كثير من الناس لديهم اهواء غريبة قد لاتتفق مع مزاجنا او عقلنا او مبادئنا ، في الدين والسياسة والفن وحتى في الكرة . وهذا امر صحي وهو سنة في الحياة ومحاور منطقية للاختلاف في الراي (الذي قيل عنه انه لا يجب ان يفسد للود قضية) ، ويجب ان لانُستفز منه او نتخذ من كل واحد من هؤلاء خصما ، والا ضاعت الفائدة وبقي العالم في محله دون تطور في اي جانب منه لعدة قرون . فاختلاف الاراء والرؤى هو سبيل الوصول الى افضلها والاعتماد عليه.
ولكن هناك مجموعات من الناس تتخذ من احداث معينة او اشخاص او امور وسيلة لإظهار اختلافها عن الاخرين (خالف تعرف) او للمكايدة فقط احيانا ، واحيانا اخرى لغرض ابراز العضلات (معنويا) مثلا ، وبعضهم متذبذب ، في راي جديد وهوى غريب كل حين حتى انك لا تدري هو مع اي الافكار (المتناقضة) ومع من من الشخوص (المتخاصمة) ولا مع ماذا من المشاعر (المتنافرة) ، يحيرك اذا تابعته او راقبته ، لا تاتي تصرفاته او متبنياته بنفع لأحد ولا لنفسه الا (متعة الهوى في لحظتها) .
وهناك امور لا تضر بأحد فلا اهمية لاختلافه وتقلبه ولكن هناك امور مبدئية قد تضر المجموع اذا اصبح مثل هذا الشخص ظاهرة عامة وعددا لايستهان به ، عندها سيفسد الذوق العام والخلق العام والراي العام والرشد العام والفن والادب ليس لسبب اختلافهم -كما بينّا-ولكن لسبب انهم يتبعون اهواء وليس آراء (حينما يُراد الرأي السديد)، وفهوم وليس علوم (عندما يُحتاج العلم الرشيد) .
وأمرٌ مثل امر وفاة (امير دويلة او قوم اخرين) جاوز التسعين ، هو أمر تافه وليس بالخطير في الحقيقة ، ولا يعني شيئا سوى ان رجلا في التسعين اي بعد معدل سن الموت بعشرين سنة ، مات على فراشه وحتف انفه وقد افنى حياته بعيشة طيبة وسيرة فيها الحسن وفيها غيره مثله مثل كل البشر الاسوياء ، لم يكن فيلسوفا يعنينا ولا شاعرا يبكينا ولا محسنا يغنينا ولا قائدا يحمينا ولا فنانا يسعدنا بل ولا حتى لاعب كرة يسلينا ، ليس له في حياتنا اليومية اثر او كثير خبر ، ولن يضر امر انتشار التعازي وكثرة المحزونين (على غير منطق مفهوم او سبب معلوم )
انا وانت قد لانستسيغ ولا نفهم لماذا يكتب مواطن عراقي عادي (لا بالعير ولا بالنفير) تعزية طويلة مليئة بالالم والدعاء وماشابه لأمير بلد اخر مات في التسعين ! لاتدري،، هل لمجرد ان هناك راي عام سابق ضد بلده او بين البلدين فيريد ان يظهر الاختلاف او يكايد احدا او يخاف ان يشتم صدام ويعوض عنها بهذه -هكذا يفكر البعض فعلا فلاتستغرب- ، او “كحاجة نفسية” او او ،، احتمالات كثيرة ، كلها ليست ضارة مهما بدت غريبة او شاذة ، ولاقيمة لها في اضرار المجتمع او نفعه ولذا لانخشى منها ولا نجادل عليها.
قد تفهم وتفسر-فقط- وببساطة لماذا تعلن دولة مثل العراق الحداد على امير دويلة اخرى كانوا قد شكوا منه قبل ايام انه اغتصب كذا من ارضهم او من نفطهم او أسس لضرر لموانئهم وماشابه ، ولايفعلون ذلك على مواطنيهم الابرياء الذين يموتون غدرا وظلما وهدرا ، وحيث ليس الحداد ولا اللطم والبكاء الذي ارسله حاكمونا الثلاثة من ضروريات البروتوكولات الرسمية ، فليس من الصعب اذن فهم هذا في دولة كل رجالها الحاكمين هم اما تابعين او منتفعين او مغلوبين او مهزوزين او اعلاميين ، فليس هناك منهم رجل مستقل او حر او يمتلك رجولة يمكن ان تعول على تصرفه او حكمه او تُصدم منه . فما يأتي منهم اغرب ،، ورحم الله الامير .