23 ديسمبر، 2024 9:42 م

التعابير الخاطئة في السياسة

التعابير الخاطئة في السياسة

في حفلة التكفير الطائفي في ملعب القاهرة للاخوان وجماعات التكفير السلفي,قدم مرسي الرئيس المصري رؤوس الشيعة في قرية ابو النمرس في الجيزة فداء وعربون تحالفه مع السلفية الوهابية,ظنا منه انها الورقة الاخيرة التي ستصرف الانظار عن مشاكل المجتمع المصري المتفاقمة, لكنه خسر الجولة وسقطت سمعته وسمعة الاخوان في الحضيض,فعاد كما يقول هيكل ليعبر كل الخطوط المعقولة والغير معقولة التي تحضر على اي رئيس دولة ان يقع فيها,عبر شخصنة الخلاف والتخبط بذكر اسماء وعناوين حكومية واعلامية ومجتمعية مهمة في خطابه التكفيري,قبل الجولة القاضية يوم 30يونيو في ثورة تصحيح الديمقراطية.
العراق ايضا يقع احيانا في مطب الاخطاء الاستراتيجية عبر تسويق تعابير غير مدروسة بعناية تعطي اشارات خاطئة للجهات المعنية,يكرر رئيس الوزراء العراقي المالكي وفي اكثر من مناسبة ان العراق ضد سياسة المحاور!
وهذه العبارات تعطي انطباعا خطيرا عن مخاوف الحكومة من المحاور والتحالفات المواجهة له,في حين وعلى سبيل المثال السعودية تركيا وقطر, والعديد من دول الخليج الداخلة في تحالف معلن ضد العراق وسوريا, تتهم العراق بانه متحالف مع سوريا وايران,في حين انها تقاتل بشراسة في العراق وسوريا منذ سنوات.
هناك اساليب وتعابير حكومية لاتخدم الاغراض والاهداف المرجوة عبر الافصاح عنها,وكما يقول المتصوفة التلميح اقوى من التصريح,السياسيين العرب هم بحاجة الى كابينة استشارية متقدمة ثقافيا وعلميا واكاديميا,حتى لاتقع الشعوب ضحية كشف الاسرار الوطنية والقومية للاخر, دون ان يشعر بها المسؤول,ثم متى كان العالم بعيدا عن سياسة المحاور ,وتاريخه القديم والحديث مليئ بالتحالفات منذ قرون, بل حتى التاريخ العربي البدوي القبلي كانت دعاماته الاساسية التحالفات والمحاور ,
بينما نجد ان التعابير الغربية الاكثر اتزانا من الفترة البوشية الامريكية نسبة الى بوش الابن,التي اتسمت بالفقر الثقافي والسياسي,واصبحت مثار سخرية المثقفين والكتاب الامريكان قبل غيرهم من مثقفي العالم الحر,ايضا عكست ردود افعال ساخطة على مقولة اما معنا او ضدنا,او ان الله اختار بوش لتحرير الشرق من الاستبداد والظلم,تماما كقصة صدام التي لاتختلف كثيرا حول سبب احتلاله للكويت.
التعابير السياسية الخاطئة ترسل احيانا رسائل محلية ودولية,والاثنين لهما تاثيراتهما المختلفة,خطاب مرسي التكفيري وقطع العلاقات مع سوريا فيها اشارات محلية وخارجية,ادت الى تفاعل شعبي ساخط على محاولة ارضاء التيارات السلفية المصطفة الى جانب مرسي  هذا من جهة,والانخراط في المشروع الارهابي الامبريالي من جهة اخرى ,التي قادته قطر قبل انتقال السلطة الى ولي العهد القطري الجديد تميم ,وطرده لشيخ الفتنة الوهابي القرضاوي من قطر,وعودة الملف السوري او ملف معالجة الهلال الشيعي الى السعودية,تسببت هذه العبارات السياسية الفقيرة للكياسة والحنكة العصرية المتمدنة , برد فعل اعلامي وشعبي مصري غير مسبوق,وهو ينم عن وعي الامة المصرية لمثل تلك المؤامرات وخبرتهم الثقافية في تحليل وفك رموز التعابير السياسية لمجمل خطابات مرسي البدائية.
نتمنى من المسؤولين السياسيين العرب ان يتعلموا ان الاندفاع نحو الواجهة والارتجال في الخطابات السياسية امر ليس سهلا,بل قد يجر البلاد والسياسيين انفسهم الى مواقف محرجة واحيانا خطرة.