مقدمة:
أحدث الانتشار الواسع والسريع لفيروس “كورونا” والذي طال مختلف البلدان والمناطق حالة من الهلع والارتباك قلمّا شاهدنا نظيراً لها من قبل؛ وبات هذا الفيروس الغامض يهدد بميلاد أزمة كارثية هي الأخطر في زماننا الحاضر. فعلى مدى الشهور الأربعة الماضية، أصاب هذا الوباء الملايين من البشر وأزهق أرواح المئات من الآلاف وشملت تداعياته الخطيرة مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والإنسانية والاجتماعية والصحية والدينية والرياضية والبيئية وحتى التعليمية والثقافية.
المقال الحالي يلقي بعض الضوء على أهم التحديات التي أفرزتها والفجوات التي كشفت عنها هذه الجائحة الخطيرة في قطاع التعليم وكذلك الفرص السانحة التي طرحتها وكيفية الاستفادة منها لتعزيز أنظمة التعليم المستقبلية.
أهم التحديات:
يرى العديد من الأكاديميين والمتخصصين ومنهم خبير البنك الدولي خايمي سافيدرا؛ إن التحدي الأول والمباشر الذي تواجهه مؤسسات التعليم يكمن في كيفية التصدي لهذه الجائحة والحد من أثارها السلبية على عملية التعليم والتعلم، وكذلك في كيفية الاستفادة من هذه التجربة لتطوير البرامج والمناهج وتأمين العودة الآمنة والسريعة إلى مسار التحسين المتواصل للعملية التربوية والتعليمية. كما يؤكد هؤلاء الخبراء المتمرسين على ضرورة عدم الوقوف عند مرحلة التفكير في كيفية التصدي لهذه الأزمة الخانقة، بل لابد للقائمين على إدارة وتسيير المؤسسات التعليمية أن يفكروا أيضاً وبمهنية عالية في كيفية الخروج منها وهم أقوى من ذي قبل.
جانب آخر من تحديات تفشي فيروس كورونا كشفت عنه إحصائيات حديثة لمنظمة اليونسكو نشرتها في 21 أبريل 2020، والتي وصفت نتائجها بـ”الكارثية” أو “المروعة”. ولعل السبب المباشر يعود إلى إغلاق المؤسسات التعليمية أبوابها جزئياً أو كلياً وبالتالي انقطاع التعلم في الفصول الدراسية لما لا يقل عن 9 من أصل 10 طلاب في جميع أنحاء العالم. ووفقاً لهذه الإحصاءات، زهاء 1.5 مليار طالب على الأقل، و63 مليون معلّم انقطعوا عن أماكن عملهم وعن فصولهم الدراسية في 191 بلداً متأثرين بالفوضى العارمة والاضطراب غير المسبوق الذي شهدته البيئة التعليمية وأنظمة التعليم في العالم والناجم عن انتشار جائحة كورونا وتداعياتها المأساوية.
وفي ذات السياق، أكدت المنظمة الأممية، إنه لا يزال ما يعادل نصف العدد الإجمالي للمتعلمين الذين حالت أزمة كورونا بينهم وبين مقاعد الدراسة، لا يمتلكون رفاهية التعلّم عن بُعد لأنهم لا يملكون جهاز حاسوب منزلي، أو لأنهم يفتقرون إلى إمكانية الاتصال بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لضمان استمرارية عملية التعلّم. كما لفتت “المنظمة” إلى أن البلدان المنخفضة الدخل في كل من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية تُعد من أكثر المناطق تضرراً من هذه الفجوة الرقمية.
أيضاً، أثار فيروس كورونا قلقا شديداً عبر العالم، لقدرته على عبور القارات وحصد الأرواح البشرية دون أن تلوح في الأفق نهاية وشيكة لهذا الوباء الغامض. وبحسب البيانات الواردة في موقع جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، بلغت حصيلة الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم (7,426,178) إصابة وعدد الوفيات (417,829) حالة لغاية يوم الخميس 11 حزيران/ يونيو 2020. وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية دول العالم من حيث الإصابات المؤكدة (2,008,905) حالة، تليها كل من البرازيل (772,416) حالة، ثم روسيا (501,800) حالة. وفيما شهد معدل الإصابات الجديدة والوفيات تراجعاً ملحوظاً في كل من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا؛ تزايدت الأرقام بمعدلات كارثية في دول أمريكا اللاتينية. ويخشى خبراء الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية من موجة تفش جديدة للوباء في الأسابيع المقبلة، بسبب التظاهرات الحاشدة التي تعم يومياً عدة مدن أمريكية مناهضة للعنصرية احتجاجاً على مقتل مواطن أمريكي من أصول أفريقية تحت ركبة شرطي أبيض البشرة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا. وعلى صعيد المنطقة العربية، تحتل المملكة العربية السعودية مركز الصدارة حيث تم تسجيل (116,021) حالة إصابة مؤكدة بفايروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، تليها كل من قطر (75,071) ثم الإمارات العربية المتحدة (40,986) ثم مصر (38,284) ثم الكويت (34,432) وتختتم القائمة تونس بـ (1,087) حالة إصابة.
