18 ديسمبر، 2024 6:52 م

التظاهر والتخريب متضادان لا يجتمعان إلا في العراق

التظاهر والتخريب متضادان لا يجتمعان إلا في العراق

كفل دستور العراق الجديد، الذي شُرِع بعد عام 2003 حق التظاهر السلمي.. من حق المواطن ان يعبر عن رأيه بحرية تامة دون المساس به، في مطالبة الحكومات في تلبية مطالبه المشروعة، شريطة عدم الإخلال بالأمن العام للبلاد أو المساس بالممتلكات العامة والخاصة.

أنطلقت شرارة المظاهرات الشعبية من محافظة البصرة الفيحاء، رئة العراق “البقرة الحلوب” التي تغذيه بالخيرات، بسبب تردي واقع الخدمات فيها، هذه المحافظة التي تعيش حالة من الاهمال الشديد من قِبل الحكومات التي تعاقبت على إدارتها لعقد ونيف.. التحق بركب البصرة المحافظات الأخرى من وسط وجنوب العراق لنفس السبب والعاصمة بغداد ليست هي الافضل من ذلك، بسبب سوء الأدارة الذي نتج عنها غياب شبه تام لمستلزمات الحياة الطبيعية، لأنعدام الخدمات على مستوى نطاق واسع، التيار الكهربائي اصبح حِلم الأسرى العراقية وماء الأسالة الذي يعد لتلك المحافظات اشبه بنهر جارٍ من الجنة وتعبيد الطرق بمادة القير ونقص حاد ليس في الدواء انما في الخدمات الأخرى، التي من واجب الحكومة تزويدها للمواطن دون ان يطالب بها، لانها حقوق مشروعة نص عليها الدستور العراقي في توفيرها ومن ضمن تلك توفير سكن كريم قدر الامكان مع حياة تُصان فيها الكرامات.

التظاهرة؛ حالة صحية تدل على وعي المواطن وترسيخ مفهوم المواطنة والديمقراطية معاً، المظاهرة من أجل الحقوق بطريقة سلمية رسالة حضارية تبعث رسائل اطمئنان للحكومة، نحن جزء من الوطن نطالب بحقوقنا التي تم كتابتها بِأيديكم وشرعت لأجلها القوانين وتم التصويت عليها من قِبل ممثلي الشعب في مجلس النواب، لكنها غيبت بعد مضي خمسة عشر عاماً على العراق الجديد.

قلوبنا معك وسيوفنا عليك! متضادان لا يجتمعان الماء والنار، إلا في العراق قد أجتمعا معاً، متمثلةً في المظاهرات الاخيرة التي جرت في البلاد من أجل نيل الحقوق المشروعة مع عنصر التخريب الذي رافق المتظاهرين، يد ترفع شعار المحرومية من أبسط مستلزمات الحياة التي تحاكي المواطن، ويد أخرى تحمل معاول التدمير في مؤسسات الدولة، التي مورست من قِبل عناصر مأجورة “الفاسدين والبعثيين”، هدفها حرف مسار المظاهرة السلمية عن أهدافها النبيلة لمآرب شخصية، تابعة لأجندات داخلية وخارجية هدفها النيل من العراق برمته، لاعادته إلى المربع الاول المتمثل بالفوضى السياسية والفراغ الدستوري، الذي يعمل عليه تُجار الازمات وأعداء العراق في خلط الأوراق، من أجل عدم محاسبة المتورطين في هدر المال العام، الذي أستبيح على يد المقامرين طيلة فترة تسنمهم للمناصب.