(3)
بعد ان سلم صدام العراق وهو عبارة عن خرائب , وبعد ان عانى العراقيون في عهده الاسود , من شتى انواع المشاكل والازمات والمضايقات , بدأت صفحة جديدة في حياة الاغلبية والامة العراقية , عام 2003 فقد سقط النظام البعثي التكريتي الهجين , الا ان فلول البعثية وزمر الاعداء الخارجيين وشراذم القتلة والمجرمين بالإضافة الى قوات الاحتلال الاجنبية لاسيما الامريكية , عاثت في البلاد فسادا وخرابا وتدميرا ؛ حيث احرقوا الوزارات والدوائر والمخازن , واتلفوا السجلات والوثائق , ونهبوا الاموال العامة , ودمروا الشركات والمعامل والمصانع , وعطلوا ما تبقى منها … الخ ؛ بحجة ان العراقيين مقبلون على حياة جديدة وعهد جديد مليء بالخيرات والرفاهية والحقوق والامتيازات , وان المواطنين سوف ينعموا بمقدرات بلادهم كالمواطنين الخليجيين , وبالتالي هم لا يحتاجون الى العمل في المصانع او الكدح في المزارع ؛ لان كل شيء سوف يأتيهم على طبق من ذهب وهم جالسون في بيوتهم , وان الامريكان سوف يوزعون على العوائل العراقية اكثر من 92 مادة غذائية وغيرها ضمن الحصة التموينية ( ومن هل الكلاوات ) … ؛ وانتظر العراقيون استلام حصتهم الوطنية من النفط كرواتب شهرية ؛ الا انهم رجعوا بخفي حنين , ولم يحصلوا على شيء , وانطبق عليهم المثل الشعبي : (( لاحظت برجيلها ولا خذت سيد علي )) فقد ضيّعوا المِشْيتين … ؛ اذ لم يعملوا في المصانع والمعامل العراقية القديمة , ولم يستفيدوا من المرحلة الجديدة شيئا … ؛ ولعلاج هذه الازمة الاقتصادية المستعصية ؛ وبعد حل كافة دوائر و وزارات الدولة فضلا عن الجيش والشرطة وغيرهما من الاجهزة الامنية القمعية , فتح الامريكان ابواب التعيين في بعض الدوائر والوزارات , والتطوع على الجيش والشرطة , وقدموا المنح والمساعدات للكثير من منظمات المجتمع المدني الوهمية او المرتبطة بالأجندات الخارجية , وفي هذه الاثناء توسعت عمليات الاجرام والارهاب , وطالت كل مرافق الدولة وموظفي الحكومة والمواطنين جميعا وبلا استثناء , وسقط جراء هذه الهجمات الاجرامية والعمليات الارهابية والتفجيرات والغزوات والمفخخات والانتحاريين … الخ ؛ الاف الضحايا بل مئات الالاف ومن ضمن هؤلاء عناصر الجيش والشرطة وموظفي الحكومة ؛ مما زاد الطين بلة , وفاقم من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية , فقد خلف هؤلاء وراءهم جيوش جرارة من الايتام والارامل والمرضى , فضلا عن المعاقين والمرضى جراء تلك العمليات العسكرية ؛ فضلا عن ضحايا القوات الاجنبية والامريكية في العراق .
وبارتفاع معدلات الفقر واختفاء الانشطة الصناعية والزراعية والسياحية والتنموية والحيوية من حياة الاغلبية والامة العراقية , شيئا فشيء , عادت الحكومات العراقية لمعالجة تلك المشاكل الاقتصادية العويصة من خلال فتح ابواب التعيين واهمال كافة انشطة القطاع الخاص بالإضافة الى عدم تنشيط واحياء الصناعات الوطنية الحيوية الحكومية الكبرى , مما ادى الى ترهل الدولة وتضخم دوائر الحكومة من ناحية الكم وليس الكيف , وبالتالي استشرت ظاهرة الفساد الوظيفي والاداري والمالي في دوائر الحكومة , وعانى المواطنون من الموظفين وعزفت نفوسهم عن مراجعة الدوائر ؛ بسبب الروتين الممل والفساد وسوء المعاملة .
ومن الواضح ان الدولة مهما كانت كبيرة , والحكومة مهما كانت قوية ومقتدرة , لا تستطيع تعيين كافة المواطنين او تشغيل كل العراقيين في دوائر و وزارات الدولة ؛ وعليه التعيين في دوائر الدولة لا يحل المشكلة ولا يعالج الازمة الاقتصادية بصورة جذرية وعلمية و واقعية … الخ ؛ كل هذه العوامل وغيرها دفعت العراقي المتعب والشاب ( المكرود ) إلى البحث عن أي مورد رزق ، فكانت وسيلة النقل العملية هذه والقليلة الكلفة من الحلول التي أمنت لقمة عيش لكثيرين ما أسهم في انتشارها الواسع في مختلف المناطق العراقية , وقد تكفي 5دولارات لملء خزان وقود هذه العربة الصغيرة المصنوعة في الهند ، لذلك بدت حلاً أمثل لتأمين قوت عائلات كثيرين من العراقيين ، ووفرت فرص عمل لمن طالهم شبح البطالة … ؛ لاسيما وان بعض العراقيين بل واغلب الشباب لا يحبذون العمل في المصالح والشركات والاسواق الاهلية بسبب سوء معاملة اصحاب العمل للعمال والاساءة اليهم بصورة اشبه بالإهانة وامتهان الكرامة ؛ يجري ذلك في ظل غياب كامل وشامل للقوانين التي تحمي العامل والمواطن من جشع وطمع صاحب العمل والثروة فضلا عن سوء اخلاق القائمين على تلك المشاريع التجارية او الصناعية او الحيوانية او الزراعية او السياحية الاهلية ؛ مما يضطر الشاب العراقي الكريم للعمل الشخصي لأنه يصون كرامته ويحفظ ماء وجهه … ؛ نعم قد يصبر العراقي على رصاص الصراعات وقذائف الحروب الا انه لا يجرع كأس الذل والعوز والفقر ولا يقبل بمنطق الفساد او سلطة الرأسمالية الجشعة والمنفلتة قط .
الكثير من الشباب وجدوا في “التكتك” مصدرا للرزق بل هوية اجتماعية احيانا وسط هذا الضياع وتلك الفوضى ؛ فضلا عن ان سهولة قيادتها تجذب الشباب العاطل اليها … ؛ فبعد أن أُقفلت الأبواب في وجوه الشباب الذين كانوا يعملون في البناء ( عمالة ) او في الافران او المطاعم او الشركات او الاسواق او الحقول النفطية او المعامل الاهلية … الخ ؛ بسبب المنافسة مع العمالة الاجنبية والغريبة ؛ لان اجور العمال الاجانب والغرباء منخفضة كما انهم يتقبلون الاهانة من صاحب العمل بكل رحابة صدر , ولا يطالبون بالحقوق … الخ ؛ وجد الشباب انفسهم من دون عمل , والعجيب ان وزارة العمل تغري الشباب العراقي بالبطالة من خلال تقديم المنح القليلة والمعونات البسيطة ( تعطيهم تفاليس وبشرط الزواج …!!) وكان الاولى بها طرد العمالة الاجنبية او تقليل اعدادها المهولة … ؛ منذ تأسيس الدولة العراقية والى هذه اللحظة والعراقي يفكر الليل والنهار ويبحث عن فرصة عمل كريمة , توفر له ولعائلته الحياة المستقرة والسعيدة , ولا يجد ما يلبي طموحه المشروع ؛ مما يضطره لإيجاد اية وسيلة تؤمن له لقمة العيش ؛ والكثير من الناس لا يستطيع تحمل اعباء تكاليف القوت اليومي والايجار والكهرباء والماء ومراجعة الاطباء واجور النقل والمدرسة والانترنت … الخ ؛ مما يدفع البعض منهم للانخراط في عصابات الجريمة المنظمة او الدعارة او المنظمات الارهابية او الاحزاب والحركات السياسية العميلة والمرتبطة بالأعداء الاجانب .
