منذ عشرات السنين, والشعب يتطلع لدولة, أن تكون همها الأول والأخير خدمة المواطن, عاصر الشعب أنظمة حكم استبدادية, لم تعرف تلك الأنظمة, لهذه الكلمة أي مرادفة في قاموس حكمها, حروب تتبعها تهجير قسري, تلحقها إبادة جماعية, تتلوها تضيق على أبسط الحريات, مرورا بحرية العقيدة, وممارسة العمل السياسي, وانتهاءً بالعمل الإعلامي.
في ظل ما عاشه العراق, من زوال نظامٍ, لطالما عرف بأعتى الأنظمة الديكتاتورية, وأشرسها قمعا وقتلا في العالم, وفي يوم سقوط صنم الطاغية, تم طي آخر صفحة سوداء, من صفحات كتاب, كانت كلماته تكتب من دماء العراقيين, الذين رفضوا بأي شكلٍِ من الأشكال, الرضوخ لسلطانه, وتأيدي أفعاله الشيطانية, المملوءة حقداً على شعب خط أول حرف, ووضع أول قانون, في تاريخ الإنسانية .
بعد تجربة مريرة, خاضها العراق بعد زوال نظامٍ بائدٍ, لم تشأ الأقدار, أن يتحقق الحلم, نعم حلم التغيير الذي تمناه الجميع, وإن تحققت بعض فصوله, لكن لم تكتمل الصورة التي رسمت بأيدٍ, تكاتفت سوية, من أجل رسم صورة مشرقة عن مستقبل وطن يحتضن الجميع .
تغير النظام وسط ذهول الجميع, وعاش العراق حالة بين الصدق والكذب, سقط الدكتاتور صدام حسين ! وتغيرت جميع المصطلحات والتسميات وتبدلت العناوين, النظام الديمقراطي التعددي, وفتحت أبواب الأحزاب السياسية التي أغلقت, وأنتعش الإعلام بجل عناوين, بعدما ضيق عليه, ومورست الشعائر الدينية, وحرية الاعتقاد دون مطاردة أو تهجم من أحد .
كان ولابد أن تستمر المسيرة في العمل معا, من أجل وضع النقاط على الحروف, والتصدي لكل من تسول نفسه, بالاستئثار بالسلطة والتشبث بها, كان الفترة التي تلت الانتخابات, من أحنك الظروف التي مرت على العراق, بعد سقوط حكم البعث, كان من الشيء الصعب, ولكن لم يكن بالمستحيل, العمل على الوقوف بوجه من يريد أن يستأثر ويتشبث ويتمسك بالحكم .
تنبه الجميع لخطورة بقاء المالكي, في سدة الحكم لولاية ثالثة, فكان العراق بين التمزيق لدويلات ثلاثة, أو بقاءه موحداً, تتعايش فيه جميع مكوناته مع بعضها, في بلد كان قدره أن يكون متعدد الأعراق والديانات والطوائف .
ليس من الغريب الذهاب, لتحديد الرئاسات الثلاث بولايتين فقط, فكان الجميع يريد أن تتداول السلطة, بسلمية تامة وبدون أي مشاكل تذكر , فالشعب لم يحظ بالفرصة التي تجعله حر الاختيار, بدون أي ضغوط تمارس عليه, فشعبنا لم ينس أو لا يزال يتأثر بقائد الضرورة, الذي كان هو السلطان ولا غير .
التغيير يتطلب المزيد من بذل الجهود, فليس بمجرد رضوخ الآخرين لهذا الأمر أنتهت المهمة لا … فالفراغ الأمني الذي حدث ما بعد 11/6 بسبب الطمع بالمناصب العليا التي كانت تشترى بأثمان بخسه, والفساد المستشري في مؤسسات الدولة, يتطلب أيضا المزيد من التوحد, في مواجهة هذا السرطان الذي يقتل يوما بعد يوم في خلايا جسد العراق .