أولاً : التعصب الديني
اداب المعاشرة بين المؤمنين تقتضي حسب وجهة النظر المرجعية، ان الحقوق متبادلة، فلكل طرف حق على الطرف الاخر، وهو جزء من سلسلة محاضراتها الإصلاحية، ليكون عدم مراعاة الحقوق سلوك ذو مخاطر كبيرة على النسيج المجتمعي، سلامة المنظومة المجتمعية تقتضي تقبل الاخرين رغم اختلافهم، ليكون تحويل الاختلاف الى خلاف سلوكاً لا ينسجم مع صفة الإيمان التي يدعيها البعض، ليندرج ضمن منظومة التعصب سواء كان الديني أو الفكري أو السياسي .
الاختلاف سمة بشرية رافقت الانسان منذ بداية خلقه، وبتعدد الأديان يكون الاختلاف في آراء اتباعها أمراً لا يمكن التغاضي عنه، وكذلك اختلاف المذاهب داخل الدين الواحد، ليكون الاعتقاد بصحة دين وخطأ غيره أمرا ً يشترك به جميع الذين ينتهجون مبدأ التفاضل لا التكامل، اذ مسألة الاعتقاد بالأفضلية ليست أمراً مرفوضاً لان كل إنسان لديه مبرراته، ولكن المشكلة فيما ينتج عن هذا الاعتقاد .
التعصب ينتج النظرة الفوقية للنفس، والنظرة الدونية للاخر، عندما يستولي التكبر والعُجب على النفس، ليكون بداية للتنكيل بالاخر، ورفض الحوار أو الجلوس معه، من منطلق انه الافضل والأقوم والأصلح، خاصة ً ان كان يعلم نقصه الحقيقي وسوء منهجه، فان سلوكه سيكون اكثر عنفاً وتطرفاً لانه سيحاول التغطية على ضعف حجته ! .
تسقيط الاخر والانتقاص من رموزه، منهج من ليس لديه ما يقدمه في حواره، هذا المنهج يهدد السلم المجتمعي لانه يدفع الاخرين للرد، وغالباً ما يكون الرد عنيفاً لانه يرتبط بقدسية الاعتقاد، بينما المنهج الرباني قائم على الحكمة والموعظة الحسنة، والتعبير عن الرأي والخصوصية الدينية يجب ان يكون محكوماً بالضوابط الاخلاقية، والحوار الهادئ وبأسلوب هادئ بالدليل يكون منطلق ومدخلات للحوار، وبدون ذلك يكون المتحاور يبحث عن التسلط على الاخرين بدافع تعصبه وليس إظهار صحة اعتقاده !.