23 ديسمبر، 2024 4:40 ص

التكبر ماكبر هذه مقولة شهيرة لجدتي رحمها الله كانت دائماً ما تختم لنا فيها قصة الاسطورة اليونانية التي تتحدث عن شاب جميل جداً اسمه نروكسوس قد عشق نفسه حد العبادة فقد كان كل يوم يذهب الى البحيرة ليرى صورته المنعكسة في مائها وهذا هو شغله الشاغل واصبح نروكسوس مغروراً ومتكبراً متعجباً بجماله ان هذه الحالة من حب النفس والأنانية تدعى بالنرجسية و هي احدى انواع الاضطرابات النفسية التي يمتلك فيها المريض شعور مبالغ بالأهمية حيث تتميز بالغرور والتعالي والإعجاب و محاولة للكسب حتى ولو على حساب الآخرين ولكن خلف هذا القناع من الثقة الزائدة تكمن شخصية هشة معرضة للانكسار من اقل فعل او انتقاد وتعود لعدة اسباب منها العجب والحقد والحسد والرياء.
ان التكبر او الغرور او النرجسبة صفة مضادة لاخلاق الدين الاسلامي الذي بني على الاخلاق الحميدة كالتواضع والفضيلة والتسامح يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ((تكبر المرء يضعه كمـا قـال عن المتكبر ((التكبر عين الحماقة)) ان التكبر والغرور ناتج عن جهل المرء لحقيقته منذ البداية فيصبح غير قادر على التفكير واختيار الصواب بسبب تعجبه بنفسه اذا كان جميلاً او اذا كان صاحب مال او جاه او علم وهذا العلم غير حقيقي بالتأكيد لان صاحب العلم لايعرف الكبر ففي قوله تعالى ((انما يخشى الله من عباده العلماء)) او الى اخره من مفاخر الدنيا التي لاتعد ولاتحصى ولايعلم ان التكبر سيقوده الى غضب الله تعالى متناسي ان الشيطان كان ملاكاً نال غضب الباري عزة وجل وطرد من الجنة بسبب غروره وتكبره وتعجبه بنفسه انه خلق من نار ويسجد لمن خلق من طين ففي قوله تعالى (( قال يابليس مامنعك ان تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ام كنت من العالين* قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)) هذا التكبر يجعل صاحبه يرى نفسه فوق كل الناس فهو يستعظم نفسه ويستصغر غيره ويأنف عن مساواتهم ويجعل من نفسه محور لكل الأحاديث وما ان تعارضه في امر ما يتحول الى شخص عدواني لايعلم ان التكبر من المهلكات التي تسبب غضب الخالق والطرد من رحمته فقد ذم القرآن الكريم التكبر ففي قوله تعالى ((كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)) وقوله تعالى ((انه لايحب المستكبرين)) كما تسبب انحطاط شأنه في عيون الناس والكره والنفور حتى من المقربين فالمتكبر لاصديق له يكون منبوذ اجتماعياً ويجد نفسه مع الايام وحيداً.
لذا على المتكبر ان يعرف نفسه حق المعرفة ويعرف ربه تعالى وهذا كافي لازالة اي تكبر في النفوس لان الكبر والعظمة لاتليق الا بالخالق وان كل النعم والمواهب التي يتمتع فيها المرء هي من عند الله وليست بسبب قدرات خاصة فلا تجحد نعم الله عليك وتغفل عن اطاعة اوامره وترك نواهيه بتكبرك وغرورك فالتكبر يؤدي بصاحبه للذل والهوان اما التواضع لله والعباد يؤدي بصاحبه الى اعلى المقامات والمنزلة الرفيعة عند الناس في الدنيا وعند الباري في الاخرة وهذا مايذكره رسولنا الكريم صل الله عليه وعلى اله وسلم ((ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)).