9 أبريل، 2024 4:33 ص
Search
Close this search box.

التعليم العالي: ضياع حق التدريسي الجامعي في فوضى الاجتهاد/ الترقيات العلمية نموذجا (1)

Facebook
Twitter
LinkedIn

الجزء الاول المشاكل: لعل مسألة الترقيات العلمية للإستاذ الجامعي في العراق تشكل هاجسا مؤلما تقض مضجع التدريسي في الجامعات العراقية حيث تشهد التعليمات الصادرة في جريدة الوقائع العراقية العدد 4471 يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 والتي أصبحت نافذة المفعول في الاول من كانون الثاني/يناير 2018 إلى الكثير من الاجتهادات على مستوى لجان الترقيات العلمية في الكليات أو لجان الترقيات العلمية المركزية في الجامعات العراقية حتى تلت صدور هذه التعليمات الكثير من الكتب الرسمية التي توجها يمينا وشمالا مما خلقت شبه فوضى تعم مسألة الترقيات العلمية مما اضطر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في النهاية إلى توجيه كتب الى عموم الجامعات تنص على ايقاف كل شكل من اشكال الاجتهادات من قبل لجان الترقيات في الكليات او الجامعات ولكن هذا الكتب المرقمة ب ت 4 في 30/1/2020 و المرقمة ب ت 4/ 181 في 8/1/2020 ضرب فيها عرض الحائط ولم يتم الالتزام بها اما بسبب جهل في اساس التعليمات الصادرة في العدد 4471 من الوقائع العراقية او لغايات أخرى يغلب عليها طابع الضرر بالتدريسي الجامعي والتلاعب بأعصابة من خلال استمرار الاجتهادات وقد تصل لحد تهديد التدريسي بعدم ترويج معاملته ضمن المدد المحددة من قبل الوزارة حتى ان بعض الترقيات قد تأخذ ثلاث أو اربع سنوات أو ينتظر التدريسي تغيير يحصل في لجنة الترقيات في الكلية بسبب موقف شخصي مع رئيس اللجنة او احد اعضاء اللجنة ورغم وجود لجنة اعتراضات إلا إنها في الغالب تكون شكلية في حين ترقيات البعض الاخر لم تتأخر اكثر من إسبوعين او حتى خلال اقل من عشرة أيام لأن له علاقة شخصية مع رئيس لجنة الترقيات في الكلية او كونه يتبع جهة سياسية معينة. ان معاناة التدريسي هذه ما كانت لتتم لو ان تعليمات الترقيات العلمية واضحة ومحددة ولا تخضع للأخذ والرد من قبل البعض أو الاجتهاد وكتب وزارة التعليم العالي المشار إليها أعلاه والتي تحث لجان الترقيات العلمية عدم الاجتهاد لهو دليلا كافيا لهذة الفوضى التي تشهدها الجامعات العراقية في هذا المجال والتعسف والظلم الذي يقع على التدريسي.
قد يسأل سائل هل هذا كل شيء وما هي معاناة التدريسي الآخرى وما هو القصور في التعليمات النافذة لو تم الالتزام بها؟
للإجابة على هذا السؤال نورد النقاط التالية والتي توجز معاناة التدريسي والتلاعب بمشاعرة وإستغلال الثغرات في التعليمات ضد او لصالح التدريسي حسب قربه أو بعدة عن بعض هذه اللجان عندما يقدم التدريسي معاملة الترقية:

أولا يشكل القسم لجنة تسمى لجنة الإستلال لبحوث التدريسي المقدمة للترقية العلمية وعلى التدريسي ان يجلب معه جميع اطاريح الماجستير والدكتوراه له وللتدريسيين المشاركين معه في البحوث وكل ما زاد عدد المشاركين في البحوث كلما زادت عدد رسائل التي يتوجب على التدريسي جلبها وقد يصل أحيانا عدد الاطاريح المرفقة مع معاملة الترقية بين 10 إلى 30 إطروحة دكتوراه وماجستير، أما إذا كان احد المشاركين في البحوث المقدمة إلى الترقية من الخارج فأمام التدريسي خيارين أما سحب البحث أو جلب اطروحة الدكتوراه والماجستير للمشارك الخارجي ويكون التدريسي تحت مطرقة لجنة كشف الاستلال فإن كان قريبا من اللجنة انجزت مهمته في يوم واحد أو يومين أما إذا رغبت اللجنة تعقيد ألامر فإن التعليمات النافذة تسمح لها ذلك وبكل سهولة.

ثانيا ترسل البحوث لغرض تقديم تقرير كشف الاقتباس لبحوثة المقدمة للترقية العلمية من قبل المسؤول على برنامج كشف الاقتباس في الكلية نفسها أو في كلية أخرى.
نقطة الاعتراض على هذه الآلية تكمن اولا في إن جميع المجلات قبل نشر البحث تطلب تقريرا بكشف الاقتباس هذا يعني إن البحوث المنشورة قد خضعت أصلا لكشف الاقتباس، فأما ان الوزارة لا تعترف بهذه المجلات ولا تثق بها عند ذلك الافضل وضع المجلة او الدورية في القائمة السوداء ليتجنب التدريسي النشر فيها ابتداءَ. من ناحية آخرى إن برنامج كشف الاستلال المستخدمة في الجامعات ليست نتائجة مطلقة حيث يمكن التلاعب فيه من قبل المستخدم بطريقة يستطيع تخفيض نتيجة كشف الاقتباس من 90% إلى أقل من 5% وبالعكس حسب أهواءه الشخصية وعلاقته بالتدريسي. فإذا اراد مسؤول كشف الاقتباس إيقاف ترقية التدريسي فيمكن له ذلك ببساطة، أما إذا رغب في تمريرها يستطيع ذلك ايضا. ولنعطي مثالا على ذلك عملي:
لو تم عرض أحد بحوث العالم أنشتاين على برنامج كشف الاستلال دون تحديد تواريخ تحدد الفترة لكانت النتيجة إن البحث مقتبس 100%!، الآن لو حدد تاريخ معين يتضمن كشف الاستلال من البحوث قبل تاريخ نشر انشتاين بحثة لكانت النتيجة أقل من 20%!، لو تم إعادة المحاولة وتم تغذية برنامج كشف الاستلال بالبحث دون صفحة المصادر وتاريخ قبل نشر البحث لكانت النتيجة أقل من 5%. وهكذا فإن النتائج يمكن التلاعب فيها لصالح أو ضد التدريسي مستغلين جهل القيادات العليا في آلية عمل هذه البرامج وعليه لا يمكن للوزارة أن تترك مستقبل التدريسي العلمي بيد البعض الذي يجد في أذية التدريسي متعة يستلذ فيها.

ثالثا بعد ان تمر الترقية العلمية بالمرحلتين والتي شهدت الكثير من الاجتهادات غير المبررة أعلاه ترسل من قبل القسم إلى لجنة الترقيات في الكلية. يأتي دور رئيس لجنة الترقيات في الكلية ومدى علاقته بالتدريسي، فإذا كانت علاقته جيدة سوف تمر الترقية بسلاسة تامة وتصبح جميع البحوث مستوفية لشروط الترقية..أما إذا اراد ان يعطل او يعرقل الترقية فهناك عدة خطوات يمكن اتباعها لغرض تعطيل الترقية نوجز بعضها هنا:

الطعن بالجنة المشكلة من قبل القسم لتدقيق إستلال البحوث من رسائل الدكتوراه أو الماجستير والطلب من القسم إرسال البحوث إلى كلية ثانية للتدقيق..علما بإن طلبه هذا لا يقرن بكتاب لبيان الأسباب إنما يكون ذلك بالأتفاق مع رئيس القسم شفهيا..فإذا كان رئيس القسم مع هذا التوجه لتعطيل الترقية فإنه يتأخذ من طلب رئيس لجنة الترقيات حجة في ذلك..
الطعن في تقرير الاقتباس للبحوث وعدم الاعتراف فيه
الطعن في المجلات المنشورة في مستوعبات سكوبكس
الطعن في دور النشر التي نشرت البحوث حتى لو كانت ضمن مستوعبات سكوبكس رغم وجود كتاب صادر عن دائرة البحث والتطوير المرقم ب ت 4/8694 في 12/9/2019 والمعنون اعتماد المجلات في الترقيات العلمية.
الطلب من التدريسي مراسلة المجلة وجلب تعهد منها بإن البحث سوف يكون ضمن مستوعبات سكوبس مستقبلا رغم ان المجلة ضمن هذه المستوعبات.

