23 ديسمبر، 2024 7:45 م

التظاهرات وحدود الحلم الوطني …..!

التظاهرات وحدود الحلم الوطني …..!

تنامت صرخات الفقر والحرمان المكبوتة فأنطلقت مظاهرات صاخبة في البصرة ، ولم تكن سحابة صيف ، بل دماء تضج بالغضب أمطرتها أحلام الشاب منتظر الحلفي ، يوسف البصرة أرداه ذئب السلطة قتيلا ..!ً فأيقظ الشعب على حقيقة أن فقرهم ويأسهم وأحزاب اللصوص والطائفة لاتعطي لهم سوى القتل، بعد أن تنتهي من إبتلاع ثرواتهم وحقوقهم وحرياتهم …!
استفاقت أيضا مرجعية النجف الأشرف ، بدرجة حزم وحذر شديدين ، لأن كل شيء صار على وشك الضياع ، والبلاد تتجه نحو الإنفجار والغضب، والخوف من تكرار السيناريو السوري أو الليبي ، كل الإحتمالات كانت قائمة ولم تزل ..!
تصاعدت التظاهرات في المدن المثقلة بالعوز والجوع والأمراض ، مدن العمق الشيعي ومواكب اللطم والعزاء صارت مواكب إحتجاج وعويل لأنهم لم يحصلوا على رغيف خبز لجوعهم ،أو علبة دواء لأمراضهم ،أو أجور دفن قتلاهم في سبايكر وجبهات الهزيمة لجيش المالكي وأحزاب بغداد المترفة بأنواع مظاهر البذخ والثراء الفاحش والحمايات الفاشستية والمواكب الإستعراضية الهارونية …!؟
فساد ينمو وينتج حكومة وبرلمان وأحزاب ومؤتمرات وثقافة في مشروع تعّهر واستهتار لامثيل له في تاريخ الجنون السياسي ، يقابله بشر تُباد تحت اقدام الفقر والسرطانات والجوع والبطالة والجريمة وداعش ومليشيات ترعب البشر…!
ولاحياة ولاثمن سوى دموع تراق في زيارات عاشوراء ولطم يخفف عن تعذيب الذات وإستسلامها لمعممين مخادعين ودعاة مزيفين وشعارات كاذبة عن حب الحسين وتوزيع فتات الطعام بمواكب الأربعين ، أدوار متقنة لحيتان المال والسلطة وإدائهم المتفوق على اشهر كتاب الدراما ، ونجحوا بخديعة الجمهور العاطفي ، لكن الجوع والأوجاع كانت ترنو بعيون حزينة نحو إتجاه آخر .
إجتمعت إرادة الفقراء مع المحرومين مع المثقفين والواعين مع الحالمين بعراق سلام وأمان وحرية ، أجتمعت بتحدي سافر لكل انواع البشاعة لحكومة فاسدة ساقطة ، شخوصها من عتاة الإنحطاط والتاريخ المخزي والحاضر الغارق بالفسوق ، تظاهرات أشبه بلهيب سخونة هذا الصيف القائظ صارت تتنامى وتنتشر مثل بركان ناري متواصل بتفجراته في اوساط جماهير المدن المهملة ، وآلاف من البشر تخرج بصراخ متشابه بالجرح والوجع ، آلاف ثم آلاف من بغداد والبصرة وموج بشري مرعب يخرج من الناصرية ، وكربلاء والنجف والديوانية والحلة والسماوة والعمارة والكوت ، ثورة مليونية أعلنتها مدن الفقر الشيعي في منعطف زمني يعد الأسوأ في تاريخ العراق .
أعلنت المرجعية أوامرها بالتغيير الحاسم والفوري ، ونهض الرجل حيدر العبادي رئيس الوزراء المرهق ، يحاول إيجاد إجراءات إصلاحية وطرح صفحة مقبولة من برنامج إصلاحي، وأوعد بصفحات أخرى ، لكن الفساد تكلّس واصبحت له جيوش ومرتزقة وقتلة ومصالح تمتد لدول الجوار ، الفساد بالعراق جرائم مشتركة ومنظومات مترابطة مع بعضها ، سقوط جزء منها يعني سقوط الكل ، هذا السؤال يقلق كل القوى السياسية المتصدية للسلطة في أثنى عشر عاما ، ويجعل الإصلاح اشبه بالمستحيل أزاء أضخم جريمة فساد في التاريخ .
الفساد يدافع عن نفسه مثل اي كائن طفيلي ، فوضع ترتيبات جهنمية لإحتواء هذا الغضب والشهية العارمة للإصلاح ، وتوافقت الحكومة مع البرلمان في تأييد قرارات الإصلاح والدعم الكاذب لإحتجاجات الشارع الغاضب واعلن البعض استقالته وهرب الاخر وإجراءات عزل وتقاعد ، وكلام صاخب عن إصلاحات وثورات إدارية ، لكن لم يحدث شيئا ً ملموسا ً، يعبر عن منهجية إصلاح سياسي إقتصادي سليم وفاعل ..!
الآن وبعد ثلاث أسابيع تبدو المعركة بين أحزاب السلطة وكارتلاتها من جهة ، وجماهير الشعب ومظاهراته من جهة أخرى ، تدخل منعطف المواجهة متعددة الأساليب والخطوط ، بيانات تهديد المتظاهرين والإعتداء عليهم وسط أنظار العامة والقوى الأمنية ، محاصرة وسائل الإعلام ، وإنتشار الحديث والتحذير من دولة مدنية وحكم لاديني يدعو له مرتزقة ووعاظ السلاطين وحيتان السلطة والثروة ، فتور وتأجيل اشبه بالتنصل من قبل العبادي ، تخفيف لهجة الإصلاح من قبل مرجعية النجف الأشرف .
ماهي آليات ومقترح الأفكار لمشروع تظاهرات الشعب ، وطموحه نحو إصلاح وطني يكرس حلم العراقيين بدولة العدل والديمقراطية والحقوق المكفولة للجميع .؟ هذا موضوع قراءتنا ليوم غد .
[email protected]