربلاء ,حادثة مقتل سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين ع,
هذه الصراعات ولدت فرق وطوائف وملل,وابتدأت ببروز جماعات صوفية وفلسفية مختلف, كالمعتزلة (يورد الكاتب يوسف زيدان في كتابه اللاهوت العربي واصول العنف الديني,ان رجلا دخل مجلس الحسن البصري يستفتيه في رأي جماعة الخوارج,حيث قال يا امام ظهر في زماننا  جماعة يكفرون مرتكب الكبيرة,فما قولك فيهم,فانبرى تلميذ البصري واصل بن عطاء,مجيبا ,مرتكب الكبيرة,لامؤمن ولا كافر,لكنه منزلة بين منزلتين,ثم اخذ ركنا من المسجد فقال البصري عنه اعتزلنا بن عطاء),ومن ثم فرقة لاشاعرة الذين انتشر مذهبهم من قبل ابو الحسن الاشعري, كردة فعل على بعض افكار المعتزلة(ايضا ظهرت بعد ان حدثت قصة استفتاء الاخوان الثلاث المؤمن والكافر والطفل),ثم انتشرت بينهما فرق القدرية,والجبرية وهو المذهب الذي دعمه الامويون لترسيخ حكمهم,وفي معرض ذكر الانابة يقول زيدان في كتابه ان المتدين(اليهودي او المسيحي او المسلم)يظل دوما بحاجة الى ادراك الحضور الالهي الدائم,هذه الحاجة المستمرة تتم على نحو  عام عبر طقوس ومراسم العبادة,والله دوما عند المتدين يحتاج نائب,او ممثل انساني,وناطق بلسانه العالي,ففي الاسلام تكون انماط النائب,هو الصحابي ,التابعي,تابع التابعي,او الحاكم ظل الله في الارض,وماتحت مرتبة هؤلاء النواب تأتي الدرجات حسب اختلاف المذاهب,المجتهد,اية الله,الداعي,البدل,شيخ الطريقة,والمفتي(والمصطلحات الحديثة عند الشيعة المرجع الاعلى,حجة الاسلام, العلامة,وعند السنة يكون العالم المحدث,امير الجماعة,وكذلك عبارات العلامة والمرجع  والمفتي العام القاب متداولة )  الخ.
المعروف ان صفة الخارجي تنطبق وفق التعريفات الاموية
(واستمرت في الى مابعد الدولة العباسية) على كل شخص خرج على الحاكم المسلم,وتوابع هذة التهمة هي عند التكفيريين السنة هو حكم المرتد عن الاسلام(يحل دمه وماله وعرضه,وهذا مافعلته الحركات والمنظمات الارهابية في البلدان الاسلامية,كحركة طالبان, والقاعدة
وتفعله جبهة النصرة
وداعش في سوريا والعراق كل يوم تقريبا),لكن المخاوف الحقيقة ليست محصورة في حركات التكفير الحالية,وانما في الثقافة التكفيرية الموثقة الكترونيا(مواقع الكترونية,وافلام وقنوات فضائية,وكتب منشورة عبر الشبكة العنكبوتية),هذه الاثار التي تجاهلتها الدول الداعمة لشيوخ الضلال والفتن,والجماعات الارهابية المقاتلة,لايمكن ازالتها بسهولة,بل اصبحت جزءا من بيئة المجتمعات الاسلامية,والدليل خسارة المراهنات التي بنيت على اساس ان الانتحاريين هم قلة قليلة من الشباب اليائس ,سوف لن يكون لها مدد او ارضية تفريغ جديدة,لكننا رأينا العكس,ازدادت جماعات الانتحاريين بشكل غير معقول,فاق كل التصورات.