أما إذا لم يلبي التدريسي ما ذكر في النقطة الأخيرة أعلأه وتمت إحالة ترقيته إلى اللجنة المركزية في الجامعة فسوف نذكر بعض نماذج هذه الاجابات والتي تهدف الى تعطيل الترقية

“المجلة سكوباس ولها سايت سكور، لا تنتمي لدار نشر رصينة، البحث مدرج ضمن قوعد البيانات سكوباس، البحث يحتاج إلى تقييم”…هذا يعني البحث يرسل إلى ثلاث مقوميين وهو مخالفة صريحة للتعليمات الوزارية

“المجلة سكوباس ولها سايت سكور، المجلة تنتمي لدار نشر رصينة، البحث غير مدرج ضمن قوعد البيانات سكوباس، البحث يحتاج إلى تقييم”…هذا يعني البحث يرسل إلى ثلاث مقوميين وهو مخالفة صريحة للتعليمات الوزارية

“المجلة ليست سكوباس لها سايت سكور، تنتمي لدار نشر رصينة، البحث غير مدرج ضمن قوعد البيانات سكوباس، البحث يحتاج إلى تقييم”…هذا يعني البحث يرسل إلى ثلاث مقوميين وهو مخالفة صريحة للتعليمات الوزارية
هذه نماذج من رحلة العذاب التي يمر فيها التدريسي للحصول على الترقية العلمية وإذا كان التدريسي عصامي ولا يجامل على حساب الحق قد تطول فترة ترقيته ثلاث او اربع سنوات وقد تصل أحيانا إلى خمس سنوات بعد الطلب من التدريسي تقديم سلسلة من بحوث التعضيد الاخرى وكل بحث يمر بنفس الاجراءات المذكورة أعلاه وكل ما يطلب منه بحث تعضيدي يغير تاريخ تقديمة للترقية ليصبح من تاريخ تقديم البحث التعضيدي انه اضطهاد للتدريسي، أما إذا كان التدريسي له من الحبايب ما يكفي أو مدعوم من جهة سياسية معينة فإن ترقيته من تاريخ تقديمة الطلب إلى صدور الأمر الجامعي لا تتجاوز 15 يوما حتى لو كانت جميع البحوث منشورة في مجلات محلية، ترسل البحوث بالبريد الالكتروني ويتم الإجابة بنفس اليوم…
كل هذا يحصل لإن تعليمات الترقيات سمحت بحالة الاجتهاد التي تمارس بصورة تعسفية ضد التدريسي في الجامعة، وما سلسلة الكتب الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتي غالبيتها تؤكد على ضرورة إلتزام لجان الترقيات العلمية بتوجيهات الوزارة حصرا وكذلك كثرت الشكاوى التي تصل من قبل التدريسين في الجامعات العراقية إلى الوزارة إلا دليلا واضحا على الظلم الذي يتعرض له التدريسي في هذا الخصوص وتأكيد الوزارة على ضرورة العودة اليها في حالة وجود إجتهاد في مسألة تخص الترقيات قبل تنفيذها حسب ما جاء في الكتب الوزارية يشكل دليلا أخر على وجود مشكلة في ما يخص الترقيات العلمية وإن التعليمات التي صدرت في الوقائع العراقية ينقصها الكثير وهي بحاجة إلى إعادة هيكلتها بالطريقة التي تسد كل باب من ابواب الفوضى والاجتهاد الحاصلة الان والتي تهدد سمعة الجامعات وتخلق سوء تفاهم قد يتعدى إلى قرارات غير مسيطر عليها لا من قبل التدريسي الذي يجد نفسه مظلوما ولا من قبل لجان الترقيات التي تبرر إنها تجهد من اجل تكريس ترصين التعليم العالي وهي لا تمثل إلا كلمة حق يراد بها باطل.
ملاحظة: جميع ما ذكر في هذه المقالة من أمثلة موثق لدينا بالدليل.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب