يشهد العراق في عموم مناطقه وخاصة الغربية منه عواصف ترابية طيلة فصول السنة، تلك العواصف التي تضرب العاصمة العراقية بغداد ومدن العراق الأخرى، ما يسميه العراقيون بالزائر الأصفر منذ عقدين من الزمن، بسبب عوامل تغير المناخ وقلة الأحزمة الخضراء المحيطة بالمدن , بسبب تأثره بتغير المناخ وزيادة الجفاف ومعدل التصحر وقلة هطول الأمطار وضعف الإيرادات المائية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الغبار وهو ما انعكس على حياة المواطنين، خاصة ممن يعانون من الحساسية والربو والتهاب القصبات الهوائية , ويرى اكاديميون و خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية أن أسباب تضاعف شدة العواصف الترابية خلال السنوات الأخيرة هي تدهور حالة التربة في منطقة الصحراء الغربية والبادية المحاذية لأراضي سوريا والأردن والسعودية، نتيجة حركة المركبات العسكرية، وكذلك تجفيف الأهوار وتقلص المساحات الزراعية نتيجة شح المياه في عمودي نهري دجلة والفرات. لتصحر بأنه ضعف في قدرة التربة على توفير المياه اللازمة لحياة النباتات بسبب قلة الأمطار أو انعدامها وارتفاع درجات الحرارة، خاصة الغطاء النباتي مثل الأعشاب والشجيرات الصغيرة التي تعمل على تبريد سطح التربة ومسك حبيباتها بواسطة جذور هذه النباتات، لأن موتها يؤدي إلى انجراف حبيبات التربة وتصاعدها مع الرياح لتكون العواصف الترابية, ويجدون الحلول للحد من هذه الظاهرة بالعمل على إعادة الغطاء النباتي من خلال زراعة هذه النباتات وسقيها بمنظومات مياه متنقلة وبطرق الرش بشكل أمطار، وزراعة الأحزمة النباتية بشكل خطوط من أغلب الأشجار التي تتحمل الجفاف بدرجة كبيرة، فضلا عن توعية المواطنين عن أسباب التصحر وكيفية مقاومته ومعرفة أضراره وتشجيعهم على زراعة الأشجار, والحلول تأتي من خلال توفير مصدر دائم للمياه في المناطق الباعثة للغبار (غرب منطقة الجزيرة وغرب الأنبار) من أجل إدامة النبات الطبيعي لتلك المناطق، مثل تفعيل مشروع ري الجزيرة الغربي المعتمد على سد الموصل، فضلا عن أهمية العمل على تطوير مواد بيولوجية أو نانوية تعمل على تثبيت التربة في هذه المناطق, من هنا بادرت محافظة الانبار الى التحرك الفعال لمواجهة التصحر، فيما اشارت الى المباشرة بخطوات إنشاء واحات زراعية للحد من العواصف الترابية, هناك جهوداً كبيرة تبذلها الحكومة المحلية في محافظة الانبار للحد من ظاهرة التصحر، وخصوصاً في الآونة الأخيرة مع تزايد الغبار، وذلك بسبب طبيعة المنطقة الجغرافية وقربها من أكبر منطقة صحراوية غرب العراق, المحافظ أوعز إلى مديرية زراعة الانبار بكتاب رسمي لوضع المخططات والكلف التخمينية وانواع الاشجار لانشاء الاحزمة الخضراء حول المدن، وكذلك تم التأكيد على استخدام مصادر الطاقة الصديقة للبيئة كالطاقة الشمسية التي تم العمل بها مسبقا في مشاريع اخرى ولاقت نجاحاً كبيراً، واعتمادها لتشغيل مضخات ومنظومات الري،كما تم تشكيل فريق متكامل يتكون من قسم البستنة ومكافحة التصحر وقسم الهندسة وشعبة الاراضي، لوضع مخططات للاحزمة وتحديد سير هذا الحزام في كل قضاء ومدينة، اضافة الى تحديد مصادر الري وتحليلها من قبل شعبة المختبر, وتتضافر الجهود من قبل الحكومة المركزية و وكذلك منظمات المجتمع الدولي لتوفير الدعم المالي لهذه المشاريع، كونها تتطلب كلف مالية وأيدي عاملة ومتابعة دائمة اثناء الزراعة وبعد