14 مارس، 2024 7:44 ص
Search
Close this search box.

التعليم الالكتروني وكشف العورات

Facebook
Twitter
LinkedIn

يشترك العراق مع بعض البلدان في عدم اعتماده التعلم عن بعد ( E- Learning ) ، فوزارتي التربية والتعليم لا تعترف بالشهادات الصادرة بهذا الخصوص حتى وان كانت من أرقى المدارس والجامعات العالمية ، وهي قضية قديمة وليست جديدة لان الطلبة الذين درسوا في الجامعة الأمريكية في بيروت ( مثلا ) وغيرها من الجامعات العربية والإقليمية والأوروبية في ستينات وسبعينات القرن الماضي ولحد اليوم لم يتم الاعتراف بشهاداتهم مادامت تحمل اسم الجامعات المفتوحة او التعلم عن بعد ، كما استمر شرط إقامة الطالب في بلد الدراسة خلال 6 أشهر او أكثر من ضمن شروط معادلة الشهادة بأي مستوى من المستويات ، ومن مبررات عدم اعتماد هذا النوع من التعليم إن بعضهم يقول إنها غير رصينة وبعضهم يدعي عدم توفر المقاييس اللازمة للحكم على مدى جدية الدارس وتلقيه المناهج التي تطابق ما مطلوب في تخصصه او مرحلته او في اجتيازه الاختبارات ، ورغم إن لوزارة التربية تجربة رائدة في مجال التعليم عن بعد من خلال التلفزيون التربوي الذي كان يبث محاضرات ( التقوية ) عن بعد إلا إن الوزارتين تمسكتا بأسلوب التعليم الحضوري النظري او العملي في الصفوف الورش والمختبرات لذا لم نجد اهتماما بمستوى الاهتمام في موضوع تمكين الملاكات التعليمية والتدريسية في مجال استخدام الحاسوب و توظيفه في التدريس الالكتروني من خلال الشبكة الدولية ( الانترنيت ) ، ولا ننكر وجود محاولات متواضعة بهذا الخصوص ولكنها اعتمدت على المبادرات أكثر من اقترانها بالإلزام ، فبعض الكليات أقامت دورات تدريبية في مجال محو أمية الحاسوب وبعضها أوجبت اجتياز دورة الحاسوب لبعض الترقيات ، كما إن البعض يتعاملون بجزء من متطلبات الدراسات العليا لأغراض التواصل من خلال الانترنيت بشكل طوعي وغير ملزم للجميع .
وبعد انتشار جائحة كورونا وفرض حظر التجوال الكلي او الجزئي وصدور توجيهات بوجوب الالتزام بالتباعد وتجنب الملامسة ، فقد وجدت وزارتي التربية والتعليم إنهما أمام خيارين فإما أن يتم إيقاف التعليم بشكل كامل او الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في ولوج التعليم الالكتروني الذي هو عبارة عن تعليم عن بعد ، والخيار الثاني مقبول من الناحية النظرية ولكن مستلزماته غير متوفرة في العراق لعدة أسباب ، أولها يتعلق بعدم وجود خبرة سابقة بهذا الخصوص عدا تجربة التلفزيون التربوي التي كانت متابعة مفرداتها طوعية وليست إجبارية وكانت تنشط قرب امتحان البكالوريا ، وعدم وجود الخبرة التي تعني وجود العديد من الملاكات التدريسية للتربية والتعليم ليست لديهم مهارات في استخدام تقنيات المعلومات بهذا الخصوص ، وجزء منهم لا يعرفون استخدام الحاسوب ويفتقرون لمهارات التعليم الالكتروني الذي يختلف عن التعليم التفاعلي او النشط او الأنماط التقليدية السائدة في التعليم ، والسبب الثاني إن القضية لا تتعلق بالمعلم او التدريسي وإنما في علاقتها بالطالب من حيث الرغبة في التعلم دون تسجيل الحضور والغياب ومدى توفر المتطلبات الأساسية لهذا النمط من التعليم كوجود حاسبة او موبايل للطالب وتوفر خدمة الانترنيت بشكل يتيح التعلم بطريقة ( On line ) بما يوفر ( Feed back ) للتدريسي ، وفي حالة توفر الانترنيت يبقى الموضوع مرهونا بمدى استمرار الكهرباء لطلبة في عائلات ربما تكون غير قادرة على توفير رغيف الخبز لان أكثر من 30% من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر حسب إحصاء وزارة التخطيط ، أما السبب الثالث فانه يتعلق بالصعوبات المتعلقة بالحضور الصفي لأداء الامتحانات التحريرية ومكملاتها من الاختبارات التطبيقية والعملية التي تتطلب الحضور الشخصي لعددهم الكبير ، ولعدم إمكانية ذلك اضطرت وزارة التربية الاعتماد على درجات آخر الاختبارات عندما كان الدوام موجود ، كما اضطرت الجامعات لإجراء الامتحانات الكترونيا ( على الثقة ) بعد أن اغدقت الطلبة بالعديد من ( المكرمات ) بخصوص درجة السعي السنوي ، وهكذا انجز العام الدراسي 2019 / 2020 بالعديد من علامات السؤال التي تم التنازل عن إجاباتها نظرا لارتفاع نسب النجاح في المراحل كافة ولمختلف الاختصاصات .
