قرأت لكم للكاتب الأمريكي الشهير ديل كارنجي، لست هنا في صدد استعراض سيرة هذا الشخص، قرأت كتبه وتأثرت فيها كثيرا، كما أثرت فيمن قرأها، تعلقت في ذهني وبقوة، قصة تتحدث عن التغيير، أحببت أن أشارككم اياها.
تبدأ القصة في قرية صغيرة من قرى الغرب الأمريكي ,وفي بداية القرن المنصرم عن شاب كان يعاني من شعوره بالوحدة ,والقلق شديد حول مستقبله بعد تخرجه، ماذا يفعل في تلك القرية الصغيرة، التي سيطر عليها بضعة رجال أعمال قساة ويعمل لديهم معظم أفرادها، بأجور بسيطة هزيلة، كان أبوه أحد العمال البسطاء، عزم رأيه في أحد الأيام أن يهاجر القرية , بعد أن ودع عائلته، دس والده خطابا مغلقا في جيبه، وقال له عندما تشتد عليك الأمور أفتح خطابي هذا ,أستقل القطار ويمم نحو أحد المدن الكبيرة التي يجتاحها فوران العمل والنشاط، وبالرغم من الاختلاف الكبير بين المدينة المبهرة والقرية البسيطة التي أتى منها, لم يستطع أن يتغلب على قلقه الذي رافقه من القرية, بل شعر بالوحدة أكثر من ذي قبل.
تذكر ذلك الخطاب الذي دسه ابوه في جيبه، فتح الخطاب وكانت كلماته (بني الى أين أنت ذاهب، فها أنت قد غادرتنا وابتعدت عنا مئات الاميال، لكنك حملت قلقك معك، ابدأ بتغير نفسك وستنجح في أي مكان حتى في قريتنا الصغيرة)، أطرق برأسه لبعض الوقت، وقد رجع بعدها على متن أول قطر متجه نحو قريته.
رجع الي بيته، وجمع العمال من أصدقاء أبيه وبدأ معهم مشروع بنكي صغير، أستطاع من تطوير المستوى الاقتصادي للعمال البسطاء وأن يحررهم من سطوة رجال الأعمال الجشعين وطوروا قريتهم كثيرا، وأخيرا ترك رجال الجشعين تلك القرية بعد أن تقوضت سلطتهم هناك، وازدهرت تلك القرية بفضل أصرار ذلك الشخص وترابط أبناء تلك القرية، كما تخلص صاحبنا هذا من القلق حول مستقبله، أذ أنه أصبح عمدة تلك القرية.
تشرذم بعدها رجال الأعمال الجشعين الذين وضعوا مصالحهم الشخصية في المقام الأول، وكان لخلافاتهم حول الأرباح والنفوذ هي شاغلهم الأساس، لم يكترثوا للعمال الذين حققوا لهم تلك الأموال والسطوة، بل ضغطوا عليهم وسحقوهم.
لم تعلق تلك القصة في ذهني هباءً، لقد جسدت واقع العراق اليوم وما ينطبق على تلك القرية، ينطبق علينا اليوم، فمواطنينا اليوم يعانوا من ظلم وحيف كبير.
ترى ما الذي تحقق على مدى ثمان سنوات من مطالب المواطنين، أمان؟، استقرار اقتصادي؟، تطور في أي مجال حياتي؟ حفاظ على اللحمة الوطنية؟ أن عكسنا كل ما تقدم، نكون قد وصفنا وأقعنا، وتسلط رجال اعمال، جشعين متناحرين متسلطين برداء قادة سياسيين.
أصابنا القلق والخوف على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة من بعدنا، فيجب علينا ألا ننسى، ان من يتحكم بمصيرنا اليوم، نحن، نحن من أتى بهم ونحن من سيغيرهم فلسنا بحاجة للقلق بعد اليوم بل للفعل.
فصوتك من يزيل هذا القلق ومسبباته.