مر العراق خلال ال١٣ عشر سنة الاخيرة بمتغيرات كثيرة عصفت به وقادته الى اوضاع لا تسر الصديق والتغيير الذي حصل فجأة بعد ان قررت الادارة الاميركية وعبر رئيسها جورج بوش الابن شن الحرب على العراق واسقاط نظام صدام متحديا المجتمع الدولي الرافض لتلك الخطوة انذاك، ففي شباط ٢٠٠٢ طالعتنا الصحف العالمية بتبني الرئيس الاميركي خيار القوة العسكرية لاسقاط نظام صدام واصبح الكلام علنا عن هذا الخيار وان الحرب ستحصل في ايار من نفس العام قبل ان تتاخر الى اذار في ٢٠٠٣ وكان من نتائجها ان سقط نظام صدام في التاسع من نيسان من نفس العام ووقوع العراق تحت سيطرة الاحتلال الاميركي.
خلافا لكل التوقعات التي كانت تملأ اذهان الكثير من العراقيين من ان احوالهم ستتغير الى الاحسن بعد سقوط الدكتاتور وان السنين العجاف التي سحقت العراق والشعب العراقي بسبب الحروب و العقوبات الاقتصادية واخرجته من التاريخ والحضارة والمدنية ستنتهي بقدوم الاحزاب المعارضة والشخصيات السياسية المستقلة لتقود البلد الى ما هو افضل خصوصا وان هذه المعارضة كانت قد صدعت رؤوسنا بالشعارات الوطنية وجعلت زورا وكذبا من الام وعذابات الشعب العراقي قضية تنادي بها وتطالب المجتمع الدولي بانصاف العراق وشعبه من ظلم وجور نظام صدام.
ان نظرة سريعة على نشاطات واعمال المعارضة العراقية لنظام صدام السابقة تجدها نشاطات مثيرة للسخرية فهي معارضة فقيرة مشتتة ولم يجمعها جامع خلال تلك الفترة والاهم من ذلك انها كانت معارضة مجموعات منغلقة ومنزوية على نفسها اضافة الى حجم الخلافات داخل كل مجموعة فالمجموعة الاسلامية الشيعية المعارضة شهدت انقسامات وخلافات عديدة داخل حزب الدعوة الفصيل الاكبر في هذه المجموعة وكذلك المجموعة الكردية بين الحزب الوطني والحزب الديمقراطي الكردستانين اضافة الى الاخوان المسلمين فرع العراق والحزب الشيوعي والاشخاص المستقلين وكانت هذه المجاميع تعمل بشكل منفرد وعبثي ولذلك كانت التضحيات من الشباب الثائر ضد نظام الدكتاتور تضحيات غير مجدية وذهبت دماؤهم سدى اذ لم تصب ولم تضعف النظام الذي اخترق تلك الجماعات ووقف بكل ثبات يتصيد ويغتال الاشخاص الفاعلين المؤثرين والحقيقيين فيها اما الباقين فقد تركهم وشأنهم لانعدام اهميتهم وتأثيرهم.
يتبين من اعلاه ان هكذا معارضة لا تستحق حقيقة قيادة بلد بحجم العراق بحاجة الى نهضة حقيقية على كافة الصعد وشعب منهك ومتعب مثل الشعب العراقي ينتظر الكثير ممن يتولى امره ويدير شؤونه اذ ان اغلب هؤلاء لم يكن لهم اي وظائف ادارية سابقة يكتسبون منها الخبرة في ادارة الدولة واغلبهم لم يكن تكنوقراط ناجح في حياته العملية باستثناء افراد معينيين لم يأخذوا دورهم الحقيقي في العراق وغيبوا قسرا في خضم صراع المناصب والامتيازات والمحاصصة المقيتة.
اذن نستنتج من اعلاه ان التغيير السياسي الذي حصل في العراق عام ٢٠٠٣ كان تغييرا فاشلا بامتياز ولم يكن بمستوى طموح الشعب العراقي واننا بهكذا معارضة انما قمنا باستبدال نظام دكتاتوري بوليسي مجرم بديمقراطية كاذبة مزيفة وساسة لصوص استغلوا ضعف الرقابة والقانون لتكوين ثروات واموال مسروقة كانت في الاساس مخصصة لبناء العراق والنهوض بالبنى التحتية وتقديم الخدمات للشعب العراقي وانه في كل الاحوال لم يكن هناك ما يثلج الصدر ويريح القلب ويمني النفس بان هؤلاء سيكونوا البديل الناجح لقيادة العراق.