23 ديسمبر، 2024 8:43 م

التظاهرات وسيكولوجية السلطة و تنظيم القاعدة ألارهابي

التظاهرات وسيكولوجية السلطة و تنظيم القاعدة ألارهابي

تبنى تنظيم القاعدة ألارهابي عملية أغتيال الشهيد عيفان العيساوي في الفلوجة مبررا ذلك ألاغتيال نتيجة خيانته بزعمهم الباطل وهي شهادة على وطنية المرحوم النائب العراقي عيفان العيساوي , كما تبنى هذا التنظيم التكفيري ألارهابي دعمه لتظاهرات ألانبار ونينوى وصلاح الدين , وهي رسالة لآخواننا في هذه المحافظات العزيزة أن يفوتوا الفرصة على هذه المجموعات المارقة على الدين والوطن والتي تبحث عن السلطة بوسائل تدميرية لاأخلاقية ولا أنسانية ولا حضارية , والمطلوب من أخواننا   أن يضعوا حدا للجزع الذي لا أجر فيه من خلال الحوار الذي كان ولايزال وسيبقى طريق الوصول الى الحلول العقلانية .
التظاهرات ظاهرة سياسية بعضها مطلبية بحتة مثل : حقوق العمال والمزارعين , أو حقوق المعلمين والطلاب , أو التظاهر من أجل الخدمات مثل الكهرباء أو التظاهر نتيجة تردي الخدمات البلدية خصوصا بعد ألامطار والفيضانات والسيول التي تجرف منازل الناس وممتلكاتهم , أو التظاهر من أجل  حقوق المرأة التي تصادرها بعض ألانظمة الى درجة منعها من ألانتخاب وقيادة السيارة ؟
ولكن التظاهر الذي يتخذ طابع ألاحتجاجات الشديدة اللهجة وألاعتصامات غالبا مايكون لتغيير السلطة , وتظاهرات المدينة المنورة أيام الخليفة عثمان بن عفان ” رض ” والتي أنتهت بمقتله وحدوث الفتنة التي قال عنها ألامام علي عليه السلام :” والله ماأنكروا علي منكرا , ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا , وأنهم ليطلبون حقا هم تركوه ودما هم سفكوه ” ؟
ثم وصف ألامام علي عليه السلام تلك الفتنة بأدق وصف خلده التاريخ حيث قال :” وأنا جامع لكم أمره , أستأثر , فأساء ألاثرة , وجزعتم فأسأتم الجزع , وللله حكم واقع في المستأثر والجازع ” – نهج البلاغة –ج1ص 71-
ونحن اليوم نقول لمن في الحكم ” لاتستأثروا ” ونقول لمن يتظاهر ” لاتجزعوا ” فحكم الله واقع فيمن يستأثر وفيمن يجزع ؟
ومادام أغلب التظاهر يتخذ من المساجد منطلقا لاسيما أيام الجمعة وهي سيدة ألايام , فليكن المسجد مرجعا في مطالبنا وحواراتنا , لآننا نرى ونسمع ما لاينطبق ومرجعية المسجد في العدل وألاحسان ومفهوم ” قولوا للناس حسنا ” غير متحقق , وأنما المتحقق مظاهر العصبية , وأستحضار المفردات الطائفية , وبين هذه وتلك يجد المتربصين بالعراق فرصتهم , ويحظى أصحاب النوايا السيئة بضالتهم ؟
ومادام بعض المتحدثين والخطباء من المشايخ المعممين , فنرجو أن لاتتحقق مقولة من قال أبعدوا المعممين عن تجمعاتكم تستريحوا من الفتن ؟
والتظاهرات عبر التاريخ سواء في أمتنا أو في ألامم ألاخرى , بأستثناء المطلبية منها , فأنها تظاهرات من أجل السلطة , دوافعها ووسائلها تصب في السعي من أجل السلطة والسلطة وحدها , وألاستثناء نادر وقليل ؟
والتظاهرات اليوم في العراق وفي المنطقة تتمحور حول السلطة والسلطة فقط , ولذلك يغيب عنها الحوار , وعندما تتعطل لغة الحوار فالقتال هو البديل القهري والحرب تفتح ذراعها لمن يرفض الحوار .
وعندما نتكلم عن سيكولوجية التظاهر , أنما نريد أن نرصد المواقف من خلال : الشعارات والهتافات , والبيانات , والمطالب , ثم نراقبها من حيث الزمان والمكان وألانسان ” أي نوعية ألافراد المشاركين والداعين والمتحدثين ” ثم ندرس البيئة التي تحتضن التظاهرات
فنجدها في بعض ألاماكن بيئة حاضنة للآرهاب , بيض وفقس وأخرج أفراخا لاتعرف ألا بضاعة الموت والسعي للسلطة بأي ثمن غير أبهين بالدمار وأزهاق ألارواح , وتهجير الناس , وتدمير المدن والممتلكات , كل ذلك نتيجة عقدة السلطة , فهم عندما يختلفون مع ” حاكم ” أو ” حزب سياسي ” لايختلفون من أجل الحقوق والحرية والعدالة وأن رفعوا لذلك شعارا , فهم عندما يقتلون , ويغتالون , ويذبحون , ويغتصبون , ويدمرون ويخربون كل ما في طريقهم , أنما لايحفظون الحقوق , ولا يحققون حرية ولا يؤسسون لعدالة , فهم بذلك يرفعون من رصيد الحاكم الظالم حينما يبدو للناس أرحم منهم ؟
وهم يغطون على أخطاء وزلات المخطئين من أهل السياسة والحكم , لآن أفعالهم وأعمالهم فيها من الشناعة ما لايقارن بأعمال ألاخرين من الذين يناصبونهم العداء والخصومة ؟
ومن هنا نقول لمن يتظاهر أو يريد أن يتظاهر : لكم الحق في أن تتظاهروا , ولكن أحذروا أن يكون معكم وبين صفوفكم من أنتموا الى مجاميع ألارهاب والكراهية والتكفير , فهؤلاء جبلوا على الجزع وأمتطاء هول الظنون والشبهات فتقحمت بهم المنون حتى تدخلهم النار ؟
ولا تبرروا لآنفسكم وجود ألاخطاء فيمن حكم أو فيمن تظاهر من غيركم , فللله حكم فيكم وفيهم , ولكن الذين مردوا على أستحلال حرمات النفس التي حرم الله قتلها ألا بالحق ثم أضافوا بدعة ” الذبح ” و ” ألاغتصاب ” والسعي للسلطة بأي ثمن مما جعل يهود بني أسرائيل الذين عرفوا باللئم والحقد والكراهية على الناس يمتدحون أرهابي هذه ألامة لا لشيئ ألا لآنهم عرفوا : أن بواسطة هؤلاء ألارهابيين التكفيريين تنقسم البلاد وتشيع الفتنة ويتفكك المجتمع ؟
فلماذا لانصحو من غفلتنا , ولا ننهض من كبوتنا , ونراجع أنفسنا , ونثيب الى رشدنا ونتصالح مع ذواتنا , ونصلح ذات بيننا , ونمضي لبناء مجتمعنا ووطننا حتى نعود أمة لها وجود تحت الشمس , لايستغلنا ماكر , ولاينفرد بنا طامع , ولايشمت بنا حاقد .
وسوف نرى أن الذين أخطأوا منا ولم يكونوا من ألارهابيين , يمكن التعامل معهم وتجاوز أخطائهم على قاعدة ” أنما التوبة على الله للذين عملوا السوء بجهالة …” وأن الذين جندوا أنفسهم للآرهاب وأصروا على ذلك تطبق بحقهم القاعدة الحكيمة :” قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ” وكفر ألارهاب مشمول بالاية القرأنية الكريمة ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ”  وقد ترجم ألامام علي عليه السلام ذلك بقوله : ” أذا شغب شاغب أستعتب , فأن أبى قوتل ” .
وسيكولوجية السلطة عند المجاميع ألارهابية اليوم لم تعد خافية ولاتحتاج الى دليل وهم المنتشرون في الكثير من التظاهرات التي تعم المنطقة ومنها العراق , ومن أولى صفاتهم وأخصها : رفضهم للحوار مع من يختلفون , والهتافات التي سمعت في بعض التظاهرات في العراق والتي تقول :” أعتصام … أعتصام , حتى أسقاط النظام ” هي هتافات تنتمي للفريق الذي يرفض الحوار , وهذه عدوى مرضية يختفي ورائها فيروس ألارهاب القاتل ؟
أن المطالبة بالحقوق وألاصلاحات شيئ , وأسقاط النظام شيئ أخر , فالمطالبة بالحقوق حق مشروع للجميع سواء كانوا أفرادا أو جماعات وهو مضمون دستوريا , ولكن أسقاط النظام النتائج عن ألانتخابات حتى وأن كانت مزورة , فهو ليس حقا لجماعة دون جماعة وأنما هو حق للشعب الذي أنتخب يمارسه من خلال باب ألانتخابات , وليس التسقيط عبر الشارع لما في ذلك من فتنة لاتحمد عقباها , ولذلك ظهرت مظاهرات تؤيد النظام وهذا مما يؤدي للآنقسام والفرقة التي تفتح باب الفتنة , ويستعصي ألاصلاح ؟
وعندما نتحدث بهذه اللغة التحليلية , سنجد من يرمينا بتهمة التستر على أخطاء الحكم وهي تهمة ليس لها نصيب من الموضوعية والحق , لآن من أطلع على كتاباتنا المنشورة في أكثر من موقع ومن شاهد لقاءاتنا الفضائية ,  يعرف جيدا كم بذلنا جهدا في تشخيص أخطاء الحكم وفساده بعيدا عن العداء الشخصي والتشهير والتسقيط الذي درج عليه البعض ولم يكن من منهجنا .
ومن الحق وألانصاف كذلك أن نبين أنه لم تكن المجاميع ألارهابية وحدها تسعى للسلطة من وراء التظاهر وألاحتجاج , وأنما كان هذا السلوك هو ديدن أغلب ألاحزاب أن لم تكن كلها , فشعار للحزب الشيوعي أبان فترة حكم عبد الكريم قاسم كانت على الشكل ألاتي :
” عاش زعيمي .. عبد الكريم …. حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي ؟
ثم كان حزب البعث مستميتا على السلطة وهو من أحدث مجازر ” 8 شباط ” عام 1963 وتصفيات مابعد أنقلاب عام 1968 التي تكللت بتصفيات الحزب لآفراده عام 1979 ثم قرار أعدامه لآفراد حزب الدعوة عام 1980 بالقرار المشئوم رقم 156 في 31|3|1980
ويتذكر من عاش تلك الفترة ماقاله صالح مهدي عماش شعرا :-
من قال كفرا وألحادا بمنهجنا ….. فمنهج البعث بعث الروح والقيم ؟
وأول النادمين على مثل هذا القول الجزافي الذي يهيم في وديان التيه والضياع هو صالح مهدي عماش نفسه عندما رأى التصفيات تصنع مجازرا للمواطنين وأفراد الحزب من المعترضين .
وكل ألاحزاب الدينية كانت تسعى للسلطة , بعضها بأعتدال وبعضها مال للتطرف , والتطرف يدخل في باب الجزع , والجزع مرفوض , لذلك لانريد للمتظاهرين من أبناء الوطن أن يصابوا بالجزع , فتكون أخطاؤهم كمن أستأثر بالحكم ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]