ولعل السبب في انتشار عجلة التكتك لا يقتصر على سائق التكتك وظروفه فحسب ؛ اذ ان الناس عانت من ارتفاع اجور ( التكسيات) ولغياب وسائل النقل العامة المريحة كالمترو او الباصات الحديثة ؛ اقبل المواطن على ركوب عجلة التكتك , وذلك لسهولة التنقل بها وانخفاض اجورها مقارنة بوسائل النقل الاخرى وتتميز بأنها عملية وتتطلب وقتاً أقل للوصول إلى الوجهة ويستطيع سائقها الخروج من الازدحامات ؛ علماً أن التكتك تتسع لثلاثة أشخاص ويمكن التنقل بها صيفاً وشتاء بعد إقفالها بالستائر البلاستيكية العازلة الخاصة بها، والأهم أن صغر حجمها يسمح بالتنقل فيها بسهولة في الأحياء الضيقة في المدن والاحياء والعشوائيات والمناطق الزراعية ؛ وقد استخدمها الناس حتى في خطوط توصيل الموظفين والطلبة والعمال اليومية ؛ فقد ارتبط سائق التكتك مع هذه الشرائح والفئات الاجتماعية ارتباطا وثيقا اشبه بالعقد المبرم بين طرفين ؛ ففي رأس كل شهر يأخذ سائق التكتك اجرته مقابل توصيل هؤلاء الى دوائرهم ومدارسهم واماكن عملهم خلال شهر كامل … ؛ حتى ان البعض استخدم التكتك في خدمات التوصيل ( دلفري) فضلا عن كثرة الطلب عليها في ايام الزيارات والمناسبات الدينية … ؛ وطالما استغلها البعض في الحملات الانتخابية والتظاهرات السياسية ايضا ؛ والبعض يركبها ويستأجرها للتسلية لاسيما الشباب … ؛ فهي عجلة متعددة الاستعمالات وساهمت عدة دوافع اقتصادية في انتشارها وازدياد الطلب عليها .
كان ولا زال المواطن العراقي المظلوم يسعى جاهدا للتأقلم مع التغيرات التي تطرأ على نمط حياته والتحديات الاقتصادية والمعيشية التي تنغص عليه يومه وتحطم كل احلامه وامنياته … ؛ ففي ضوء المقدمات السابقة و في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية والتي تظهر تداعياتها أكثر فأكثر مع مرور الوقت، قد يضطر المواطن الى التخلي عن أمور كثيرة شكلت أساسيات له في مراحل سابقة , والتي تعتبر من حقوق المواطن في باقي الدول المتطورة ، ما لم يتم تدارك الاوضاع الاقتصادية والسياسية و وضع الحلول الناجعة للنهوض بهذا البلد وعلى مختلف الاصعدة الاجتماعية والثقافية والتنموية والصحية والتعليمية والتربوية … والقضاء على بؤر الفساد والعمالة والخيانة والفشل والجهل والتخلف … الخ .
(4)
سائقو “التكتك” ينتمون الى أمة اصيلة مغلوبة على امرها , فهم تعبير عن محنة كبيرة و حكاية طويلة من الألم والعذاب والضنك والبؤس والبطالة والحرمان والتهميش والاقصاء والافقار ؛ وهم نتيجة طبيعية لكل تلك المقدمات التاريخية الباطلة والظالمة والتي جعلتهم يكافحون من أجل العيش الكريم واحقاق الحقوق ؛ نعم قد تغير حالهم تغييرا كبيرا وملحوظا مقارنة بأيام الزمن البعثي الاغبر والسنوات العجاف لحكم الطغمة التكريتية الحاقدة , الا ان هذه التغييرات الايجابية رافقتها الكثير من الفوضى والسلبيات ولم تكن بمستوى الطموح ولم تلبي تطلعات وامال الامة والاغلبية العراقية , اذ فشلت الحكومات العراقية بعد عام 2003 فشلا ذريعا في معالجة المشاكل الاقتصادية واستيعاب الطاقات الشبابية وتوفير فرص عمل كريمة للمواطنين كافة ؛ حتى فرص التعيين التي توفرت للعراقيين شابها الكثير من الاشكاليات والملاحظات ومنها : حصول الكرد وبعض المناطق السنية على حصة الاسد من تلك التعيينات بينما حرمت الاغلبية لاسيما ابناء المحافظات الجنوبية من تلك الفرص ؛ والذين حصلوا على التعيين منهم ؛ اما من خلال دفع الرشى او الانتماء للأحزاب والحركات السياسية ؛ بحيث صار الحصول على وظيفة من دون سلوك هذين الطريقين من العجائب ؛ ومن الطبيعي ان يكون اصحاب التكتك قصة اخرى من قصص الوجع العراقي المزمن , والتردي المستمر لأحوال الشعب الذي أفقر كثيرا حتى بعد عام 2003 ؛ نتيجة للاحتلال الامريكي والتدخل الاجنبي الذي سلط فئات وشراذم من الفاسدين والفاشلين لا هم لهم سوى جمع الثروات واكتناز المليارات على حساب الاغلبية والامة العراقية ؛ والتي نهبت ثرواتها وسرقت خيراتها وضاعت مقدراتها في صفقات الفساد والمشاريع الوهمية وعمليات الفساد وغسيل الاموال الطائلة .
