التغيير الذي يسعى له الشعب العراقي عبر صناديق الاقتراع في نهاية الشهر الحالي هو ليس ترفاً أو نزوة أو رغبةً في تقليد الآخرين ولكنه ضرورة وطنية. ولعل الكثيرين يبدون شكوكهم وتخوفهم من عدم حصول التغيير الحقيقي بفعل العوامل الخارجية المؤثرة والدهاليز المظلمة “الصفقات” . ونقول لهؤلاء ان التغيير قادم لا محالة . وعلى رواد التغيير العمل على إزالة تلك الشكوك والتخوفات من أجل المصلحة العليا للبلد وفي سبيل المستقبل المشرق.
وعلينا الاجابة على سؤال هام .. ما هو التغيير الذي نسعى اليه؟.هل التغيير يعني استبدال مستبد بآخر؟ أو فاسد بأفسد ؟أو حزب بآخر او وجه باخر؟ . لأن هذا التغيير سيكون في الشكل كالديكور الخارجي بينما تبقى “اصل المشكلة ” على حالها دون معالجتها من جذورها .
التغيير الذي نطمح له يجب أن يبدأ من طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للأشياء ولا بد من ثورة فكرية في المفاهيم تهيئ المجتمع العراقي “للتغيير” نحو بداية صفحة جديدة من التماسك الوطني والبناء العمودي والافقي وفق رؤية ومطالب الشعب .وان تركز الكتل السياسية في مشاريعها الانتخابية على تعديل الدستور ومحاربة افة الدمار والخراب “الفساد”كأسبقية اولى . لان فساد الدولة جاء بكل المصائب بدءا من تزوير الانتخابات واستخدام المال العام وشراء الذمم والتلاعب بالمناقصات والمزايدات السياسية والتحايل في تنفيذ المشاريع والتهرب من المسؤولية وتشجيع الارهاب وديمومته وعدم نزاهة القضاء وعمليات التزوير في الشهادات والوثائق وغيرها الكثير الكثير كانت كلها بسبب تفشي وشرعنة الفساد الذي أضر بأمن البلد وباقتصاده وسمعته في الداخل والخارج. ولذلك لابد من الإطاحة بكل رموز الفساد واستبدالهم بكوادر وطنية نزيهة شريفة تكون القدوة الحسنة للجميع في النزاهة والشرف والمحافظة على المال العام والخاص.
وبما ان الشعب العراقي تواق في بناء دولة ديمقراطية حقيقية تضمن له العيش الكريم تحت عنوان واحد هو “العراق” تسوده الحقوق والحريات العامة من خلال تكوين نظام سياسي واضح المعالم مبني وفق القواعد والمعايير المهنية والوطنية . يستدعي ذلك الى وجوب تعديل الدستور ومعالجة كل مواده وفقراته بما يحافظ على وحدة البلد وتعزيز تلاحمه الوطني واعادته لحاضنته العربية والفصل الحقيقي بين السلطات وعدم التداخل في الصلاحيات وحذف المفردات “المرنة ” القابلة لكل التفسيرات مثل الفقرة ثانيا من المادة 112من الدستور اصل استمرار المشكلة بين بغداد واربيل في تصدير النفط وبقية المفردات الاخرى من مواد الدستور الفاشل .
فعندما نقول تعديل الدستور هو تثمين لمطالب الشعب العراقي والدماء التي سالت خلال السنوات الماضية من اجل الحرية والعدالة وتحقيق الارادة الوطنية المستقلة والامن والامان واسعاد المواطن .ولذلك يتطلب تحشيد الجهود باتجاه التغيير الحقيقي (تعديل الدستور والقضاء على الفساد واختيار الافضل). وهذا بالتأكيد سياتي من خلال صناديق الاقتراع وفوهات الاقلام لا فوهات البنادق وسفك الدماء. والانتخابات عملية ديمقراطية شفافة واختيار من هو يستحق بالفعل ان يمثل الشعب بالقول والفعل وليس بـ”الكذب” والخطاب الطائفي المغلق . ان اختيار المرشخ الافضل سيكون له التأثير في مدخل التغيير من خلال صناديق الاقتراع وتقديم الكفاءة والنزاهة كصفات مبدئية ، كما ان التغيير يجب ان لا يكون بتغيير الأسماء فقط انما بتطوير البرامج الانتخابية وجعلها خطة عمل واضحة المعالم وليس حبرا على ورق ترمى جانباً حال فوز المرشح بعضوية البرلمان . واذا لم يعدل الدستور والقضاء على ظاهرة الفساد والطائفية السياسية والهويات الثانوية والسعي الجاد في تكوين نظام سياسي جديد اساسه القدرة والكفاءة العالية ومعالم الوضوح والعمل الجماعي وفق المعايير الدستورية والقانونية والمهنية الوطنية.سيبقى العراق يعاني من الفشل في ظل دائرة الازمات لاسامح الله .