18 ديسمبر، 2024 8:20 م

مما لا شك فيه ان النظام السابق في العراق وقبل 2003 كانت محاولاته للتحلص من ورطة الكويت هي ضرب التحالف العسكري الدولي الذي انهك العراق من خلال مهاجمة مدللتهم اسرائيل وقد حاول جادا ايذائها بأكثر من 40 صاروخ بالستي وحقق في حينها خسائر مادية و بشرية و معنوية لدى الكيان الصهيوني . وكان النظام في حينها يراهن على الدعم الشعبي العربي في ان العرب سيدعمون موقف العراق وهو ما لم يتحقق ، والاسباب عديدة و معروفة ولا مجال هنا للخوض فيها . وعلى غرار ما حصل انذاك ، فقد حصل ما هو اسوأ في السابع من تشرين اول عام 2023 ، اذ بعد ان قام الفلسطينيون في غزة بمهاجمة مصالح اسرائيل و اعتقال ما يقارب 1500 رهينة قامت اسرائيل بمهاجمة غزة بكل قوتها ، و بعد ان كبدتها ما يزيد عن 120 الف قتيل ودمرت 86% من بنيتها التحتية (منشئاتها الحكومية و المدنية و منازل السكان) ، وبعد ان مضى على عملياتها العسكرية في غزة اكثر من (10) اشهر ، انتقلت بعد ذلك الى مهاجمة جنوب لبنان (قوات حزب الله) بشكل يومي وعلى مدار الساعة من اجل تجريد جنوب لبنان من قدراته العسكرية و طرد حزب الله من خطوط المواجهة مع شمال اسرائيل و ابعادهم (حسب تصريحاتهم) الى اكثر من 30 كم عن حدودهم مع اسرائيل ، بمعنى الى ما بعد نهر الليطاني .

وما نريد التركيز عليه هو ان اسرائيل ما كانت لتحذو حذوها لو لم تكن متأكدة من شرذمة العرب وتفتتهم وتعارضهم مع بعضهم وهو امر واقع استطاعت ان تراهن عليه اسرائيل بنجاح ، فكما حصل مع النظام العراقي حصل وبشكل اسوأ مع لبنان و الفلسطينيين ، واذا كان السبب الرئيسي في عدم مساندة العراق انذاك هو عدوانه على بلد عربي (الكويت) ، فأن الوضع الان في عدم مساندة العرب ل لبنان و الفلسطينيين هو ان من دفع الى شن الحرب مع اسرائيل وكما هو واضح هي ايران و اذنابها في العراق و اليمن و سوريا و لبنان ، فهذه الدول الاربعة الان هي الباحة الخلفية لايران و تأتمر بامرها و تسخر كل امكاناتها لخدمة اهداف ايران ، وقد تحقق هذا الحال بعد انهيار تلك الدول الاربعة داخليا وذلك اما بسبب العدوان الخارجي او بسبب الحروب الاهلية او بكلاهما مما سمح لايران بالتدخل باريحية  و الهيمنة على الاحزاب السياسية و مفاصل الحكومة ودائرة صنع القرار مما يعني استلام زمام صنع القرار والسيادة فيها . وبهذا الوضع او بدونه فان اسرائيل متأكدة من عدم تدخل العرب لمساندة لبنان و الفلسطينيين .

والادلة على تشرذم العرب في ايامنا الحالية كثيرة جدا وها اننا نرى واقع الحال اليوم ، فباستبعاد انظمام الدول الاربعة لايران (العراق ، سوريا ، اليمن ، لبنان) نرى حال الكويت المتزعزع و البحرين المتوتر والامارات المتطبع و قطر الغارق في الصداقة و عمان المتخفي خوفا من زحف عدوى اليمن ناهيك عن سعي المملكة الى محاكاة الغرب في اللهو و الترفيه او عن مصر ومعاناتها في توفير لقمة الخبز لشعبها و تونس المنشغلة في نزاعات السيطرة على السلطة و ليبيا التي تعيش في مافيات المال و النفط او الصراع الازلي للجزائر مع المغرب عرقيا بسبب الامازيغ او على اراضي الصحراء و البوليساريو ، اما السودان فحدث ولا حرج للحرب المهلكة بين قوات الردع السريع و القوات الحكومية و الاثنان يدعيان الوطنية و الدفاع عن الشعب السوداني ، واخيرا دول موريانيا و ارتيريا و الصومال و اثيوبيا الفقيرة . مع الاسف هذه الصراعات هي المغذي لديمومة السيطرة الغربية على العرب و منطقة الشرق الاوسط ، اذ بدون هذه الصراعات او اذا ما تلاشت بعضها فسيسارع الغرب الى استحداث غيرها و بشكل ابشع .

اذن ومع هذا الوضع السيء هل نتفاءل ؟ ، الجواب (نعم) طبعا لابد من التفاؤل طالما سلاح غالبية العرب هو الصلاة و الدعاء فالعرب سيمطرون الغرب واسرائيل والأثمين والمنافقين والخونة يوميا بسيل من الدعاء و الرجاء لرب العالمين ان يخسف الارض بالضالمين وان يسلط عليهم غضبه ، وهذا السلاح يستخدم خمس مرات في اليوم ، الى ان تحين الساعة .

ويبقى الامل موجود لكن الى متى ؟