“التكتك” ظاهرة جديدة انتشرت بكثافة خلال السنوات المنصرمة في مختلف المناطق العراقية مع الأزمة المعيشية والتحديات الاقتصادية التي ألقت بأعبائها على المواطن، علما ان عجلة التكتك تعتمد عادة في الدول النامية ذات الكثافة السكانية العالية … ؛ أما في العراق ، فانتشارها خير دليل إلى ما آلت إليه الأمور بالنسبة للمواطن الذي يبحث عن أي فرصة يمكن أن تخفف من الأعباء التي أثقلت كاهله، لاسيما وان البطالة طالت شريحة واسعة من العراقيين.
الحكومات الحكيمة والدول المتطورة لا تخضع فيها القرارات او الاجراءات او المشاريع او صفقات التصدير والاستيراد … الخ ؛ للصدفة او للتجربة او لمزاج المسؤول الفلاني , اذ تشكل تلك الحكومات والدول غرف للاستشارة والمناقشة والتي يشرف عليها امهر الاساتذة واذكى المختصين واشهر الخبراء ؛ وما ينتج عن هذه الغرف والاجتماعات والمداولات تعمل به الحكومة , فالعاقل كما قيل قديما لا يخطئ ولا يعتذر , ففي جميع بلدان العالم المتحضرة يبدأ أي مشروع بتخطيط وضوابط ويوظف لخدمة الصالح العام ؛ الا ان الاوضاع في دول العالم الثالث تسير بعكس ما ذكرناه انفا , اذ ان الحكومات فيها تخبط خبط عشواء , والمسؤول فيها كحاطب ليل ؛ لا يميز بين الهر و البر , و ( يتعلم الحجامة بروس اليتامه ) كما يقول المثل الشعبي , وعليه يصبح المواطن مختبرا لتجارب الساسة الفاشلين والموظفين الفاسدين او ميدانا لتطبيق الاجندات الخارجية المشبوهة كالفوضى الخلاقة وحروب الوكالة واخواتها ؛ وقد حاولت دولة مصر علاج مشكلة التكتك من خلال تشكيل لجنة فنية مرتبطة بعدة وزارات معنية , ، وتضم عدداً من المتخصصين في الأمر , ، لوضع الآليات التنفيذية لمشروع إحلال سيارات صغيرة اقتصادية رخيصة بديلة لمركبة “التكتك”… ؛ وقد أكد المسؤولون أن الخطة تشمل إلغاء “التوكتوك” بشكل نهائي واستبداله بسيارات الركوب الصغيرة، بما يعيد إلى شوارع مصر مظهرها الحضاري … ؛ وباءت اغلب محاولات الحكومة المصرية بالفشل , إذ أوقفت الحكومة المصرية عام 2018 ؛ إصدار تراخيص جديدة لمركبة “التوكتوك” ولم يُكتب لها النجاح، لتحاول مرة ثانية بعد أقل من عام، عندما أعلنت في سبتمبر (أيلول) 2019 عن نيتها البدء في برنامج لاستبدال وإحلال “التوكتوك” بسيارات “الميني فان” التي تعمل بالغاز الطبيعي، إلا أن أزمة كورونا وما تبعها من آثار اقتصادية وتغير في الأولويات، كلها أرجأت الأمر وللمرة الثانية أيضاً لم يُكتب لها النجاح… ؛ بينما كان الاولى بها دراسة قضية عجلة التكتك بكل تفاصيلها قبل الشروع في استيرادها ؛ إذ تشير الإحصاءات إلى بلوغ عدد تلك المركبات نحو ثلاثة ملايين ومن بين تلك المركبات ؛ توجد 255 ألف مركبة مرخصة فقط في مصر …!!
والعراق ليس افضل حالا من مصر ؛ فقد اريد له ان يعيش التخبط والفوضى بكل اشكالها , فالمسؤول والموظف ورجل الامن يغط في نوم عميق ؛ عندما يتم استيراد هذه العجلات او الادوية الفاسدة او الشروع بالمشاريع الوهمية والفاشلة … الخ , وكأن الامر لا يعنيه , الا انه يستيقظ من غفلته , بعد حدوث الظاهرة وظهور المشكلة واستفحالها فيما بعد , وليته يعالجها بأقل الخسائر الممكنة , اذ يزيد السوء سوءا ويصب الزيت على النار , ويعالج الخطأ بما هو اشنع منه , ويصحح المشكلة بمشكلة اكبر منها , وهكذا تستمر الازمات وتتوالى الانتكاسات وتتكاثر المشكلات .