ونظرا لتخفيف الالتزامات بخصوص الجائحة وبهدف تفادي الضرورة الملجأة لتجربة العام الدراسي السابق ، فقد أصدرت الوزارتين تعليمات بوجوب الدوام الجزئي للطلبة ليوم او يومين أسبوعيا والإيفاء بمتطلبات التدريب والتطبيق من خلال تنظيم مجموعات صغيرة في الحضور على أن يتم إكمال المناهج ( بعد الحذف والتقليص ) من خلال التعليم الالكتروني ، والذي يتطلب من الجهات التعليمية الإعلان عن مواضيع وتوقيتات المحاضرات التي تبث من خلال تقنيات الانترنيت لكي يستفيد منها الطلبة في التعلم عن بعد ، وهي طريقة تثير استهجان الطلبة وعوائلهم لأنها تجعل الطالب يوما في المدرسة وستة أيام خارجها يعتمد على الانترنيت وهم لا يمتلكون الكهرباء ، او الاعتماد على الأهل في التلقين وربما يكونوا من الأميين او ممن ليست لديهما قدرات ورغبات في التعليم ، وفي الوقت الذي تعاني منه العوائل من صعوبة الطريقة المستخدمة في التعليم كونها لا تستند لأسس ومبادئ العدالة الاجتماعية التي جاءت في القوانين السماوية والوضعية ومنها دستور2015 في مادته 34 لأنها لا توفر العدالة والمساواة نظرا لتأثير الفروقات الاجتماعية والاقتصادية على نتائج وتسلسل ومعدلات الطلبة فيما بعد ، فان البعض من المهتمين والمختصين يتابعون هذه التجربة من التعليم من باب المواطنة والحرص وقد اشروا العديد من الملاحظات الجديرة بالاهتمام ومنها تواضع مستويات بعض المعلمين والتدريسيين في قدراتهم على إيصال المادة بالتعليم الالكتروني نظرا لفقر التجربة وعدم أعمامها وتطبيقها بشكل واسع من قبل وغيرها من الملاحظات الجوهرية بخصوص الموضوع ، وهذه الملاحظات التي نشرت جوانب منها بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يبدو إنها طرقت أبواب وزارة التعليم العالي ، حيث أصدرت دائرة الدراسات والتخطيط فيها اعمامات للجامعات الحكومية والكليات الأهلية ومنها الكتاب بالعدد 832 في 20 / 1 / 2021 المتضمن وجوب الالتزام بضوابط إلقاء المحاضرات الالكترونية ، حيث أوجبت اعتماد المحاضرات التفاعلية وليس الشرح الفيديوي والالتزام بالتوقيتات المحددة للدراستين الصباحية والمسائية وعدم إلقائها بشكل عشوائي وتحديد عدد الصف الالكتروني بما لا يتجاوز 50 طالب ، وفي الإطار ذاته أصدرت وزارة التربية / المديرية العامة للأشراف التربوي أعماما لمديريات التربية كافة لاعتماد آلية جديدة بشأن بث الدروس الالكترونية ، منها أن لا يكون هناك أكثر من امتحان في اليوم الواحد وعدم نشر المادة الامتحانية قبل يوم الامتحان، بالإضافة إلى عدم نشر الدروس في أوقات متأخرة من الليل وأيام الجمعة والالتزام التام بما ورد في تكييف المناهج الدراسية ، ونتمنى أن تلقى هذه التوجيهات وغيرها صداها في التطبيق وان يكون تقويم أداء التدريسي على أساس الكفاءة في التعليم الالكتروني ، لان أي فشل وتهاون في تمرير الأعوام الدراسية بأزمتها الحالية خارج القياسات العلمية المطلوبة سيضر بمكانة التربية والتعليم التي كنا نتمنى منها إن تستفيد من الأخطاء السابقة لإعادة جزء من هيبة الوطن بهذا الخصوص ، وهي ليست مهمة المعلم والتدريسي وإنما مسؤولية يجب أن يشترك بها الجميع ، لان الظروف الاستثنائية ستنجلي مهما طال بها الزمان ولكن مستقبل الأجيال مسالة جمعية وهي أمانة في الأعناق يجب أن نشترك بها مؤسسات وإفراد .

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب