18 ديسمبر، 2024 7:43 م

كثيراً ما تثيرنا الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي على الدول التي تمر بأزمات مالية، فتضطر الى الإقتراض منه، والمبررات التي يسوقها الصندوق ظاهر ها ضمان السداد، وإجراء إصلاحات إقتصادية عبر سياسات تقشفية لتقليص النفقات، ورفع الدعم الحكومي، وفرض ضرائب جديدة، وكلها تستهدف المواطن، لكن الغريب أنك لاتجد بين هذه الشروط شرطاً يخص تقليص نفقات التسلح، مع أن أكثر الأزمات التي تتعرض اليها الدول ” النايمة” ، عفواً ” النامية”، أو الأصح المتراجعة الى الوراء، إذ لاتوجد أية بشائر تنموية، ناتجة عن إستنزاف قدراتها المالية في شراء الأسلحة، سواء بسبب صراعات حقيقية أو مفترضة، تمسك بأدواتها الدول الكبرى، وبوصف أدق الدول المصدرة للسلاح، التي تعرف كيف تذكي الصراعات والحروب لصالح شركاتها المصنعة، وفي كثير من الأحيان تتحول ترسانة الأسلحة لدى الدول المدينة الى وسائل قمع ودمار للشعوب، والشواهد لاحصر لها في هذا الشأن.  

 ولعلنا نقترب هنا من الإجابة على التساؤل الذي طرحناه بداية : لماذا لم يفرض صندوق النقد الدولي على الدول المدينة إيقاف التسلح، ولا أعتقد أن أحداً يمكنه الإحتجاج على مثل هذا الطلب بدعوى المساس بالسيادة الوطنية، لأن كثيراً من الشروط التي يضعها الصندوق على الدول النامية، بشكل خاص، تمس بالسيادة، وتعد تدخلاً سافراً بشؤونها، وعليه يبقى الجواب الأقرب للواقع أن قرارات الصندوق تخضع لسيطرة الدول الكبرى، وهي ذاتها مصدر السلاح.       

 ربما، يدافع بعضهم عن صفقات التسلح التي تبرم مع الدول المصدرة، بأنها بالآجل، غير مكترث بأن هذه الديون المترتبة على هذه الصفقات، ستفرض فوائد كبيرة على الدولة الى جانب أنها مستحقة الدفع لاحقاً، وبالتالي تبقى مدينة لتلك الدول، ودائرة في فلكها!.وهكذا تلجأ الدولة المأزومة مالياً الى صندوق النقد والمؤسسات الدولية الأخرى لإنقاذها من المأزق الإقتصادي الذي تمربه، لكنها تجد نفسها في المقابل إزاء مطالب تقشفية قاسية تشمل كل شيء عدا السلاح.