كذلك، وجهت جائحة كورونا ضربة قوية للاقتصاد العالمي وتتواصل تداعياتها حول العالم منذ أن بدأت رحلة زحفها من مدينة ووهان الصينية في أواخر عام 2019. ويقول خبير المال والاقتصاد محمد العريان أن الوباء أحدث أكبر صدمة مررنا بها منذ أجيال، وأن إعادة عافية الاقتصاد العالمي ستكون معركة طويلة وشاقة. وهو يعتقد أيضاً بأن الانتعاش من المرجح أن يكون على شكل حرف W (ركود مزدوج) بدلاً من شكل حرف V (ركود عميق ثم تعافي حاد)، ويقارنه بحركة البندول أو الرقاص المتأرجح من دون امتلاك معرفة يقينية عن حجم التأرجحات أو مدتها ولا حتى نقطة الاستقرار. ولتجنب وقوع الاقتصاد في حالة الركود المزدوج، يحذر جيفري فرانكل أستاذ المال والنمو الاقتصادي في جامعة هارفارد، صناع السياسات من مغبة السقوط بخطأ “الانسحاب” المبكر من مجموعة التدابيرالاحترازية وحزم الدعم والتحفيز الاقتصادية كما حدث في أزمات سابقة.
ويوما بعد يوم، تتفاقم توقعات الخبراء المستقبلية بشأن الاقتصاد العالمي نحو الأسوأ مع احتمال كبير لحدوث انهيارات وإفلاس للشركات الكبرى ودخول العديد من الدول في حالة من الركود الاقتصادي. وبحسب تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية، نشر في 26/5/2020، أكثر من سدس شباب العالم عاطل عن العمل بسبب أزمة كورونا، وأن ما يعادل 305 ملايين وظيفة فقدت وإنه من المتوقع أن يشهد العالم تقليصاً في الوظائف لنحو 200 مليون في الأشهر الثلاثة المقبلة، من بينها 5 ملايين في الدول العربية. كما أفاد التقرير بأنه بصرف النظر عن مكان الإقامة في العالم وعن قطاع التوظيف، فإن الجائحة تلقي بظلالها الدراماتيكية على القوى العاملة في جميع أنحاء العالم. وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد حذرت في شهر آذار/ مارس الفائت من أن الاقتصاد العالمي سيعاني من أكبر تراجع في معدلات النمو منذ الأزمة المالية عام 2009، حيث من الممكن أن ينخفض النمو العالمي إلى %2.5 في عام 2020 نتيجة إغلاق المصانع والمراكز التجارية والمرافق السياحية وإخضاع نحو خمس سكان العالم لحالة عزل صحي بهدف احتواء تفشي الفيروس الغامض. كما وجد البنك الدولي في أحدث تقرير له صدر في 9 حزيران/ يونيو الجاري، أن جائحة كورونا ستتسبب في تقلص الاقتصاد العالمي بنسبة 5.2% هذا العام، وهو ما يمثل أعمق ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات الفقر المدقع. كذلك يتوقع البنك الدولي أن ينكمش اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 6.1% هذا العام، في حين من المتوقع أن ينكمش إنتاج منطقة اليورو بنحو 9.1%. ومن المتوقع أيضا أن يتراجع الاقتصاد الياباني بنسبة 6.1%، وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة 7.2%، وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 4.2%.
وفي الوقت الذي يشهد العالم عودة بطيئة إلى الحياة الطبيعية، حذرت منظمة الصحة العالمية وعدد من العلماء في الثاني من شهر حزيران / يونيو الجاري من خطورة الانجرار وراء تلك النظريات غير المؤكدة بعد؛ ومن إنه لا دليل علمياً يدعم بأن فيروس كورونا بدأ يفقد قوته. وفي مقابلة نشرتها صحيفة نيويورك، توقعت مؤلفة كتاب “الطاعون القادم” الصحفية الأميركية لوري غاريت، أن يكون تفشي الفيروس في “موجات” ولن يكون في شكل “تسونامي” يجتاح البلاد ثم يتراجع؛ وبالتالي، ووفقاً لرؤية هذه الصحفية المخضرمة، سوف يطول أمد الجائحة وسوف تتسبب تداعياتها الاقتصادية في فقدان الملايين من الوظائف وفي توسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء مما يتسبب في اندلاع اضطرابات سياسية وغضب جماهيري.
