23 ديسمبر، 2024 4:53 م

التعليم العالي في العراق الجديد سياقات بالمقلوب وانهيارات تدمي القلوب/1

التعليم العالي في العراق الجديد سياقات بالمقلوب وانهيارات تدمي القلوب/1

قبل أيام ومن على قناة هيئة الأذاعة والتلفزيون البريطانية المعروفة اختصارا ب ( BBC  )  تابعت تقريرا طبياً مفاده أن احدى الجامعات الأفريقية وبالتعاون مع الهيئة البريطانية قد نجحت في ابتكار جهازاً لأستنشاق الهواء النظيف من اجل استخدامه خدمة لمرضى القصبات الهوائية  . ومن خلال التقرير يتضح استخدام الجهاز المبتكر لمعالجة طفل لم يبلغ من العمر ثلاث سنوات او اقل وماهي أِلا ايام حتى يخرج الطفل من المشفى مربوط معه الجهاز ليمارس حياة شبه طبيعية لتعود الى حياة طبيعية عندما اكتسب الطفل الشفاء التام ويستغني عن الجهاز وهو مكسب انساني علمي عالمي . وأتحدث هنا عن جامعة في دولة من افريقيا التي شهدت فصولاً من العنصرية والفقر والموت المجاني بأمراض مختلفة ليس أقلها الأيبولا الذي ارعب العالم . لكن الشعب الأفريقي كان اكثر تفتحاً وعقلانية عندما  وضع كل شيء جانبا لينشغل بطريقة اعادة بناء وطنه وهو الآن يخطو خطوات رائعة وناجحة وهذه جامعاته نموذجاً يحتذى .

كل بلدان العالم المتخلف والمتعفف والمتقدم تعتمد على الجامعات للبناء والأِعمار والتطور فهي تؤمن ان الحياة تستمر بجهود الباحثين العلماء فهم يستخدمون عقولهم ليطوروا كل شيء في الحياة من خلال بحوث يجسدونها على ارض الواقع بدعم كبير واحتضان من كل المؤسسات الموجودة في البلاد  فنجد ان العلاجات تتطور من الجامعات والصناعات تزداد زخماً من الجامعات وكل مناحي الحياة تجد اهتماماً من الجامعات بقدر احترام البلدان والحكومات لنفسها وعلى هذا نجد ان الرصانة العلمية أَهم معيار من معايير الدول المتقدمة فهي لاتعرف معاني التزوير لأنها مفردة غريبة عن قواميس حياتهم ونجد ان اجمل الجامعات في العالم هي تلك التي تتفوق في رصانتها وعلميتها فعي تعطي العلوم لطلبتها بشكل متفوق والطلبة يعرفون مالهم وماعليهم ومن يتجاوز حدوده من الطلاب يجد نفسه خارج الجامعة دون نقاش فمبدأ الحقوق والواجبات مصان في اغلب دول العالم .

أِلا في العراق أَصبح الخط البياني للتعليم العالي ينحرف نزولاً عم بعد عام فقد دخلت الوزارة ضمن سياسة المحاصصة سيئة الصيت فلايهم من يكون الوةزير انما المهم ان يكون من الكتلة الفلانية او المكون الفلاني ودون ذلك كل شيء مباح ليذهب التعليم ادراج الرياح ولتذهب معه العلاقات الجامعية وقوانين التعليم العالي الى خارج الزمن ولنبدأ من سلوكيات طلاب الجامعات داخل الحرم الجامعي .

_ بعد ان كان الزي الجامعي من اجمل ماتتسم به الحياة الجامعية اصبح الآن الزي بحكم كان ولتشتهر اغلب الجامعات بأزياء ( الجينز ) ومعه مايعرف ب ( البدي ) لأغلب طلاب الجامعات حتى اصبح العراق في ضل هذا الذي يجري في الجامعات متفوقاً على كل بلدان العالم في استيراد ( الجينز والكاوبوي والبدي ) . وأِذا مافكرت في الحديث مع اي طالب في هذا الموضوع محاسباً ومؤنباً فأنك ستقع في مشاكل لاحصر لها ابسطها أَن ليس من اختصاصك محاسبة طالب فتتلاقفك اللجان التحقيقية وتكون سعيد الحظ لو ان مكتب المفتش العام قد اعتقك

_ الألتزام بالدوام ومتابعة المحاضرات اصبحت حاله فيها الكثير من الأشكاليات فأنك اذا اكتشفت ان طالبا منقطعاً ولم تتابع انقطاعه عن الدوام نتيجة لزخم العمل ثم اكتشفته لاحقا بشهادة التدريسيون ومذكرات موقعة من قبلهم وقررت ان تمارس دورك في ان تفصله ستنقلب الدنيا لأنك لم تنبهه وتنذره مرتين فيذهب الطالب ليشكو منك وكلامه مسموع وتلك طامة كبرى ان يخاف التدريسي الطالب وهذا مايحدث الآن في الجامعات

_ نعرف جيدا ان الجامعات تحتفي بطلبتها المتخرجين في نهاية كل عام في احتفاليات مركزية فيها العديد من الفقرات والتقاليد العلمية اجملها واهمها منح اللقب العلمي بعد اداء القسم وهذا المعتاد بين الطلاب في الجامعات يوم كان ان الناصرية يحزم حقيبته فرحاً في بداية الأسبوع ليتجه الى الموصل ليتابع دراسته في جامعتها وكذا ابن ديالى حين يتوجه الى البصرة وابن العمارة حين يتوجه الى بغداد يوم كانت الجامعات على عدد الأصابع وأكثر بقليل ومع ذلك كان البعض من الطلبة في نهاية كل عام يتجمعون في اماكن ليقدموا التهاني بعضهم لبعض لأنتقالهم الى مراحل جديدة لينتهي التجمع بتقديم الحلوى والهدايا بينهم وتلك ايام جميلة يحتفظ بها الطلبة في ذاكرتهم .

اليوم وفي العراق الجديد تغير الحال فأصبحت الحفلات الفرعية وهي ليست بالقانونية تعتمد على مايبذله البعض من الطلبة من نشاطات في الرقص الغربي بمصاحبة مايسمى ب ال ( DJ  (  والبعض يذهب الى ابعد من ذلك من خلال مايسمى بالحفلات التنكرية فلاتستغرب ان تجد طالب يرتدي زي عروس او زي أمرأة لتتحول تلك الحفلات الى مسخرة لاتمت بصلة الى التعليم ولا للتربية !!!

أما الجانب الوظيفي فقد اصبح خالي من الطعم الوطني فالموظف المحاصر بتقاليد جديدة لايستطيع ان يؤدي عمله فهو يخاف من خياله فكل شيء اصبح مثار شبهة ولم يتبقى للموظف سوى جهاز البصمة ليستخدمه عند بداية الدوام ونهايته .

للأسف التعليم العالي اليوم يبتعد عن مساراته الصحيحة فاغلب الجامعات اصبحت وكأنها أسقاط فرض فلم نسمع او نرى بأن باحثاً او مبدعا او متألقا قد تم التعامل معه بحجم ابداعة وتألقه ليتم احتضانه رغم ان البلد مدمر وخاوي ويحتاج الى العقول ! وكأن الأمر مقصود ان تصبح الجامعات بعد نزع الروح الوطنية من العاملين فيها مكانات لقضاء أوقات الفراغ لتناول الشاي والمرطبات وتحقيق اللقاءات العاطفية والعفوية مع اعتذاري لأساتذتي وبخاصة الذيم همشوا مع ان العراق بحاجة اليهم

[email protected]