اما المخاوف الاخرى حول ظاهرة التكفيريين الجدد, فهي تنبعث من التصورات المبنية على بعض الاحداث المتكررة ,التي حدثت في عراق مابعد2003,
,وازدياد حالة التهويل والافراط في الممارسات الطقوسية العاشورائية,وظهور فرق بدائية قمعتها الحكومة العراقية بقوة مفرطة(كحادثة الزركة),هي مزيج او نتاج لدخول فرق مغالية في حب اهل بيت الرسول ع العراق بعد الاحتلال,
(الاخبارية,الشيخية,والحوزة الشيرازية الكربلائية),
فمن المعروف ان الشيعة وبحكم انهم لم يمارسوا الحكم المباشر منذ قرون(عدا الدولة الصفوية ومن ثم الجمهورية الاسلامية في ايران),لم يظهر منهم فرق تكفيرية كبيرة,عدا بعض الفرق الصغيرة التي ظهرت قريبا من التشيع وانحرفت,فعدت من الفرق الضالة (ومنها الحركات الصوفية,و البهائية على سبيل المثال لا الحصر),ومورس العنف ضدها بقسوة بحجة التكفير والبدع,
بينما كانت هناك احداث فردية قتل من خلالها عدد من علماء التنوير والاصلاح (منهم الدكتور علي شريعتي),وتم محاصرة الاخرين (الشيخ الخالصي,شريعة مداري,ومنتظري, الخ.),وهناك صراعات ومناكفات ومواجهات كلامية او عبر مناوشات جانبية,يندفع اليها بعض المنتفعين من بيوتات المراجع والتيارات او التوجهات الدينية, لاشاعة الفوضى والبلبة بين المدارس الفقهية,
ان التعريف او التطرق الى موضوع التكفير الوهابي السلفي لايحتاج الى الاطالة فهو بات في حكم المسلمات المشهورة,ويمكن مشاهدته مباشرة, او عبر التسجيلات المرئية,ومتابعة اخبارهم الاجرامية القذرة متاح للجميع,
انما المخاوف الحقيقية تكمن في احتمالية تطور تيار تكفيري شيعي,بدأت بالفعل شراراته المتفرقة مع بدايات الاحتلال,حيث مارست بعض المليشيات المجهولة,وبعضها كان يستتر تحت اسماء وعناوين معروفة(كالتيار الصدري,وعصائب الحقع,وحزب الله العراقي,الخ),عمليات عقابية تندرج تحت عناوين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر,لكن هذه العقوبات ضربت الفقه وشريعة المذهب الاثني عشر عرض الحائط,قتلت شارب الخمر,وقطعت رؤوس النساء السافرات,وضربت المتجاهر بسماع الاغاني والموسيقى واغلقت محالهم, وغيرها من الامور  والاعتداءات المتعلقة بالحريات الشخصية,
المشكلة ان التيارات الاسلامية لاتستطيع قمع هذه الجماعات المتطرفة المدفوعة الاجر(الجماعات التكفيرية السنية ايضا مرتزقة مدفوعي الاجر), الغير متدينة اصلا,او ممن التحق بشبح او قشور التدين بعد سقوط نظام البعث البائد,
فما حصل في البصرة قبل ايام لعدد من عمال او موظفي الشركات الاستثمارية ,بحجة انزالهم خرقة سميت براية الحسين,ولانعلم كيف يمكن لحرقة اشتريت من السوق بثمن بخس,تكون سببا للاعتداء على شخص اجنبي اعزل ,هو ظيف في عرف العرب,
الطامة الكبرى ان رئيس الوزراء وبسبب قرب موعد الانتخابات, تدخل ايضا لطرد العامل المصري بحجة اهانة راية الحسين,وكأن الامام الحسين ع خرج لكي يتاجر بدمه المنافقون والجهلة الاغبياء,هذه كارثة حقيقة عندما تمارس الكتل والاحزاب السياسية الحاكمة سياسة تجهيل وتعمية المجتمع لاسباب نفعية,تماما كما تفعل الدول المتقدمة التي تخرج قضية حقوق الشاذين قبيل موعد الانتخابات البرلمانية لتتاجر بها سياسيا.
ان التحذيرات التي كانت قد اطلقت قبل وبعد حرب اسقاط الدولة العراقية2003
حول ظاهرة الافغان العراقيين والعرب,لاتختلف عن تحذيراتنا التي نود ان تنتبه اليها المؤوسات الاسلامية المعتدلة السنية والشيعية,وكذلك الحكومة العراقية والتيارات السياسية المتواجدة في الساحة,بغية سد منافذ التطرف والعنف والصراع المذهبي,والعمل سويا على اخماد نار الفتنة الطائفية,والجلوس معا على طاولة الوحدة والسلم الاجتماعي,وتكثيف الجهود لاعادة دراسة التراث الاسلامي المحشو بالاسرائيليات والمكفرات والروايات الفارغة,والبحث جديا عن المشتركات التراثية المعتدلة,كما ندعوا حوزة النجف الاشرف ان تخرج عن صمتها,لتنتبه للشباب الشيعي المغرر به,والمندفع للمارسة الشعائر المذية للجسد والنفس والمذهب الجعفري الاثني عشر,لاعادته الى جادة الصواب,فمشروع مدرسة الاسلام المحمدي لاتباع اهل بيت النبي محمد ص,مشروع للسلام والمحبة والاعتدال,مشروع ايماني خالص لوجه الله تعالى,فمدرسة جعفر الصادق ع مدرسة الخير لجميع المسلمين دون استثناء,
لاجبر ولاتفويض ولكن امر بين امرين..