وبالرغم من أن وباء كورونا لن يغير اتجاه الاقتصاد العالمي بشكل جذري، إلا أنه قوض العديد من المبادئ والمنطلقات الأساسية للاقتصاد والتجارة وأحدث ارتباكاً شديداً في سلاسل الإمداد وشبكات التوزيع الدولية. كما أدى تأخر التوصل إلى دواء أو لقاح ناجع لهذا الفيروس القاتل إلى تراجع خطير في مستويات الإنتاج والاستهلاك العالمي وإلى خسائر تريليونيه في أسواق المال وصناديق الثروة السيادية. وفي مقال نشرته جريدة الإندبندنت البريطانية، يرى خبير الاقتصاد عمر حسن أن أضرار فيروس كورونا الاقتصادية هي أكبر بكثير من أضراره على الصحة العامة. وتشير تقديرات أولية كشفت عنها شركات دولية تعمل بنظام الدفع عن طريق بطاقات الائتمان، مثل أمريكان إكسبريس وفيزا وماستركارد، أن الأضرار التي سببها فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، بلغت ما بين 28-29 تريليون دولار. وما يلفت الانتباه في هذا الصدد هو أن أغلب حكومات دول العالم تنظر إلى وباء كورونا باعتباره أزمة صحية لا أزمة اقتصادية، والحقيقة أن الوقت قد حان، كما يقول عمر حسن، ليأخذ الاقتصاديون زمام الأمور من الأطباء لاسيما أن الوباء بات عالمياً.
الفرص السانحة:
معظم الأزمات والكوارث تهبط بلا استئذان وتتسبب في أخطار وخسائر مادية وبشرية جسيمة. لكن الملاحظ أنه في خضم هذه الأحداث الملتهبة، غالباً ما تظهر العديد من الفرص والمنافع تأكيداً لمقولة “رب ضارة نافعة”. صحيح إننا اليوم نعاني من تداعيات أزمة كورونا الكارثية؛ إلا أن هذه الأزمة جلبت معها أيضاً فرصاً للتفكير الإبداعي والتغيير الإستراتيجي. وتشير مقالة نشرتها مجلة هارفرد بيزنس ريفيو العربية، إلى أن “الأزمات مهما كانت مأساوية لها جوانب إيجابية، فهي توقظ البشر من غفلاتهم، وتولد نماذج عمل جديدة ما كان البشر لينتقلوا إليها لو استمروا بممارسة حياتهم بالروتين المعتاد”. ويضيف محرر المقالة “ما من شك بأن (وباء) كورونا مثله مثل أي أزمة أو حرب سيهز العالم وسيُخرج ابتكارات ويغير عقليات ما كانت ستنتقل من مرحلة إلى أخرى لولا ضرورة الأزمة”. وتتابع المقالة القول “أن حكومات العالم وحتى شركات القطاع الخاص ما كانت ستخرج من عنق الزجاجة تجاه تبني معطيات التكنولوجيا للعمل عن بُعد، والتعليم عن بُعد، وتقديم خدماتها للناس عن بُعد، ومعالجة القضايا في المحاكم عن بُعد لولا كورونا”.
وبغض النظر عن حقول عملنا أو مواقعنا الاجتماعية ودرجاتنا الوظيفية؛ تشير الدلائل والمعطيات على أن جائحة كورونا أضفت تغييرات جذرية على أنماط وسلوك حياتنا اليومية. كما إنها أزاحت الستار عن الكثير من مواطن الضعف والخلل التي لازمت المنظومة الاقتصادية والمالية العالمية منذ أزمة عام 2008، فضلاً عن إنها كشفت هشاشة البنى التحتية لاسيما في قطاعات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وفرضت على الحكومات المختلفة اتباع مناهج أكثر عقلانية وفاعلية للتعاطي مع الأزمات العالمية والتحديات المصيرية. وأخيراً وليس آخراً، أيقظتنا هذه الجائحة من غفوتنا وأجبرتنا على مراجعة نظرتنا التقليدية نحو المستقبل والبحث عن حلول ابتكارية وإستراتيجيات مغايرة تتسم بالحكمة والشمول لمواجهة الأزمات وجعلها محطات انطلاق نحو مستقبل أفضل وعالم يسوده التعاون والسلام وتنعم مجتمعاته بالرفاه والصحة والأمان.