الزراعة، كذلك توفير ميزانية تشغيلية لإدامة تلك المشاريع الحيوية والمهمة, وزارة البيئة وجهت كتاباً رسمياً إلى محافظة الانبار لتفعيل عمل اللجان المشتركة الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية التي تؤثر في العراق ومحافظة الانبار بصورة خاصة وبحسب الاجراءات المتخذة من قبل محافظة الانبار، أضافة إلى توجيه كتاب رسمي الى مديرية زراعة الانبار ومديرية البيئة ومديرية الموارد المائية على اصل كتاب وزارة البيئة بخصوص انشاء الحزام الاخضر حول محافظة الانبار واقضيتها وكذلك اعادة تأهيل الغابات التابعة الى مديرية الزراعة، أضافة إلى التعاون الكبير بين الهيئة العامة للتصحر والغابات ومديرية بيئة المحافظة لتشجير لاكساء مناطق كبيرة عن طريق انشاء واحات صحراوية تكون مساحتها من 600 دونم الى ألف دونم ,هنالك جهوداً كبيرة من قبل ديوان محافظة الانبار وبالتعاون مع جامعة الانبار باعداد دراسة كاملة عن انشاء حزام اخضر حول مدينة الرمادي
العواصف التي ضربت البلاد واجتاحت العراق من جهة الغرب هي ليست عواصف محلية، وأنما هي عواصف دولية أتت من دول اخرى وهذه الدول اغلب اراضيها صحراوية خصوصا الدول المجاورة و ايضا يؤثر التغيير المناخي في هذه الدول في العراق وبصورة كبيرة جداً – ومهما حاولت التصريحات الرسمية العراقية والدولية تعليبه في ذات العلبة، مع إضافة بعض التحذيرات، على غرار تصنيف العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم خصوصا بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف خمسين درجة مئوية. وتحذير البنك الدولي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من انخفاض بنسبة 20 في المئة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي., ركزت التصريحات الرسمية على التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر، وهي أسباب حقيقية على مستوى العالم، إذ لم يعد الدمار الذي ألحقه الإنسان بالبيئة خافيا على أحد، ومن أعراضه المتزايدة، الأعاصير والفيضانات وإرتفاع درجات الحرارة، والتصحر، وجفاف الأراضي الزراعية، والحرائق المهددة للغابات، وتزايد الغازات وتلوث الهواء. وهي ظواهر طالما حذر علماء البيئة من حدوثها ووجوب إيجاد حلول جذرية لها. حلول أكد العلماء ونشطاء البيئة على ضرورة أن تُلزم جميع الدول بلا إستثناء بشكل عام وأن نبهوا، في الوقت نفسه، إلى مراعاة خصوصية كل بلد على حدة، أيضا، تسريعا لإصلاح الأضرار,عند النظر إلى الوضع البيئي في العراق بالاضافة إلى قبولنا بحقيقة الضرر العالمي العام، سنجد تميزه بخصوصية تميزه عن أمريكا و أوروبا وحتى عديد البلدان الإقليمية، مثلا، يفقد العراق شيئا فشيئا المياه التي هي أبرز سلاح في جعبته لمحاربة تداعيات التغير المناخي، لأسباب بعضها طبيعي والآخر بفعل دول الجوار, وتفيد أرقام رسمية بأن التصحر بات يجتاح 39 بالمئة من الأراضي العراقية، كما تهدد زيادة ملوحة التربة القطاع الزراعي في 54 بالمئة من الأراضي المزروعة,مما يسهم في استفحال أزمة التغير المناخي، كما يشير خبراء بيئيون، هي السياسات المائية المجحفة بحق بلاد الرافدين من طرف دول الجوار، عبر تشييد السدود على منابع وروافد كل من نهري دجلة والفرات,وعملت هذه السياسات مع مرور الوقت على تقليص تدفق المياه على الأراضي العراقية، مما أدى لحدوث شح كبير في كميات المياه المخصصة للري.