صار موضوع حالة النزوح الجماعية للشعبين السوري و العراقي بسبب الاوضاع المتردية في البلدين والتي وصلت الى أسوء الاحوال، بمثابة موضوع الساعة لوسائل الاعلام العالمية المختلفة، لم يعد خافيا على أحد إن نظام الجمهورية الاسلامية في إيران يقف کسبب و عامل رئيسي وراء ذلك خصوصا من حيث تدخلاته واسعة النطاق و خلقه ظروفا و أوضاعا إستثنائية تدفع الى حالة صراع و مواجهة دموية غريبة من نوعها.
التدخلات الايرانية التي صارت موضع قلق و توجس على مختلف الاصعدة بفعل سعيها لخلق مناطق توتر و فوضى و فلتان أمني من أجل فرض هيمنتها و نفوذها کي تنفذ مشروعها الفکري ـ السياسي في المنطقة على حساب شعوبها، والملفت للنظر إن تحقيق الاستراتيجية بعيدة المدى لطهران قد بنيت على أساس دفع شعوب المنطقة للإنشغال بأعداء داخليين وهميين و الانصراف عن الاعداء الحقيقيين لها، وحقيقة إن الإنشغال بالمواجهات الطائفية و الاهلية او جعل المعارضين الايرانيين المتواجدين في العراق بمثابة عدو مفترض يهدد الامن و الاستقرار في العراق، والحقيقة التي يجب أن ننتبه لها جيدا هي إن الذي هدد و يهدد الامن و الاستقرار ليس في العراق و سوريا فقط وانما في المنطقة کلها هو نظام الجمهورية الاسلامية في إيران بعينه.
مشکلة الهجرة و النزوح الجماعية من سوريا و العراق و التي يقف خلفها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية تثبت بالدليل القطعي کذب و زيف معظم الشعارات التي أطلقها و يطلقها هذا النظام و التي يزعم فيها بإنه نصير للشعوب، خصوصا عندما نجد بإنه هو سبب تشريد هذه الشعوب لبلدان يسميها في قواميسه ببلدان”الکفار”، في الوقت الذي ليس لايفتح أبوابه أمام أبناء شعوب المنطقة بل يتفنن في إرسال کل أسباب الموت و الدمار إليها، والاهم من کل ذلك إن هذا النظام يقوم و قبل کل شئ بقمع الشعب الايراني و إعدام خيرة أبنائه کما فعل في صيف عام 1988، عندما بادر الى إعدام 30 ألف من أعضاء و أنصار منظمة مجاهدي خلق على أثر فتوى ظالمة من جانب الخميني.
المشاکل و الازمات التي تتصاعد يوما بعد يوم في المنطقة بحيث وصلت ليس الى حد نزوح وقتي لهذه الشعوب وانما الى حد النزوح النهائي لشرائح واسعة جدا منها، وهو مايشکل مٶشرا بالغ الخطورة و بمثابة جرس إنذار للمنطقة من إن دور طهران قد وصل الى مايمکن تسميته بالمرحلية البرتقالية وهو مايعني بإنه صار يهدد ليس البناء و المکون الاجتماعي في دول المنطقة فقط وانما سيادة و إستقلال الدول و کياناتها کما إن الشعب الايراني أيضا دفع ثمنا باهضا جدا ذلك إن الماکنة الدموية لطهران لم تقف ولو ليوم واحد عن حصد أرواح أبناء الشعب الايراني، وقطعا فإن ماينتظر دول و شعوب المنطقة هو الاخطر و الاکثر ترويعا ولذلك فإن عليها أن تفکر في حل و معالجة جذرية لهذه المشکلة بالغة الخطورة، وقطعا فإنه لايوجدأي حل مع بقاء و إستمرار نظام الجمهورية الاسلامية في إيران و الذي لايمکن أبدا أن يتخلى عن مشروعه وعن دوره العدواني في المنطقة، ولذلك فإنه وکما تٶکد المعارضة الايرانية دائما فإن ليس هنالك من حل عملي سوى تغيير النظام القائم في طهران و إن التعاون و التنسيق بين شعوب و دول المنطقة من جهة و بين المقاومة الايرانية من جهة أخرى، ولاسيما وإن الجالية الايرانية تقوم بنشاطات و فعاليات إستثنائية تصب کلها في إتجاه العمل على إسقاط هذا النظام الذي هو أساس کل مصائب و مآسي إيران و المنطقة ولهذا فإنه ليس من هناك من سبيل إلا التغيير في طهران و الذي يخدم الجميع دونما إستثناء.
[email protected]