وقد رأيت في احدى المرات احد رجال الامن ( الاتحادية ) وهو يضرب ( بالدونكي) التكتك بقوة مما تسبب بكسر زجاجها الامامي والحاق ضرر كبير في شكلها وهيكلها , مما دفع الشاب الى التصادم معه , وفي هذه الاثناء تجمع مجموعة من اصحاب ( التكاتك ) من زملاء ورفاق سائق التكتك الذي تشاجر مع رجل الامن الذي اعتدى على العجلة والحق الضرر بها ؛ وكذلك تجمع افراد الاتحادية , وحصلت مشاجرة كبيرة و اطلق احد افراد الشرطة الاتحادية النار , و بسبب تصرف المنتسب غير المسؤول ؛ حدثت مشكلة كبيرة واصيب بعض الشباب بجروح بليغة وتضررت بعض العجلات … الخ .
وطالما اشتكى اصحاب ( التكاتك ) من فوضى الاجتهادات لرجال الامن والمرور , وقسوة التعامل معهم , وقد اشتكى احدهم ومن على شاشات احدى الفضائيات العراقية , ان عجلة التكتك تتعرض للضرب من قبل الشرطة لمجرد خروجها للشارع العام في بعض المناطق , وبعض الشرطة لا يسمح ( للتكتك ) التي تأتي من مدينة الشعلة من الدخول الى مدينة الحرية مثلا وهكذا , وعندما طالب اصحاب ( التكاتك ) بترقيم عجلاتهم ؛ هروبا من مضايقات الشرطة وابتزاز رجال المرور … , وانتظر اصحاب ( التكاتك ) طويلا , وهم يعيشون القلق والترقب , فالبعض يقول سوف تصادر العجلات ويتم سحقها , والبعض الاخر يقول لا يسمح لها الا في بعض المناطق وهكذا ؛ الى ان اقرت الحكومة قرار الترقيم , وهرع اصحاب ( التكاتك ) الى دوائر المرور التي طردتهم بحجة عدم وصول الكتاب الرسمي من الحكومة الى دوائهم … , واستمرت مراجعات اصحاب ( التكاتك ) للدوائر على الرغم من المماطلات والتأجيلات , ثم طلبوا منهم تأييد من المجلس البلدي والاوراق الرسمية , وقد نفذ اصحاب (التكاتك ) كل الشروط الحكومية ودفعوا كافة الرسوم والتكاليف , بالإضافة الى طول المراجعة وما يترتب عليها من تبديد الاموال والجهود والاوقات … , وبعدها ايضا تعرضوا للمضايقات بحجة اجازة السوق , ثم بدأت رحلة اجازة السوق المضنية وهكذا يبقى العراقي يدور بنفس المتاهة او اريد له ان يكون هكذا …!!
ان اعتبار التكتك او الدراجة او غيرهما سبب لكل الخروقات الامنية او المخالفات القانونية ؛ هروب نحو الامام , وتنصل للاجهزة الامنية والدوائر الحكومية من مسؤولياتها في حفظ الامن وفرض النظام والقانون ؛ ومحاربة ( ابو العربانة الحمال ) او مطاردة ( ابو الستوته البائس ) او مضايقة ( سايق التكتك ) لا يحول الجحيم الى جنة , ولا يغير الاحوال , فالأمر اكبر من ذلك بكثير ؛ بل لعل من اهم اسباب الانتكاسات والازمات والخروقات وعمليات الاجرام والارهاب والفساد ؛ وجود العناصر المخربة والفاسدة والعميلة في دوائر الدولة والاجهزة الامنية … ؛ بل ذهب البعض الى ان سبب دمار العراق هم اهل الجكسارات والمظللات وليسوا اصحاب التكاتك والدراجات … ؛ بينما عزا الكثيرون ان اسباب الخراب الحالي واللانظام لا يتعلق بالجسكارات او التكاتك او الدراجات ؛ بل يرتبط ارتباطا وثيقا بالأزمة الاخلاقية الحادة وانحدار الذوق العام وفساد وعمالة وخيانة الساسة والمسؤولين والموظفين .