وثمة مؤشرات مقنعة على أن صدمة كورونا أحدثت وستحدث الكثير من التحولات والتبدلات في عالمنا المعاصر، كما إنها غيّرت لا بل وحتى قلبت مفاهيم اجتماعية ومهنية رأسا على عقب Paradigm Shift؛ ويعتقد كثيرون، وكاتب المقال أحدهم، إن عالم ما بعد كورونا لن يكون حتما مثلما كان قبلها. كما أن قطاع التعليم بشقيه العام والعالي سوف لن يكون بمنأى عن تلكم التبدلات او التغيرات خاصة إذا ما أظهر نموذج التدريس عبر الإنترنت (التعليم الإلكتروني E-Learning) الجاري تطبيقه حالياً نجاعة بدلاً من النموذج التقليدي (التعليم المباشرFace-to-Face) في تحقيق الهدف الرابع من إستراتيجية اليونسكو للتنمية المستدامة، والذي يدعو المجتمع الدولي إلى “ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة”.
وفي ظل إجراءات العزل الإجباري والتباعد الاجتماعي لاحتواء تفشي الوباء، اتخذت غالبية المؤسسات التعليمية قرارا اضطراريا بالتحول إلى نظام التعلم الالكتروني كبديل كلي لضمان استمرارية العملية التعليمية. ورغم إيجابيات نظام التعلم الالكتروني وشعبيته الواسعة بسبب الوفورات التي يحققها في الوقت والجهد والمال؛ إلا أن هناك العديد من التساؤلات التي يطرحها الخبراء بشأن فاعليته في تأمين تعليم عالي الجودة لكل المتعلمين، وبشأن جاهزية المنظومة التعليمية (المعلم والمتعلم والمؤسسة التعليمية والبيت والمجتمع …) لمواكبة هذا التحول المفاجئ، وما إذا كان استخدام التعليم الإلكتروني كبديل للتعليم التقليدي سيستمر إلى ما بعد جائحة كورونا، أم إنه سيتراجع وتعود الأمور إلى سابق عهدها؟ وهنا تتباين الآراء بين من يظن -أو ربما يتمنى- أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، ومن يعتقد أنه لا رجعة عن التعلم الإلكتروني لأنه بات خياراً لا بديل عنه إلا في حالة انعدام البنى التحتية. وفي تقديري المتواضع، إن التعليم لن يعود لمرحلته السابقة عقب جائحة كورونا وأمامنا الآن فرصة نادرة لتطويره وإحداث نقلة نوعية من خلال الدمج بين التعليم المباشر والتعليم الافتراضي والتوسع في استخدام التقنيات الرقمية والبرمجيات الذكية لتقديم مخرجات عالية الجودة وفقاً للمعايير الدولية.
خاتمة:
جاءت أزمة كورونا لتضيف تحديات جديدة وخطيرة لمجموعة التحديات التي يواجها أو يعيشها قطاع التعليم في العديد من البلدان لاسيما بلدان العالم الثالث ومن ضمنها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتؤكد التقارير الصادرة عن منظمة اليونسكو والبنك الدولي ومنظمات عالمية وإقليمية على أن قطاع التعليم في هذه الدول يعاني من أزمات ومشكلات بنيوية ومالية وإدارية عديدة؛ وبالتالي لا بد من إجراء إصلاحات جذرية واعتماد استراتيجيات جديدة بهدف إخراجه من أزماته وحل مشكلاته وإعادة تأهيله لمواجهة تحديات العصر المعقدة.
وبتقديري، اتاحت أزمة كورونا فرصة حقيقية للاعتراف بهذه التحديات والمشكلات والتفكير في تطبيق منهجيات وإستراتيجيات ذكية وقبول أنماط جديدة من التعليم والتعلم لا تعتمد بشكل أساسي على الوجود المادي أو الفيزيائي، بل تستخدم أيضاً وسائل وتكنولوجيات رقمية حديثة في التفاعل والتواصل. وبهذا الصدد يشير العديد من الخبراء إلى أهمية التوسع في التعليم الإلكتروني أو الافتراضي والنظر إليه بوصفه خياراً مستقبلياً وإستراتيجياً للتعليم والتعلم وليس مجرد وسيلة تستخدم فقط عند الأزمات والكوارث!